ارتفاع معدلات الطلاق بالوطن العربي.. والسوشيال ميديا في مرمى الاتهام

ارتفاع معدلات الطلاق بالوطن العربي.. والسوشيال ميديا في مرمى الاتهام

"يقع الطلاق اليوم لأتفه الأسباب"، مقولة شهيرة تجسد الهشاشة التي تقوم عليها العلاقات الأسرية، والتي هي نفس سبب انتهاء تلك العلاقة تاركة خلفها دماراً لجميع أفراد الأسرة التي هي وحدة بناء المجتمعات على اختلافها، وهنا تكمن الخطورة.

ومجددًا أثارت الجدل بيانات أعلنها مؤخرا الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر عن حالات الطلاق على أساس سنوي في البلاد، خلال عام 2021، حيث أشارت إلى زيادة حالات الطلاق بنسبة وصلت إلى نحو 15%، مقارنة بآخر إحصاء رسمي 2020، مع ارتفاع طفيف في معدلات الزواج بين الشباب.

الأزمة لم تختص بها مصر وحدها، بل شاركتها العديد من الدول العربية، إلّا أن الحالة في كثير من هذه الدول، لا تختلف كثيرا عن الحالة المصرية، وسط حمى طلاق تشهدها المنطقة خلال السنوات الماضية.

وكشفت إحصاءات الزواج والطلاق السنوية للجهاز المركزي للتعبئة العامـة والإحصاء المصري أغسطس 2022، عن أرقام صادمة، إذ بلغ عدد حالات الطلاق نحو 255 ألف حالة عام 2021، مقابل نحو 222 ألفا عام 2020، بزيادة قدرها 14.7%. 

وبحسب بيان رسمي صادر عن الجهاز  تفوقت المناطق الحضرية على الريفية في نسب الطلاق، وبلغ إجمالي عدد حالات الطلاق في الحضر 144 ألفا و305 حالات عام 2021، بنسبة تمثل 56.6% من جملة حالات الطلاق، مقابل 124 ألفا و772 حالة عام 2020، بزيادة قدرها 15.7%.

وقال الرئيس عبدالفتاح السيسي، إن نسب الأسر التي بها حالات انفصال زادت بشكل كبير خلال السنوات الـ20 الماضية. 

وأضاف الرئيس السيسي -خلال مداخلة هاتفية مع برنامج "صالة التحرير" المذاع على قناة "صدى البلد"، وتقدمه الإعلامية عزة مصطفى- أننا نحتاج إلى مناقشة قضايا الأسرة بأمانة وحيادية ودون مزايدة، مشيرًا إلى أنها من أخطر القضايا التي تؤثر على مجتمعنا وتماسكه ومستقبله.

ونشرت وسائل صحفية، تقريراً صادراً عن مركز معلومات مجلس الوزراء الكويتي، في أغسطس الماضي، بشأن نسب الطلاق عربيا، يشير إلى أنه ورغم تصدر مصر قائمة الدول العربية الأكثر طلاقا من حيث العدد، فإن ذلك ربما يأتي بفعل عدد سكانها الكبير، لكن التقرير يشير إلى أن الكويت هي الأولى على رأس القائمة، رغم انخفاض عدد سكانها، إذ ارتفعت نسبة الطلاق بها إلى 48% من إجمالي عدد الزيجات. 

ويضع التقرير مصر في المركز الثاني، في ما يتعلق بنسبة الطلاق إلى عدد الزيجات، ويأتي بعدها في المركزين الثالث والرابع الأردن وقطر، اللتان ارتفعت بهما نسبة الطلاق إلى 37.2 في المئة و37 %.

ووفقًا للتقرير أيضا فإن كلا من لبنان والإمارات قد تساوتا في نسب الطلاق، على اختلاف الظروف بين البلدين بنسبة 34% لكل منهما، وتلتهما كل من من السودان بنسبة وصلت إلى 30 في المئة، والعراق بنسبة 22.7 في المئة، ثم السعودية بنسبة 21.5 في المئة.

«جسور بوست» تناقش أسباب ارتفاع معدلات الطلاق عربيًا مع متخصصين.

الطلاق يتم أحيانًا قبل الزواج 

قال استشاري علم النفس، جمال فرويز: "إن الطلاق أحيانًا يحدث قبل الارتباط، وسنجد نسب الطلاق في الزواج عن حب أعلى منها في المرتبطين بطرق تقليدية، لأنه ليس بحب وإنما هو إعجاب بما عليه كل الطرفين من مميزات ظاهرية، وقد يتصف الزوج بصفات تشككية أو يتعاطى مخدرات، وتصر الفتاة على الزواج به، خوفًا من أن يفوتها قطار الزواج وتلقب بـ"العانس"، كذلك توغل الناس على "السوشيال ميديا"، والاشتراك في مجموعات وتسأل الفتيات على المجموعة ويرد عليها من لديهن تجارب غير موفقة في الزواج، مما يتسبب في كبر الأزمة".

وتابع الخبير النفسي في تصريحات خاصة لـ«جسور بوست»: لا يمكننا تغافل البرامج التلفزيونية التي يقدمها غير متخصصين وتتحدث في أمور خطيرة مثل الطلاق، ولقد شاهدت برنامجًا تتحدث فيه على الهاتف واحدة من متابعي البرنامج تقول "حرام عليكم أنتم خليتوني أتطلق بسبب فتاويكم الغريبة"، أين درس هؤلاء ومن أعطاهم الحق في نصح الناس وعلى أي أساس يقدمون تلك النصائح.

وأضاف: تكمن تلك الخطورة في أن لدينا ما نسبته 25% من حجم المجتمع مضطرب نفسيًا، يتابعون برامجهم ويأخذون قرارات على المحتوى هي في الأساس ليست في ذهن صاحبة القرار، حينما تتحدث إحداهن أن المرأة غير ملزمة بالرضاعة، فتأخذ السيدة بهذا الرأي ويطلقها زوجها، هل المتحدثة بهذا الرأي ستحمي تلك المرأة من بطش الزوج، للأسف هم منفصلون عن الواقع ويتحدثون من برج عاجي، ولا تدري ما الذي يحدث في المناطق الشعبية والعشوائيات، ومعظم هذه الحالات ليس لديهن بديل، يجب التعامل مع الناس برحمة، لقلة الوعي العام وما يعانيه المجتمع من انهيارات اجتماعية".

أعداد تستحق الدراسة

وقالت أخصائية علم النفس الإكلينيكي، آية حسين: “إن السوشيال ميديا كثيرًا ما تتسبب من خلال تصريحات غير المتخصصين عن الحياة الزوجية، في ”لخبطة" الزوجات خاصة صغيرات السن، مما يتسبب في مشكلات عديدة، بل ما يجب التأكيد عليه من هؤلاء بدل افتعال الجدل غير المجدي أن الزواج مودة ورحمة وشراكة بين اثنين من أجل إقامة حياة أسرية هانئة، كذلك ساعد التوغل الكبير على السوشيال ميديا على انفصال العائلات عن بعضهم مشاعريًا، فلا يتحدثون مثل ذي قبل، كل منهما يجلس على فيسبوك، دون فعل المشاركة وما يتضمنه من مودة ورحمة، وبالطبع أدى ذلك إلى تغير شكل المجتمع".

 

وأضافت: لم يعد معيار الزوج يقوم على معايير التناسب في الفكر والخلق، بل أصبح المعيار من لديه القدرة المادية على إقامة منزل، كذلك اعتقاد البعض أن لديهم القدرة على تغيير بعضهم بعضاً، ولا أحد يتغير إلا إذا كان لديه استعدادًا فعليًا للتغيير، ونسبة كبيرة من الزوجات غير الناجحات يكون هذا سبب فشلهن".

واستطردت، الأمر يحتاج إلى دراسة في ظل هذه الأرقام والإحصائيات وكذلك الظروف الاقتصادية التي تعاني منها الشعوب، وكذلك كورونا وما أتبعه من ضغوط اقتصادية صعبة تعانيها كل أسرة في العالم كله".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية