خلال ورشة حقوقية.. لبنانيات يطالبن بتوحيد قوانين الأسرة لضمان حقوق النساء
خلال ورشة حقوقية.. لبنانيات يطالبن بتوحيد قوانين الأسرة لضمان حقوق النساء
تواجه النساء في لبنان واقعًا قانونيًا معقدًا تتحكم فيه قوانين أحوال شخصية متعددة تخضع للطوائف والمذاهب، بدل أن تستند إلى قانون مدني موحّد يضمن المساواة في الحقوق والواجبات.
هذا التعدد لا يصنع تنوعًا صحيًا بقدر ما يكرّس تفاوتًا صارخًا في مصير النساء، ويترك حقوقهن معلّقة بين محاكم دينية ومرجعيات مذهبية متباينة، تفتقر في كثير من الأحيان إلى منطق العدالة والمواطنة، بحسب ما ذكرت وكالة أنباء المرأة، اليوم الأحد.
وفي هذا السياق، جاءت ورشة حقوقية في مدينة صيدا لتفتح جرحًا قديمًا، وتعيد طرح السؤال الجوهري: متى تتحرر الأسرة من قبضة الطائفة ويصبح القانون مرجعية واحدة للجميع؟
إصلاح ينهي زمن التمييز
تطالب نساء لبنان، في ظل غياب قانون موحّد للأحوال الشخصية، بإصلاح جذري ينهي زمن التمييز المقنّن ضدهن، ويضع حدًا للثغرات القانونية التي تسمح بانتهاك حقوقهن في الزواج والطلاق والحضانة والإرث وسائر شؤون الحياة الأسرية.
هذه المطالب لم تعد حكرًا على النشطاء فقط، بل تحوّلت إلى صوت جماعي يتصاعد في مختلف المناطق، مدفوعًا بقصص معاناة يومية لنساء اصطدمن بجدران القوانين الطائفية التي غالبًا ما تُفصَّل على حساب كرامتهن الإنسانية.
ونظّم الاتحاد الوطني لنقابات العمال، بالتعاون مع جمعية مساواة – وردة بطرس للعمل النسائي، ورشة حقوقية في مدينة صيدا، شارك فيها وفد نسائي مثّل مؤتمر ستار ورابطة نوروز الثقافية الاجتماعية، تحت عنوان: “العنف والتمييز ضد المرأة وتحديات التغيير”.
ولم يكن العنوان مجرّد شعار، بل عكس واقعًا تعيشه آلاف النساء في لبنان، حيث يتقاطع العنف الأسري مع التمييز القانوني، ليشكّلا منظومة ضاغطة تحاصر المرأة في حياتها الخاصة والعامة.
مناقشة قوانين الأسرة
شدّدت ممثلة العلاقات في مؤتمر ستار، حنان عثمان، خلال الجلسة المخصصة لمناقشة قوانين الأسرة، على أن تعدد قوانين الأحوال الشخصية في لبنان لا يُنتج عدالة ولا يحمي الخصوصية، بل يصنع تفاوتًا حادًا في الحقوق بين النساء وفق انتماءاتهن الطائفية.
وأوضحت أن كرامة المرأة تحوّلت إلى رهينة بيد المرجعيات الدينية، بدلاً من أن تكون مكفولة بقانون مدني عادل ومنصف، يعترف بها كمواطنة كاملة الحقوق لا كتابع داخل منظومة ذكورية تقليدية.
وأشادت عثمان بتجربة النساء في إقليم شمال وشرق سوريا، معتبرة أنها تقدّم نموذجًا يمكن الاستفادة منه، حيث استطاعت النساء هناك المشاركة في مختلف مفاصل الإدارة الذاتية، وأسهمن في بناء منظومة قانونية وإدارية تقوم على مبدأ المواطنة والمساواة، وليس على أساس الانتماء الطائفي أو الديني.
وأشارت إلى اعتماد مبدأ “الرئاسة المشتركة”، الذي يفرض وجود رجل وامرأة في مواقع القيادة، ما عزّز حضور النساء في مراكز صنع القرار، وفتح أمامهن مجالًا حقيقيًا للمشاركة السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
كسر منظومة التمييز
أوضحت المتحدثة أن الإشارة إلى هذه التجربة لا تهدف إلى مقارنة مباشرة بين واقعين مختلفين، وإنما إلى إبراز حقيقة أساسية مفادها أن البديل ممكن، وأن كسر منظومة التمييز ليس حلمًا نظريًا، بل تجربة واقعية نجحت حين ارتكز الحكم على المشاركة الشعبية والعدالة القانونية والتنظيم المتوازن للسلطة.
وشدّد المشاركون في مداخلاتهم على أن العدالة الاجتماعية تبدأ من قانون مدني موحّد للأحوال الشخصية، يكون مرجعية لجميع المواطنين والمواطنات دون استثناء، ويوفر حماية متساوية للنساء بعيدًا عن معيار الدين أو المذهب أو العادات المتوارثة.
واعتبروا أن أي إصلاح حقيقي في لبنان لا يمكن أن يتحقق ما لم تُفكك البنية القانونية الطائفية التي تضع النساء في مراتب غير متساوية داخل المجتمع.
توحيد قوانين الأسرة
اختتمت الورشة بالتأكيد على جملة من المطالب الحقوقية الواضحة، أبرزها، توحيد قوانين الأسرة، وتجريم جميع أشكال التمييز القانوني والاجتماعي ضد النساء، وتعزيز الشراكة العادلة في بنية الحكم، بما يضمن تمثيلًا فعليًا للنساء في مواقع القرار.
ودعا المشاركون إلى استمرار الضغط المدني والإعلامي والحقوقي، من أجل تحويل هذه المطالب إلى تشريعات نافذة تحمي المرأة وتصون كرامتها الإنسانية.











