"أطباء بلا حدود": مذكرة "تحت الجدار الحديدي" توثق كارثة إنسانية في الضفة الغربية

"أطباء بلا حدود": مذكرة "تحت الجدار الحديدي" توثق كارثة إنسانية في الضفة الغربية
كارثة إنسانية في الضفة الغربية

سلطت مذكرة إحاطة جديدة صادرة عن منظمة أطباء بلا حدود، بعنوان "خمسة أشهر تحت الجدار الحديدي"، الضوء على الخسائر البشرية والآثار المترتبة على النزوح القسري والتجزئة الإقليمية في شمال الضفة الغربية.

وفي بيان نشرته المنظمة، اليوم الأربعاء، أشارت إلى أن أكثر من 40 ألف شخص ما زالوا حتى مطلع يوليو 2025 مهجّرين قسرًا، بعد خمسة أشهر من بدء العملية العسكرية الإسرائيلية المسماة "الجدار الحديدي"، دون أن تتوفر لهم إمكانية العودة إلى منازلهم أو الوصول إلى الخدمات الأساسية، لا سيما الرعاية الصحية.

وشهدت الحملة العسكرية الإسرائيلية اقتحام القوات للمخيمات الفلسطينية في جنين وطولكرم ونور شمس، وإخلاء سكانها بعنف، مع تدمير واسع النطاق واستمرار احتلال هذه المخيمات.

وأكدت منسقة المشاريع في منظمة أطباء بلا حدود بجنين وطولكرم، سيمونا أونيدي، أن العائلات تعيش في حالة من عدم اليقين بعد مرور خمسة أشهر على بدء الحملة، بينما تواصل القوات الإسرائيلية منع العودة إلى المخيمات.

وجمعت المذكرة بياناتها من خلال الوجود الميداني للمنظمة وقرابة 300 مقابلة أُجريت منتصف مايو في 17 موقعًا مختلفًا، مع لاجئين نازحين من المخيمات الثلاثة، أظهرت النتائج أن المجتمعات المتضررة تواجه تدهورًا مستمرًا في سبل العيش، وتفتقر إلى الغذاء والماء المنتظمين، فضلاً عن صعوبة الوصول إلى الخدمات الصحية.

أوضاع إنسانية متدهورة

أشارت المقابلات إلى أن نحو نصف من تحدثت إليهم المنظمة قد نزحوا قسرًا ثلاث مرات أو أكثر خلال أربعة أشهر، في حين أفاد 75% بعدم تأكدهم من إمكانية البقاء في أماكنهم الحالية.

كما أفاد ثلث المستجيبين بعدم شعورهم بالأمان في أماكن النزوح، وأظهرت البيانات تزايدًا في الاحتياجات النفسية، خاصة بين النساء والأطفال، نتيجة تكرار النزوح، والقلق المستمر، والعنف الذي صاحب عمليات التهجير.

قالت نازحة من مخيم نور شمس: "نعيش في حالة من الخوف الدائم، تُسيّر القوات الإسرائيلية دوريات بشكل متكرر بالقرب من مكان إقامتنا، نُحزم حقائبنا دائمًا استعدادًا للفرار".

انتهاكات أثناء العودة

كشفت المنظمة عن نمط مقلق من العنف الذي يواجهه النازحون أثناء محاولتهم العودة إلى المخيمات، حيث أُبلغ عن أكثر من 100 حادثة عنف عشوائي شملت إطلاق نار، واعتداءات، واعتقالات، وأُحرقت منازل أو نُهبت أو احتُلّت، وتعرض بعض السكان للتهديد المباشر بعدم العودة.

قال نازح من مخيم طولكرم: "عندما عدت إلى منزلي، وجدته محترقًا، وجاري قد قُتل".

واجه واحد من كل ثلاثة أشخاص صعوبة في الوصول إلى طبيب عند الحاجة، لأسباب تتعلق بالتكلفة أو بعد المسافة أو غياب وسائل النقل، وأفاد قرابة نصف المستجيبين بعدم انتظام الحصول على الطعام والماء، بينما لم يتمكن 35% من المصابين بأمراض مزمنة من الحصول على أدويتهم بانتظام.

استجابة طبية ميدانية

أنشأت منظمة أطباء بلا حدود فرقًا طبية متنقلة تعمل في أكثر من 40 موقعًا، إضافة إلى ملاجئ مؤقتة في جنين وطولكرم، ومراكز صحية تديرها وزارة الصحة، وقدمت المنظمة من خلالها خدمات طبية أساسية، ودعمًا نفسيًا، وبرامج للتوعية الصحية.

وأكدت المنظمة أن العملية العسكرية الإسرائيلية الحالية تأتي في سياق عنف متصاعد منذ أكتوبر 2023، وأوضحت أن تقريرها الصادر في فبراير 2025، بعنوان "إلحاق الضرر ومنع الرعاية"، وثّق انتهاكات متكررة بحق المدنيين والمنشآت الطبية في الضفة الغربية، التي ظلت مسرحًا للعنف المتواصل والسياسات القسرية.

وصرّحت منسقة المشاريع، سيمونا أونيدي، أن ما يجري في شمال الضفة الغربية ليس مجرد حالة طوارئ إنسانية، بل أزمة ناتجة عن ممارسات بشرية متعمدة تُفاقم المعاناة يومًا بعد يوم. وشددت على أن المساعدات الإنسانية الحالية غير كافية، داعيةً إلى تكثيف الجهود لتأمين المأوى والرعاية الصحية والدعم النفسي للنازحين.

وطالبت أونيدي بضرورة إنهاء العمليات العسكرية الإسرائيلية، ووقف الاستخدام المميت للقوة، وضمان عودة النازحين إلى منازلهم بأمان وكرامة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية