لي جاي ميونغ.. الفتى الفقير الذي واجه السلطة ثلاث مرات وانتصر لحقوق الإنسان
لي جاي ميونغ.. الفتى الفقير الذي واجه السلطة ثلاث مرات وانتصر لحقوق الإنسان
في يناير من عام 2024 نجا لي جاي ميونغ زعيم الحزب الديمقراطي الكوري من محاولة اغتيال تعرض لها خلال جولة له في مدينة بوسان، فبينما كان يعقد مؤتمراً صحفياً على هامش تلك الجولة، اقترب منه أحد الأشخاص طالبًا منه توقيعًا قبل أن يطعنه في الجانب الأيسر من رقبته، وبعد 15 شهرًا من تلك الحادثة وصل لي جاي إلى رأس السلطة في كوريا الجنوبية.
كان جاي محاميًا وناشطًا حقوقيًا مدافعًا قويًا عن الحقوق المدنية قبل دخوله إلى المشهد السياسي في كوريا، حيث شغل لي منصب حاكم مقاطعة جيونج جي من عام 2018 إلى عام 2021، وزعيم الحزب الديمقراطي من عام 2022 إلى عام 2025.
وُلد لي عام 1963 في قرية جبلية في أندونج بمقاطعة جيونج سانج الشمالية لأسرة فقيرة، ما اضطره للعمل في سنوات الطفولة الأولى فترك مقاعد الدراسة بسبب تلك الظروف قبل أن يعود لها مرة أخرى انتقلت أسرته إلى مدينة سيونجنام الصناعية وهناك بدأ الطفل لي في العمل بمصنع قلادات يدوية ثم إلى مصنع آخر يعتمد على آلات ضخمة وهو في عمر الـ13 تعرض لحادث أدى لتضرر يده.
استمر لي في الدراسة واجتاز امتحان القبول في المدرسة الثانوية وحصل على شهادة الثانوية العامة وفي عام 1981 اجتاز امتحان القبول في الجامعة ودرس القانون في جامعة تشونج آنج بمنحة دراسية كاملة، واجتاز امتحان المحاماة في عام 1986.
ولقيت مذكراته الشخصية اهتمامًا واسعًا حيث وصف طفولته بأنها "بائسة" وأثارت تعاطفًا أيضًا خصوصًا في حديثه عن حسده للطلاب الذين رآهم يرتدون الزي المدرسي وأولئك الذين لديهم ما يكفي من الطعام.
تركزت اهتمامات المحامي لي جاي ميونغ على القضايا الحقوقية بعدما تأثر بمحاضرة الرئيس السابق روه مو هيون حول حقوق الإنسان والتي غيرت مسار حياته تمامًا من نيته التوجه إلى العمل في الادعاء والجهات الرسمية إلى المحاماة.
افتتح مكتبًا للمحاماة وبدأ في العمل على قضايا تتعلق بحقوق العمال وحقوق الإنسان مع منظمة المحامين "مينبيون" وأطلق حركة مدنية كعضو مؤسس في "جمعية مواطني سيونغنام"، حيث دافع عن حقوق المهمشين وتعويضات العمل والعمل على توفير بيئة عمل آدمية لهم.
وأطلق مبادرات حقوقية في المدينة وصحية لدعم السكان، لكن المبادرات التي كان يواجهها كانت دومًا تصدم مع الجهات الرسمية والحكومية، فأدرك أن العمل الحقوقي لا بد من أن ينطلق من ميدان السياسة.. فقرر أن يدخل إلى عالم السياسة.
ودخل لي في 2005 إلى عالم السياسة من الصغر، فانضم إلى حزب أوري الليبرالي الاجتماعي، وبعد عام أعلن ترشحه لمنصب عمدة مدينة سيونغنام، لكنه خسر الانتخابات، وكالعادة لم يستسلم فعاد في 2010 وفاز بالمنصب من خلال الحزب الديمقراطي.. وأثار الإعجاب في الأوساط السياسية في المدينة بعدما حول مكتب العمدة السابق إلى "مقهى كتب".
وعمل برنامجاً إصلاحياً واسعاً في المدينة أعاد من خلاله هيكلة سياسة الرعاية الاجتماعية وتمويل المؤسسات الصحية، وبفعل تلك الإصلاحات فاز بالمنصب مرة أخرى في 2014، ومن هذا الموقع انتقل إلى مقعد أكثر أهمية، فأصبح في 2018 حاكمًا لمقاطعة جيونجي أكثر مقاطعات البلاد اكتظاظًا بالسكان.
وفي عام 2017 خاض الانتخابات الرئاسية، لكنه خسرها أمام الرئيس السابق مون جاي إن، وتكرر الأمر مرة أخرى في 2022.
ومع أزمة الأحكام العرفية الأخيرة في كوريا كان أحد أبرز الوجوه التي عارضت محاولة الاستيلاء على السلطة، وظهر على شاشات التلفاز وهو يتجاوز الحواجز من أجل الوصول إلى مقر البرلمان وقاد حملة عزل الرئيس الكوري.
وفي 9 أبريل الماضي، استقال لي من منصبه كزعيم للحزب الديمقراطي، وأعلن ترشحه الثالث للانتخابات الرئاسية في 10 أبريل، وفي 3 يونيو الجاري، فاز لي بالانتخابات الرئاسية بنسبة 49.42% من الأصوات.