"واشنطن بوست": قانون الضرائب الأمريكي يشعل معركة حول مستقبل الطاقة النظيفة
"واشنطن بوست": قانون الضرائب الأمريكي يشعل معركة حول مستقبل الطاقة النظيفة
أصدر أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون مسودة جديدة لمشروع قانون الضرائب تتضمن تقليصاً واسع النطاق للحوافز المُخصصة للطاقة المتجددة، في خطوة تهدد مستقبل التصنيع الأمريكي في هذا القطاع.
ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست"، اليوم الأحد، حذّر رجال الصناعة والمناخ من أن المشروع سيُلحق ضرراً بالغاً بمشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والسيارات الكهربائية، ما يُعزز الهيمنة الصينية على سلاسل التوريد.
وفرض مشرّعو الحزب الجمهوري قيوداً صارمة على الإعفاءات الضريبية لمشاريع الطاقة المتجددة، بما في ذلك فرض ضرائب جديدة على المزارع القائمة التي تستخدم موادَّ من "كيانات أجنبية معادية" مثل الصين.
وأكّد السيناتور الديمقراطي رون وايدن أن التعديلات تم تمريرها بشكل مفاجئ مساء الجمعة، واصفاً المقترح بأنه "حكم بالإعدام على الطاقة النظيفة".
ترامب يُروّج للطاقة التقليدية
التزم الرئيس دونالد ترامب، الذي يُروّج للطاقة التقليدية مثل الفحم والنفط، بإلغاء الدعم الفيدرالي للطاقة المتجددة، ويعد مشروع القانون هذا وفاءً لوعوده الانتخابية، واعتبر الملياردير إيلون ماسك أن المشروع بمثابة "جنون مطلق"، لأنه يقتل وظائف المستقبل لأجل صناعات الماضي.
أكد محللون أن إنهاء هذه الحوافز سيُكلف الولايات المتحدة قرابة 830 ألف وظيفة بحلول عام 2030، ويرفع أسعار الكهرباء، ويُضعف تنافسية شركات التصنيع الأمريكية.
تُشير الوقائع الميدانية إلى تجميد مشاريع ضخمة، أبرزها مشروع لشركة "نورسن" بقيمة 620 مليون دولار في تولسا، وصرح تود تمبلتون، مدير فرع الشركة في الأمريكتين، أن انعدام الاستقرار السياسي يُهدد الثقة في مستقبل التصنيع بالولايات المتحدة.
أوضح مسؤولو شركات مثل "تالون بي في" و"نيكست إيرا إنرجي" أن خفض الحوافز الضريبية يعرّض استثمارات ضخمة للخطر، ويجعل المنافسة مع الشركات الصينية المدعومة حكومياً شبه مستحيلة.
ردود فعل وانقسامات
أدى المشروع إلى انقسام داخل الحزب الجمهوري نفسه، حيث أعرب بعض المشرعين مثل السيناتور توم تيليس عن معارضته للمشروع بسبب تخفيضات موازية في برنامج ميديكيد، كما واجه المشروع حملة إعلانات مضادة من التحالف الأمريكي للطاقة.
تُعد ولايات جمهورية مثل جورجيا وكارولينا الشمالية من أكبر المستفيدين من إعفاءات الطاقة المتجددة، وتشير بيانات "إنرجي إنوفيشن" إلى استثمارات بنحو 16 مليار دولار في 68 منشأة في كارولينا الشمالية وحدها، ما يجعل الأثر السياسي للمشروع واسع النطاق.
من جانها، أكدت جمعية مشتري الطاقة النظيفة، التي تضم شركات التكنولوجيا الكبرى، أن الطاقة المتجددة ضرورية لنجاح الذكاء الاصطناعي، ويعد مسؤولو شركات مثل "إنجي" الفرنسية أن الولايات المتحدة أصبحت بيئة غير آمنة للاستثمار، وسط تزايد الشكوك حول استدامة السياسات الفيدرالية.
أوضح كبير مسؤولي الطاقة المتجددة في "إنجي أمريكا الشمالية"، ديفيد كارول، أن المجموعة خفّضت استثماراتها إلى النصف منذ بداية العام، نتيجة الضبابية السياسية.
تحذيرات من انهيار ثقة المستثمرين
قال الرئيس التنفيذي لشركة "ساوثرن إنرجي مانجمنت" في كارولينا الشمالية، ويل إيثريدج، إن شركته قد تضطر لتسريح أكثر من 50 موظفاً نتيجة التعديلات المقترحة، وعدّ تغيير السياسة كل أربع سنوات يُقوّض فرص بناء صناعات طويلة الأمد.
شدد على أن موظفي الشركة استثمروا مدخراتهم الشخصية لبناء مستقبلهم المهني، معتمدين على الإعفاءات الضريبية للطاقة الشمسية، وأكد أن الانقلاب التشريعي المفاجئ يُهدد أحلام عشرات العائلات.
يُهدد المشروع الجمهوري بإجهاض استثمارات تُقدّر بـ522 مليار دولار أعلنت عنها الشركات منذ إقرار قانون بايدن للمناخ في 2022، وتبقى قدرة شركات مثل "كيو سيلز" الكورية و"إنجي" الفرنسية على التوسع مرهونة بتطورات المشهد السياسي الأمريكي في الأشهر المقبلة.
وفي ظل هذه التحديات، تقف الولايات المتحدة أمام مفترق طرق: إما المضي قدماً في انتقالها إلى اقتصاد أخضر تنافسي، أو التراجع لأجل قوى صناعية مثل الصين.