محادثات مسقط.. أسر العاملين الإنسانيين باليمن تضغط لكشف مصير أبنائها المعتقلين
محادثات مسقط.. أسر العاملين الإنسانيين باليمن تضغط لكشف مصير أبنائها المعتقلين
خرجت أصوات أسر العاملين في المجال الإنساني المحتجزين والمختفين قسراً في اليمن بنداء عاجل يعكس حجم الألم والقلق الذي يعيشه هؤلاء منذ شهور طويلة، في ظل المشاورات اليمنية الجارية في العاصمة العمانية مسقط، حيث وجهت رابطة أسر العاملين الإنسانيين المعتقلين رسالة مباشرة إلى رعاة المشاورات، مطالبة بموقف حازم يضع حداً لمعاناة إنسانية مستمرة، ويضغط بشكل واضح على ميليشيا الحوثي للكشف عن مصير المحتجزين والإفراج عنهم فوراً ودون أي شروط.
أكدت الرابطة في بيان لها، اليوم الاثنين، أن استمرار احتجاز أقاربهم وحرمانهم من أي تواصل معهم، إلى جانب الغياب التام للمعلومات المتعلقة بأوضاعهم الصحية والنفسية وأماكن احتجازهم، يمثل انتهاكا جسيما لا يمكن تبريره تحت أي ظرف.
وأشارت إلى أن الأسر تعيش حالة دائمة من القلق والخوف، حيث تمر الأيام والليالي من دون خبر أو رسالة تطمئن القلوب على سلامة أبنائهم، في مشهد إنساني قاسٍ يثقل كاهل العائلات نفسياً واجتماعياُ.
مسؤولية قانونية وأخلاقية
حمّلت الرابطة ميليشيا الحوثي المسؤولية القانونية والأخلاقية الكاملة عن سلامة المعتقلين، مؤكدة أن أي مكروه قد يصيبهم يقع ضمن هذه المسؤولية المباشرة، وشددت على أن احتجاز العاملين الإنسانيين، الذين كرسوا جهودهم لخدمة المدنيين وتخفيف معاناتهم، يعد انتهاكاً صارخاً للقيم الإنسانية ولمبادئ القانون الدولي الإنساني الذي يكفل حماية العاملين في المجال الإغاثي.
مطالب واضحة في مسقط
طالبت الرابطة رعاة المشاورات بإلزام وفد الحوثيين بالكشف الفوري عن مصير جميع المحتجزين، وتمكين ذويهم من زيارتهم والاطمئنان عليهم، وصولاً إلى الإفراج عنهم دون أي قيد أو شرط، وأكدت أن معاناة الأسر لم تعد تحتمل مزيداً من التأجيل أو الوعود التي لا تترجم إلى خطوات عملية على الأرض، مشيرة إلى أن كل يوم تأخير يفاقم الألم ويعمق الجراح الإنسانية.
في رسالتها، لم تكتفِ الرابطة بتوجيه النداء إلى أطراف المشاورات فحسب، بل حمّلت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والبعثات الدبلوماسية مسؤولية مباشرة تجاه موظفيها وشركائها المحتجزين، ودعت هذه الجهات إلى القيام بدور فاعل وحاسم يضمن حمايتهم وإنهاء احتجازهم، مؤكدة أن الصمت أو الاكتفاء بالبيانات العامة لا ينسجم مع الواجبات القانونية والأخلاقية التي يفترض أن تتحملها هذه المؤسسات.
الملف الإنساني
يأتي هذا النداء في وقت تشهد فيه الساحة اليمنية محاولات متجددة لإحياء المسار السياسي، وسط آمال حذرة بإمكانية التوصل إلى تسوية تخفف من معاناة الشعب اليمني خاصة في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، غير أن أسر المعتقلين ترى أن أي تقدم سياسي لا يضع ملف المعتقلين والمخفيين قسرا في صدارة الأولويات يظل ناقصاً ومهدداً بالفشل، وتؤكد الرابطة أن العاملين في المجال الإنساني يجب أن يكونوا خارج أي تجاذبات سياسية، وأن الإفراج عنهم يمثل خطوة إنسانية عاجلة لا تحتمل المساومة.
تعكس رسالة الرابطة حالة من الإحباط المتراكم جراء غياب الحلول الملموسة، لكنها في الوقت نفسه تحمل أملا في أن تجد صداها لدى صناع القرار. فالأسر، التي طال انتظارها، تطالب اليوم بأن يتحول التعاطف اللفظي إلى ضغط حقيقي يفضي إلى نتائج ملموسة، ويعيد لأبنائها حريتهم وكرامتهم.
يشهد اليمن منذ سنوات صراعاً مسلحاً معقداً أدى إلى واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حيث يعتمد ملايين المدنيين على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة، وفي هذا السياق، لعب العاملون في المجال الإنساني دوراً محورياً في تقديم الغذاء والرعاية الصحية والخدمات الأساسية للسكان المتضررين، غير أن النزاع المستمر أفرز أيضا حالات اعتقال وإخفاء قسري طالت عددا من هؤلاء العاملين، ما أثار إدانات حقوقية متكررة، ومع انطلاق مشاورات مسقط لإعادة تحريك العملية السياسية، تتصاعد المطالب بإدراج ملف المعتقلين، ولا سيما العاملين الإنسانيين، ضمن أي تفاهمات قادمة، باعتباره اختبارا حقيقيا لجدية الأطراف في احترام القيم الإنسانية وبناء سلام مستدام.











