إهمال علاجي وظروف قاسية تهدد حياة صحفي فلسطيني داخل سجون إسرائيل

إهمال علاجي وظروف قاسية تهدد حياة صحفي فلسطيني داخل سجون إسرائيل
الصحفي مؤمن الحلبي

يواجه الصحفي الأسير مؤمن الحلبي من قطاع غزة ظروفا اعتقالية بالغة القسوة داخل سجن جانوت المعروف باسم رامون، في ظل تدهور صحي متسارع ناجم عن سياسة إهمال طبي متعمد، بحسب ما أفاد به مكتب إعلام الأسرى، اليوم الخميس.

وتثير حالته مخاوف متزايدة لدى عائلته والمؤسسات الحقوقية، في وقت تتصاعد فيه الشكاوى من أوضاع إنسانية صعبة يعيشها الأسرى الفلسطينيون داخل سجون إسرائيل.

ويعاني مؤمن الحلبي منذ عدة أشهر تجلطات في قدمه اليسرى، وهي حالة طبية تتطلب متابعة دقيقة وعلاجا منتظما لتفادي مضاعفات خطيرة قد تصل إلى العجز الدائم أو تهديد الحياة، وذكر مكتب إعلام الأسرى أن الحلبي تلقى العلاج لفترة محدودة داخل السجن، قبل أن تقدم إدارة السجن أخيرا على قطع الدواء عنه بشكل متعمد، دون تقديم بديل طبي أو إجراء فحوصات متابعة، وفق وكالة شهب الإخبارية.

وأدى هذا الانقطاع المفاجئ في العلاج إلى تفاقم حالته الصحية، حيث بات يعاني صعوبة واضحة في الحركة والمشي، إضافة إلى آلام مستمرة، في ظل غياب أي رعاية طبية حقيقية، ويؤكد متابعون لملف الأسرى أن الإهمال الطبي داخل السجون الإسرائيلية يعد أحد أخطر أدوات الضغط على المعتقلين، لما يحمله من تهديد مباشر لحياتهم وسلامتهم الجسدية.

سوء تغذية وإجراءات عقابية

لا تقتصر معاناة الصحفي الأسير على الجانب الصحي فحسب، بل تمتد لتشمل ظروفا اعتقالية قاسية على المستوى المعيشي، وأفاد مكتب إعلام الأسرى أن الحلبي يعاني من سوء تغذية عامة نتيجة رداءة الطعام المقدم وقلة كميته، وهو ما ينعكس سلبا على وضعه الصحي، خاصة في ظل حاجته إلى نظام غذائي خاص يتناسب مع حالته الطبية.

كما أشار المكتب إلى تقليص ما يعرف بالفورة، وهي الفترة التي يسمح خلالها للأسرى بالخروج إلى ساحة السجن، إضافة إلى عدم الانتظام في إخراج الأسرى، ما يحرمهم من الحد الأدنى من الحركة والتعرض لأشعة الشمس، وترافق هذه الإجراءات مع اقتحامات وقمعات دورية تنفذها القوات الإسرائيلية داخل الأقسام، تتخللها عمليات تفتيش عنيفة وبث الرعب في نفوس الأسرى.

ومع دخول فصل الشتاء، تتضاعف معاناة الصحفي الأسير مؤمن الحلبي، إذ يواجه بردا شديدا داخل الزنزانة في ظل نقص حاد في الملابس الشتوية والأغطية، ووفق مكتب إعلام الأسرى، لا يمتلك الحلبي سوى بطانيتين وجاكيت واحد، إلى جانب افتقاره إلى ملابس أساسية كافية تقيه البرد القارس.

وتعد هذه الظروف انتهاكا واضحا لأبسط المقومات الإنسانية التي يفترض توفيرها للمعتقلين داخل السجون، خاصة في ظل المعايير الدولية التي تلزم سلطات الاحتجاز بتأمين بيئة تحترم كرامة الإنسان وتحافظ على صحته الجسدية والنفسية، ويؤكد حقوقيون أن حرمان الأسرى من وسائل التدفئة والملابس المناسبة في الشتاء يشكل شكلا من أشكال العقاب الجماعي والمعاملة القاسية.

اعتداء على الحقوق الدينية

إلى جانب الانتهاكات الصحية والمعيشية، أشار مكتب إعلام الأسرى إلى وجود حرمان متعمد من توفير القرآن الكريم بشكل دائم للأسير مؤمن الحلبي، وهو ما يعد اعتداء مباشرا على حقوقه الدينية، ويؤكد متابعون أن حرية العبادة مكفولة للأسرى بموجب القوانين الدولية، وأن المساس بها يشكل انتهاكا صارخا للحقوق الأساسية للإنسان.

ويضيف هذا الحرمان بعدا نفسيا قاسيا لمعاناة الأسير، حيث تشكل الممارسات الدينية مصدر عزاء وصمود لكثير من المعتقلين في مواجهة العزلة والضغط المستمر داخل السجون ومراكز الاحتجاز الإسرائيلية.

ويرى مكتب إعلام الأسرى أن ما يتعرض له الصحفي الأسير مؤمن الحلبي لا يمكن فصله عن سياسة ممنهجة تستهدف الصحفيين والكلمة الحرة، من خلال الاعتقال والتنكيل والإهمال الطبي، في محاولة لكسر إرادتهم وإسكات الحقيقة، ويؤكد المكتب أن استهداف الحلبي يأتي في سياق أوسع من التضييق على العمل الصحفي الفلسطيني، خاصة في ظل توثيق الصحفيين للانتهاكات والاعتداءات بحق الشعب الفلسطيني.

ويحذر مختصون من أن استمرار هذه السياسات يشكل خطرا ليس فقط على حياة الصحفيين المعتقلين، بل على حرية الصحافة وحق المجتمع في الوصول إلى الحقيقة، معتبرين أن الزج بالصحفيين في السجون تحت ظروف قاسية يمثل رسالة ترهيب لكل من يحمل الكاميرا أو القلم.

دعوات لتحرك عاجل

حمّل مكتب إعلام الأسرى سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياة الصحفي الأسير مؤمن الحلبي وسلامته، مطالبا المؤسسات الحقوقية والإعلامية المحلية والدولية بالتدخل العاجل لوقف هذه الانتهاكات، ودعا المكتب إلى ضرورة إعادة العلاج بشكل فوري، وتأمين المتابعة الطبية اللازمة، وضمان حقوقه الكاملة كأسير وصحفي.

كما شدد على أهمية تسليط الضوء الإعلامي على قضيته، باعتبار أن الصمت الدولي يشجع على استمرار الانتهاكات، ويمنح الغطاء لممارسات تهدد حياة المعتقلين داخل السجون.

تندرج قضية الصحفي الأسير مؤمن الحلبي ضمن واقع أوسع يعانيه الأسرى الفلسطينيون في سجون إسرائيل، حيث تشير تقارير حقوقية محلية ودولية إلى وجود أنماط متكررة من الإهمال الطبي وسوء المعاملة والحرمان من الحقوق الأساسية، ويقبع في السجون الإسرائيلية عدد كبير من الأسرى الذين يعانون أمراضا مزمنة وإصابات خطيرة، وسط شكاوى مستمرة من نقص الرعاية الصحية وغياب الفحوصات الدورية، كما يتعرض الصحفيون الفلسطينيون بشكل خاص لسياسات اعتقال تستهدف عملهم المهني، في محاولة للحد من نقل الصورة الحقيقية لما يجري على الأرض.

وتؤكد المؤسسات الحقوقية أن القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك اتفاقيات جنيف، يلزم قوة الاحتلال بتوفير الرعاية الطبية اللازمة للمعتقلين وضمان معاملتهم بإنسانية، وهو ما يجعل من حالة مؤمن الحلبي نموذجا صارخا لانتهاكات تتطلب تحركا دوليا جادا ومساءلة حقيقية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية