لدعم الاستقرار الدولي.. الأمم المتحدة تطلق مرحلة جديدة لإصلاح منظومة بناء السلام
لدعم الاستقرار الدولي.. الأمم المتحدة تطلق مرحلة جديدة لإصلاح منظومة بناء السلام
اعتمد مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة الأربعاء قرارين متطابقين بشأن مراجعة هيكل بناء السلام لعام 2025، في خطوة تعكس توجهاً مؤسسياً غير مسبوق يهدف إلى تحديث آليات دعم الاستقرار العالمي، وتشمل القرارات برنامجاً سنوياً لعمل لجنة بناء السلام وإطلاق أسبوع مخصص لبناء السلام في يونيو المقبل.
وتعيد هذه الخطوة إحياء الممارسة الفريدة التي بدأت في ديسمبر عام 2005 عندما أنشأ الجهازان لجنة بناء السلام ومكتب دعمها، وأوصيا بتأسيس صندوق بناء السلام باعتباره الذراع التمويلية للجهود الأممية في هذا المجال وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
يسمح اعتماد قرارات متطابقة من الجهتين الأمميتين بوضع إطار موحد للعمل يسهم في دعم عمليات السلام عبر مجالات التنمية وحقوق الإنسان والأمن، ويمنح المنظمة قدرة كبرى على الاستجابة للتحديات المتصاعدة في الدول المتأثرة بالنزاعات.
مصر تؤكد التزامها
ألقى السفير أسامة عبد الخالق الممثل الدائم لمصر لدى الأمم المتحدة كلمة أمام الجمعية العامة بصفته متحدثاً باسم مصر وسلوفينيا، وأكد أن الإجماع في كل من مجلس الأمن والجمعية العامة يجسد قوة التعددية والالتزام الدولي المشترك بتعزيز السلام، وأوضح أن عملية الاستعراض جاءت شاملة ومبنية على الملكية الوطنية والوقاية والشراكات الهادفة.
وشدد على أن اعتماد القرارين يمثل بداية مرحلة جديدة تتطلب تنفيذاً فعالاً ونتائج ملموسة تحدث أثراً مباشراً في المجتمعات التي تعاني من النزاعات، كما دعا إلى تعزيز التعاون مع المؤسسات المالية الدولية وتبني آليات مبتكرة للتمويل، وأعلن أن هذه الإحاطة ستكون الأخيرة له بصفته ممثلاً دائماً لمصر في المنظمة الدولية، مجدداً التزام بلاده بدعم جهود بناء السلام إقليمياً وفي إطار لجنة بناء السلام والاتحاد الإفريقي.
الاستثمار في الوقاية
تحدثت مساعدة الأمين العام لدعم بناء السلام إليزابيث سبيهار ورئيس المجموعة الاستشارية لصندوق بناء السلام السفير ماشاريا كاماو إلى الصحفيين حول أنشطة الصندوق الذي تجاوز هذا الشهر عتبة مليار دولار من الموافقات التمويلية منذ عام 2020، وأكدت سبيهار أن هذا الإنجاز يعكس تقدماً مهماً في مسار تفعيل دعوة الأمين العام لزيادة التمويل الموجه لبرامج الوقاية، وأوضحت أن الاستثمار في السلام يحقق وفورات كبيرة، إذ تشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن كل دولار ينفق على الوقاية قد يوفر ما بين خمسة وعشرين ومئة دولار، محذرة في الوقت نفسه من أن هذه المكاسب لا تتحقق من دون التزام فعلي بالتمويل.
ما هو صندوق بناء السلام
أُنشئ الصندوق بموجب قرارات مشتركة بين مجلس الأمن والجمعية العامة عام 2005 ضمن هيكل بناء السلام في الأمم المتحدة، ويعد الأداة الرائدة لتمويل مبادرات الوقاية ودعم الاستقرار بالشراكة مع مختلف وكالات الأمم المتحدة والمؤسسات الوطنية والإقليمية والمجتمع المدني. ويهدف الصندوق إلى تقديم دعم متكامل لمعالجة أولويات السلام والتنمية وحقوق الإنسان، ويقوم على مبادئ تشمل التوقيت المناسب والشمولية والملكية الوطنية والجرأة في تحمل المخاطر، ويعتمد الصندوق على التبرعات الطوعية للدول الأعضاء، كما خصصت الجمعية العامة خمسين مليون دولار سنوياً لتمويله ابتداءً من عام 2025.
أبرز ما نص عليه القراران
شمل استعراض بناء السلام لهذا العام مجموعة من البنود الجوهرية التي تشكل الأساس لمرحلة العمل المقبلة، فقد تم تكليف لجنة بناء السلام بإعداد برنامج سنوي واضح يربط أنشطتها بأنشطة مجلس الأمن والجمعية العامة والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، وأعاد القراران تأكيد دور اللجنة بوصفها منصة لدعم الدول الأعضاء في مجالات الوقاية وبناء القدرات وتعبئة الموارد وتبادل الخبرات، كما طالبت الوثيقتان بتعزيز المتابعة والتقييم المنتظمين لعمل اللجنة وزيادة تأثيرها ودعم الجهود الرامية إلى سد فجوات التمويل خصوصاً ما يتعلق بمشاركة النساء والشباب، ودعا القراران إلى تعزيز قدرات مكتب دعم بناء السلام وتحسين التنسيق بشأن اعتبارات بناء السلام في إصلاحات الأمم المتحدة وفي البعثات الميدانية، كما شجعا الأمين العام على إدراج تحليلات أكثر منهجية بشأن أثر عمليات بناء السلام في تقاريره المقدمة إلى مجلس الأمن، وتم الاتفاق على إقامة أسبوع لبناء السلام في يونيو من كل عام لتعزيز الحوار وتبادل الخبرات والتوعية بدور الأمم المتحدة في هذا المجال، إضافة إلى الدعوة لإجراء مراجعة شاملة جديدة لبناء السلام في عام 2030.
تشكل منظومة بناء السلام في الأمم المتحدة أحد أهم الأطر المؤسسية التي أنشئت لمعالجة أسباب النزاعات ودعم الدول الخارجة من الأزمات، وقد جاء تأسيسها في عام 2005 استجابة لفجوات واضحة في التنسيق والتمويل داخل المنظمة بين مسارات التنمية والأمن وحقوق الإنسان. وتضم المنظومة لجنة بناء السلام ومكتب دعم بناء السلام وصندوق بناء السلام، وتعمل على مساندة الدول الأعضاء في إعادة الاستقرار وبناء المؤسسات وتعزيز المصالحة الوطنية، وتواجه هذه الجهود تحديات متصاعدة بسبب تعقيد النزاعات الحديثة وارتفاع تكلفتها الإنسانية والاقتصادية، ما دفع المنظمة إلى مراجعات دورية تهدف إلى تطوير الآليات والارتقاء بفاعلية الدعم المقدم للدول المتضررة.











