جنوب السودان يواجه أزمة إنسانية متصاعدة والنساء والأطفال في مقدمة المتضررين

جنوب السودان يواجه أزمة إنسانية متصاعدة والنساء والأطفال في مقدمة المتضررين
أزمة إنسانية في جنوب السودان - أرشيف

تعاني دولة جنوب السودان من أزمة متعددة الأبعاد، بين نزاع مسلح مستمر، وأزمة غذائية وصحية، وكوارث مناخية متكررة، وانتهاكات واسعة للحقوق الإنسانية، خاصة النساء والأطفال، وهذه العوامل مجتمعة تجعل جنوب السودان أحد أخطر البؤر الإنسانية في العالم، وتتطلب تدخلات عاجلة ومستدامة من المجتمع الدولي لدعم السكان الأكثر ضعفاً وحماية حقوقهم الأساسية.

ورصدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف"، في بيان لها اليوم الأحد، تدهوراً حاداً في الوضع الإنساني بجنوب السودان نتيجة النزاعات المستمرة، والنزوح الجماعي، والكوارث المناخية، ما أدى إلى انهيار الخدمات الأساسية وتفاقم معاناة السكان، خصوصاً النساء والأطفال الذين يواجهون مخاطر متزايدة من العنف وسوء التغذية.

وحذرت اليونيسف من ارتفاع معدلات الزواج المبكر والعنف القائم على النوع الاجتماعي، مشيرةً إلى أن نحو نصف الشابات يُجبرن على الزواج في سن مبكرة، في حين يتعرض 65% من النساء بين 15 و64 عاماً لأشكال مختلفة من العنف. 

وجاءت هذه التحذيرات خلال زيارة المديرة التنفيذية لليونيسف، كاثرين راسل، إلى أحد المراكز التي توفر مساحات آمنة للشابات، حيث التقت بعدد من الناجيات من العنف، واللاتي أكدن أن وجود هذه المراكز كان بمنزلة "شريان حياة"، إذ إن بعضهن كن يفكرن في الانتحار قبل وصولهن إليها، ودعت راسل إلى تعزيز برامج الحماية وضمان استمرار الدعم، رغم تراجع التمويل.

سوء التغذية يفاقم الأزمة 

في الوقت نفسه، أشارت اليونيسف إلى أن أزمة سوء التغذية تهدد حياة أكثر من 2.1 مليون طفل دون سن الخامسة، في حين يحتاج نحو 9.3 مليون شخص إلى مساعدات عاجلة منقذة للحياة، نتيجة استمرار النزاعات والنزوح والأحداث المناخية المتكررة.

وشددت راسل على أهمية دعم المجتمعات النازحة، مشيرةً إلى زيارتها مدينة بانتيو والتقت خلالها بعائلات متضررة من الفيضانات وأعمال العنف، مؤكدة أن الأطفال هم الفئة الأكثر تضرراً، وأن نقص التمويل أدى إلى إغلاق بعض المساحات الآمنة للنساء والأطفال، ما يفاقم المخاطر التي يتعرضون لها يومياً.

ودعت اليونيسف المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لتوفير الحماية للأطفال والنساء ودعم الاستجابة الإنسانية في جنوب السودان، محذرة من أن استمرار تقليص الدعم سيؤدي إلى تفاقم الأزمة وزيادة معاناة السكان، ويهدد حياة آلاف الأطفال والنساء الذين يواجهون ظروفاً إنسانية بالغة الصعوبة.

وضع إنساني مُعقد

جنوب السودان، أحدث دولة في العالم التي نالت استقلالها عن السودان عام 2011، تواجه منذ سنوات وضعاً إنسانياً شديد التعقيد، نتيجة تراكم عوامل النزاع السياسي والعنف المسلح والاضطرابات الاقتصادية والكوارث الطبيعية. 

ورغم استقلالها، لم تستطع الحكومة الجديدة بناء مؤسسات قوية أو تحقيق استقرار شامل، ما أدى إلى اندلاع حرب أهلية في ديسمبر 2013، بين قوات الرئيس سلفا كير وأنصار نائب الرئيس السابق رياك مشار، والتي استمرت حتى توقيع اتفاقيات سلام متعددة، إلا أن العنف لم يتوقف بشكل كامل.

وتتسم الصراعات في جنوب السودان بالطابع العرقي والسياسي معاً، حيث تتنافس جماعات مختلفة على السيطرة على الموارد والمناطق الاستراتيجية، وأدت هذه النزاعات إلى نزوح داخلي واسع النطاق، إذ يقدر عدد النازحين داخلياً بما يزيد على 2.3 مليون شخص، في حين لجأ أكثر من 2.4 مليون إلى الدول المجاورة، مثل أوغندا وكينيا والسودان؛ طلباً للأمان.

النساء في مرمى الأزمة

تتأثر النساء والفتيات بشكل خاص؛ إذ تنتشر ظواهر الزواج المبكر والاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، ووفق بيانات الأمم المتحدة، يُجبر نصف الشابات على الزواج المبكر، في حين تتعرض نسبة كبيرة من النساء للعنف الجسدي أو النفسي، خاصة في المخيمات والمناطق النائية، حيث تضعف حماية القانون وتفشل أجهزة الأمن المحلية في حمايتهن.

وتفاقمت الأزمات الصحية بسبب نقص الغذاء، وتوقف الخدمات الطبية في كثير من المناطق. يعاني ملايين الأطفال دون الخامسة من سوء التغذية الحاد والمزمن، في حين تفتقر المستشفيات والمراكز الصحية للمعدات الأساسية والأدوية، وهو ما يضاعف مخاطر الأمراض المعدية والمضاعفات الصحية.

وتعاني جنوب السودان أيضاً من الكوارث المناخية المتكررة، مثل الفيضانات والجفاف، ما يزيد من معاناة النازحين ويؤدي إلى فقدان المحاصيل الزراعية والمواشي، ويحد من قدرة الأسر على تأمين غذائها. وعلى سبيل المثال، شهدت بعض المناطق في السنوات الأخيرة فيضانات هائلة ألحقت أضراراً كبيرة بالمنازل وأدت إلى فقدان الأرواح.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية