جمعيات نسوية بالجزائر ترفض الاعتداء على جمعية الكرامة وتتمسك بالدفاع عن المرأة
جمعيات نسوية بالجزائر ترفض الاعتداء على جمعية الكرامة وتتمسك بالدفاع عن المرأة
أدانت مبادرة "غداً أفضل" وعدد من الجمعيات النسوية في الجزائر الاعتداء على مقر جمعية الكرامة لتنشيط المرأة والدفاع عن حقوقها بمدينة عين وسارة بأشد العبارات، معتبرةً أن ما جرى مساس مباشر بحق النساء في العمل والتدريب والعيش بكرامة، وأكدت أن تمكين المرأة اقتصادياً واجتماعياً ليس تهديداً للمجتمع، بل أحد ركائز استقراره وتماسكه، كما نصّت عليه السياسات العمومية واللقاءات الرسمية المتعلقة بمناهضة العنف ودور المرأة في التنمية.
وبحسب ما أوردته وكالة أنباء المرأة، اليوم الأربعاء، شهد مقر جمعية الكرامة لتنشيط المرأة والدفاع عن حقوقها بمدينة عين وسارة في الجزائر، صباح يوم الجمعة الماضي اعتداءً طال معدات التدريب المهني، ما أدى إلى تعطيل ورشات حيوية تهدف لتمكين النساء اقتصادياً واجتماعياً، وتضمن الاعتداء كسر باب المقر والدخول إليه بطريقة وحشية، وأسفر عن إتلاف أربع آلات خياطة، في حين عُثر على ثلاث آلات مخبأة خلف المبنى في مكان معزول، إضافة إلى تسجيل أضرار في آلة أخرى داخل المقر.
أدى الاعتداء إلى تعطيل برامج التدريب الحرفي التي تعتمد عليها عشرات النساء في مسارهن نحو الاستقلال الاقتصادي، وهو ما أثر بشكل مباشر في مصدر دخل ودعم اجتماعي لعدد من الأسر، وجاء هذا الحادث بعد يومين فقط من اختتام الجمعية ملتقى نسوي حول قانون الأسرة في الجزائر، ما يثير تساؤلات حول ما إذا كان التخريب مجرد فعل عابر أو رسالة تستهدف نشاطات تمكين المرأة ورفع الوعي القانوني والاجتماعي.
أبعاد الاعتداء النفسي
ووصفت الجمعيات النسوية ما حدث بأنه شكل من أشكال العنف المادي والمعنوي والنفسي والاقتصادي، لما خلفه من خوف وتعطيل لمصادر الرزق وتأثير مباشر في استقرار النساء في أوضاع هشّة. ورغم ذلك، شددت على أن مقاومة مسارات التمكين لن تثني الفاعلات الجمعويات عن مواصلة عملهن، مؤكدة التزامهن بالمضي قدماً في دعم النساء والمجتمع المحلي.
ووصفت جمعية الكرامة الاعتداء بالفعل الجبان، مشيرة إلى أنه استهدف رسالتها الإنسانية والاجتماعية قبل أي معدات، وأكدت الجمعية أن نشاطها سيستمر في الجزائر رغم الصعوبات والضغوط، مشددة على أن رسالتها تتعلق بتمكين النساء ودعمهن اقتصادياً واجتماعياً، ولن تثنيها أي محاولة للتخريب عن أداء مهامها التنموية.
ومن جانبها، باشرت الجهات الأمنية المعنية معاينة الموقع وفتح تحقيق لتحديد ملابسات الاعتداء، مع الدعوة إلى اتخاذ إجراءات عملية لتأمين جمعيات المجتمع المدني، ويأتي هذا ضمن مسؤوليات السلطات المحلية في حماية المقرات التي تقدم خدمات حيوية للمجتمع وضمان سلامة النساء العاملات في هذا المجال.
نداءات لتوفي الحماية
في ختام مواقفها، وجهت الجمعيات النسوية وجمعية الكرامة نداءً إلى السلطات المحلية بمدينة عين وسارة وولاية الجلفة لتوفير الحماية اللازمة ومقر دائم وآمن يضمن استمرارية النشاط الجمعوي في ظروف تحفظ سلامة النساء والتجهيزات، وتمكّن الجمعية من مواصلة دورها التنموي والاجتماعي في المجتمع.
تعمل جمعية الكرامة منذ سنوات على دعم المرأة وتمكينها اجتماعياً واقتصادياً في مدينة عين وسارة، عبر تقديم برامج تدريب مهني وورشات تعليمية تعزز استقلاليتها وتوفر مصادر دخل مستدامة لعدد من الأسر، ويعكس الاعتداء الأخير تحدياً أكبر أمام نشاطات الجمعيات النسوية في الجزائر، في وقت تزداد فيه الحاجة إلى حماية حقوق المرأة وتشجيع المبادرات التي تدعمها، وتؤكد منظمات المجتمع المدني أن الاستهداف المباشر لهذه الجمعيات يشكل تهديداً لمبادئ الحماية الإنسانية ويضعف جهود التنمية المستدامة في المجتمعات المحلية، ما يستدعي تدخل السلطات لضمان بيئة آمنة للعمل الجمعوي وتمكين النساء من مواصلة دورهن الحيوي.
تحظى قضايا حقوق المرأة في الجزائر بحضور متزايد في وسائل الإعلام الوطنية، التي تواكب تطور الأطر القانونية والنقاشات المجتمعية المرتبطة بدور المرأة في الحياة العامة، وتشير التغطيات الإعلامية إلى أن الجزائر حققت خلال السنوات الماضية تقدماً ملحوظاً في مجال التشريعات، ولا سيما ما يتعلق بحماية النساء من العنف وتعزيز مشاركتهن في سوق العمل والحياة السياسية، مع استمرار الجدل حول قوانين الأسرة وسبل تحديثها بما ينسجم مع التحولات الاجتماعية.
وفي هذا السياق، يبرز نشاط المجتمع المدني بوصفه فاعلاً أساسياً في الدفاع عن حقوق المرأة، حيث تنقل الصحف والقنوات الجزائرية مبادرات الجمعيات النسوية وبرامج التمكين الاقتصادي وحملات التوعية القانونية والنفسية، خاصة في المناطق الداخلية، كما تعكس التغطيات الإعلامية تحديات قائمة، أبرزها الفجوة بين النص القانوني والتطبيق الميداني، والضغوط الاجتماعية التي تواجهها النساء الناشطات، ما يجعل دور المجتمع المدني والإعلام معاً محورياً في إبقاء قضايا المرأة ضمن أولويات النقاش العام وتعزيز ثقافة الحقوق والمساواة.











