تحت رقابة طالبان.. نساء أفغانستان يستعدن أصواتهن في معرض للحرف اليدوية

تحت رقابة طالبان.. نساء أفغانستان يستعدن أصواتهن في معرض للحرف اليدوية
معرض للحرف اليدوية في أفغانستان

شهدت العاصمة الأفغانية كابول خلال الأيام الماضية إقامة معرض دولي شاركت فيه سيدات أعمال أفغانيات إلى جانب صناعات محلية وإقليمية من الصين وطاجكستان وأوزبكستان وإيران، في فعالية اتسمت بالازدواجية بين هدف طالبان الاقتصادي من جهة، ومساعي النساء المشاركات لانتزاع مساحة للتعبير والمقاومة السلمية من جهة أخرى.

ورغم أن حكومة طالبان نظمت الحدث بهدف تشجيع الاستثمارات الأجنبية وإظهار قدر من الاستقرار، فإن النساء المشاركات حوّلن حضورهن إلى منصة رمزية للاحتفال باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، في ظل بيئة تُفرض فيها قيود صارمة على حركة النساء وعملهن منذ عودة الحركة إلى السلطة، بحسب ما ذكرت وكالة أنباء المرأة، اليوم السبت.

في أروقة المعرض، عرضت المشاركات مشاريعهن في الصناعات اليدوية والمنتجات المحلية، معتبرات أن هذه المبادرات تمنحهن القدرة على العمل والاستمرار رغم القيود. وتحدّث عدد من النساء لوكالتنا عن واقع يتجاوز حدود السوق إلى مساحة ممتدة من العنف الأسري، والزواج القسري، والفقر، والرقابة الأمنية المشددة.

تقول الناشطة المدنية من بدخشان فوزية زكي، وهي من أبرز المدافعات عن حقوق النساء: "أعمل منذ 20 عاماً في دعم النساء اللواتي يتعرضن للعنف الأسري.. أسست ملجأً آمناً لهن، لكن بعد سيطرة طالبان أُغلِق مكتبي تحت التهديد وبقيت في المنزل فترة، ثم بدأت مشروعاً للحرف اليدوية برأس مال محدود، واليوم تعمل معي 10 نساء.. وسعادتنا الوحيدة تأتي من قدرتنا على الإنتاج رغم كل شيء".

شهادات من الداخل

من ولاية لوغو، تحدثت زكية شجاعي، صاحبة أحد المتاجر المشاركة، وهي تخفض صوتها خشية المراقبة: "قبل سيطرة طالبان، كانت ولايتنا تحت نفوذ الحركة. لم يكن أحد -نساءً أو رجالاً أو حتى أطفالاً- في مأمن من العنف والقتل اليومي. واليوم ما زال الجميع يعيشون الخوف نفسه".

وتضيف شجاعي أن عناصر طالبان كانوا يجوبون المعرض خلال الفعالية: "كانوا يراقبون كل شيء لمنع أي انتقاد. في ولايتنا تنتشر ظواهر الزواج القسري، وتعدد الزوجات، والفقر والجفاف… وكلها أثقلت حياة الناس، خصوصاً النساء".

ومن بين المشاركات برزت قصة حلمية محمدي، شابة في الثامنة عشرة أسست مع والدتها شركة "مهر نساء أفغانستان" قبل أربع سنوات. تقول: "شاركنا في المعرض احتفاءً باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة. نقدم منتجات يدوية، من الأحذية والحقائب إلى المجوهرات والسجاد، لكن ضعف التمويل يمنعنا من تشغيل قسم السجاد حالياً".

وأوضحت حلمية أنّ الشركة تضم ثلاثين امرأة وخمسة رجال يتولون مهام التسويق في ظل القيود التي تمنع النساء من الحركة. وتعمل الشركة بترخيص رسمي، وترسل منتجاتها إلى الولايات الأخرى عبر الطرود، نظراً لغياب حرية التنقل.

طالبان وتغييب النساء 

بحسب قوانين طالبان السارية، يُحظر على النساء تولّي المناصب الحكومية أو إدارة المؤسسات، كما يُمنعن من ممارسة الأعمال الاستثمارية بشكل مستقل، ويُشترط وجود رجال في أي نشاط تجاري للحصول على التراخيص.

هذا الواقع دفع ناشطات مثل زكية شجاعي وفوزية زكي -وهما من المدافعات المعروفات قبل وصول طالبان للسلطة- إلى التحرك في حدود ضيقة، عبر مشاريع منزلية أو فرق صغيرة تعمل تحت المراقبة.

ورغم القيود الصارمة، شكّل المعرض التجاري الدولي منصة نادرة لصمود المرأة الأفغانية. ففي ظل منع النساء من التعليم الثانوي والجامعي، وتقييد حركتهن، ومنعهن من معظم الوظائف، أصبح بيع المنتجات اليدوية والمساحات الصغيرة في المعارض نافذة للتعبير والعمل والاستقلال الجزئي.

النساء المشاركات لم يقدمن منتجاتهن فحسب، بل قدمن -عبر شهاداتهن وحضورهن- رسالة واضحة إلى طالبان والعالم مفادها أن حقوق المرأة الأفغانية ليست قابلة للمحو، وأن شجاعتهن لا تزال قادرة على خلق مساحات للحياة والصوت والعمل رغم القمع.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية