"أطباء بلا حدود": تصاعد مقلق للعنف الجنسي ضد النساء والفتيات في دارفور
"أطباء بلا حدود": تصاعد مقلق للعنف الجنسي ضد النساء والفتيات في دارفور
كشفت منظمة "أطباء بلا حدود" عن تصاعد مقلق في وتيرة العنف الجنسي ضد النساء والفتيات في إقليم دارفور غربي السودان، في ظل سيطرة الميليشيات المسلحة على أجزاء واسعة من المنطقة.
وأفاد تقرير صادر عن المنظمة الطبية الدولية السبت أن فرقها عالجت 659 ناجية من العنف الجنسي في جنوب دارفور وحدها، خلال الفترة من يناير إلى مارس 2025، مشيرة إلى أن أكثر من ثلثي الضحايا تعرضن للاغتصاب، في حين أن بعض الهجمات ارتكبها عدة جناة في آن واحد وفق صحيفة "الغارديان" البريطانية.
وقالت كلير سان فيليبو، منسقة الطوارئ في "أطباء بلا حدود": "لا تشعر النساء والفتيات بالأمان في أي مكان، يتعرضن للهجوم في منازلهن، أثناء فرارهن من العنف، أو حتى أثناء جمع الحطب والعمل في الحقول، إنهن يشعرن بأنهن محاصرات بالكامل".
وأضافت المنظمة أن نحو 56% من حالات العنف الجنسي تم ارتكابها على يد عناصر مسلحة، ما يشير إلى طابع منظم ومنهجي لهذه الانتهاكات.
روايات مروعة للضحايا
وتضمنت شهادات الضحايا روايات مروعة عن قيام المقاتلين بقتل الرجال والأطفال الذكور قبل اغتصاب النساء، فيما تحدثت إحدى الناجيات، وهي ممرضة تبلغ من العمر 27 عامًا، عن تعرضها للاغتصاب العام الماضي بعد أن اتهمها المقاتلون بمساعدة الجيش السوداني.
وقالت: "كنت خائفة جدًا من الذهاب إلى المستشفى، عائلتي طلبت مني ألا أخبر أحدًا، لم أعد أشعر بالألم، لكن الكوابيس لا تفارقني."
ويُبرز التقرير حجم الخطر الذي يواجهه النساء خلال خروجهن لجمع المياه أو الطعام أو العمل الزراعي، إذ أفادت المنظمة أن ثلث النساء تعرضن للاعتداء خلال تنقلهن إلى الحقول أو أثناء حضورهن فيها.
منذ اندلاع الحرب بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية في أبريل 2023، تفاقمت الانتهاكات في دارفور، ولا سيما بعد سيطرة قوات الدعم السريع وميليشيات متحالفة معها على مدن ومخيمات نازحين، أبرزها مخيم زمزم القريب من مدينة الفاشر.
وأكدت "المبادرة الاستراتيجية للمرأة في القرن الإفريقي (سيحة)" أنها تحققت من 14 حالة اغتصاب خلال الهجوم على المخيم، لكنها تلقت عشرات البلاغات عن اختفاء نساء واختطاف أخريات على أيدي مقاتلي الدعم السريع.
من جانبها، قالت هالة الكارب، رئيسة منظمة "صحة"، إن العنف الجنسي بات جزءًا من الحياة اليومية للنساء في دارفور، وسط ارتفاع في الأمراض المنقولة جنسيًا، وانتقدت الكارب غياب الاستجابة الدولية، مؤكدة أن المجتمع الدولي "تخلى عن النساء في دارفور".
وأضافت أن الوضع تفاقم منذ انسحاب بعثة حفظ السلام المشتركة بين الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي (يوناميد)، التي كانت توفر مظلة حماية جزئية عبر دوريات الطرق وتأمين مخيمات النازحين.
وختامًا، وصف التقرير الوضع الإنساني في دارفور بأنه كارثي بكل المقاييس، مع استمرار الجرائم والانتهاكات وسط صمت دولي شبه تام، مؤكدًا أن العنف الجنسي المستخدم حاليًا قد يرقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي.
تداعيات الحرب في السودان
في ظل الحرب الدائرة في السودان منذ أبريل 2023، تشهد منطقة دارفور تصاعدًا مروعًا في أعمال العنف الجنسي ضد النساء والفتيات، وسط تقارير عن ارتكاب جرائم حرب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
تفاقمت الأزمة بعد انسحاب بعثة حفظ السلام المشتركة بين الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، ما ترك المجتمعات المحلية دون حماية. وتصف منظمات حقوق الإنسان الوضع في دارفور بأنه إبادة جماعية نشطة، مع غياب الدعم الدولي الكافي للنساء الناجيات.
تأتي هذه الانتهاكات في سياق صراع مسلح بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، الذي اندلع بسبب خلافات حول دمج القوات شبه العسكرية في الجيش، وأسفر عن مقتل آلاف المدنيين ونزوح الملايين.
تطالب منظمات حقوق الإنسان المجتمع الدولي بالتدخل العاجل لحماية المدنيين، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم، وتقديم الدعم اللازم للناجيات من العنف الجنسي في دارفور.