المفوض الأممي يستعرض تقريره حول تعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية للأفارقة
ضمن فعاليات الدورة الـ54 لمجلس حقوق الإنسان بجنيف
استعرض مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، تقريره حول تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية للإفريقيين والمنحدرين من أصل إفريقي، محذرا من الاستخدام المفرط للقوة وغيره من انتهاكات حقوق الإنسان من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين، وذلك ضمن فعاليات الدورة الـ54 لمجلس حقوق الإنسان المنعقدة خلال الفترة من 11 سبتمبر إلى 6 أكتوبر 2023، في جنيف.
وتناول التقرير حق السكان المنحدرين من أصل إفريقي في المشاركة في الشؤون العامة، معترفا بأن إعمال هذا الحق أعمالا فعليا أمر أساسي لضمان أن تسترشد عملية صنع القرار بتجاربهم وخبراتهم الحية، وشرط مسبق للتغيير التحويلي من أجل العدالة والمساواة.
ودعا تورك في تقريره الدول إلى إبداء إرادة سياسية أقوى، باتخاذ تدابير ملموسة وخاصة لإعمال جميع عناصر حق المنحدرين من أصل إفريقي في المشاركة في الشؤون العامة، والكشف عن نهج شاملة متعددة الجوانب قائمة على الأدلة تشمل تدابير قانونية وسياساتية ومؤسسية بعيدة الأثر لتفكيك العنصرية في جميع مجالات الحياة، بمشاركة هادفة للمنحدرين من أصل إفريقي.
مشاركة آمنة وشاملة وهادفة
تتيح المشاركة الآمنة والشاملة والهادفة النهوض بجميع حقوق الإنسان، وهي أمر أساسي لديمقراطية فعالة، وسيادة القانون، والإدماج الاجتماعي، والتنمية الاقتصادية المستدامة، وهي ضرورية للحد من أوجه المساواة والنزاع الاجتماعي.
وتحدث التقرير عن المشاركة الآمنة والشاملة والهادفة بوصفها وسيلة لتمكين الأفراد والجماعات وضمان سماع الأصوات المختلفة، وعنصراً أساسياً في النُهج القائمة على حقوق الإنسان الرامية إلى القضاء على التهميش والتمييز.
وأكد التقرير أنه حيثما تحققت المشاركة الآمنة والشاملة والهادفة للجميع يكون صنع القرار أكثر استنارة واستدامة، وتكون المؤسسات العامة أكثر فاعلية وشفافية وخضوعا للمساءلة وقدرة على خدمة جميع أفراد المجتمعات المحلية دون تمييز.
ويعزز هذا مشروعية قرارات الدولة وإمساكها بزمام الأمور في جميع أنحاء المجتمع، وفي نهاية المطاف الثقة بين السلطات العامة والأفراد والجماعات، بمن فيهم المهمشون أو المستهدفون بالتمييز.
ويكرس القانون الدولي لحقوق الإنسان الحق في المشاركة في الشؤون العامة بما في ذلك حق التصويت والترشح في انتخابات دورية حقيقية بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة، وبالاقتراع السري والمساواة في تقلد الوظائف العامة، وهذه الحقوق مكفولة من دون تمييز، ولا سيما على أساس العرق أو اللون أو الأصل القومي أو الإثني.
إعلان ديربان
يعترف إعلان وبرنامج عمل ديربان بحق المنحدرين من أصل إفريقي في المشاركة بحرية وبشروط متساوية في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ويدعو الدول إلى ضمان مشاركة المرأة مشاركة كاملة ومتساوية وفعالة في صنع القرار على جميع المستويات، ولا سيما في تصميم وتنفيذ وتقييم السياسات والتدابير التي تؤثر على حياتها.
وتدعو خطة المفوض السامي لإجراء تغيير تحويلي من أجل العدالة والمساواة العرقيين الدول إلى ضمان حماية المنحدرين من أصل إفريقي ومن يقفون ضد العنصرية والإنصات إليهم، واتخاذ إجراءات من بشأن شواغلهم.
التحديات التي تواجه المشاركة
ويعمل المنحدرون من أصل إفريقي على التأثير في عملية صنع القرار من خلال الانتخابات والعمل في المناصب المنتخبة أو الحكومية، وعن طريق المشاركة في النقاش العام والحوار مع الممثلين المنتخبين، ومن خلال التجمعات السلمية، وما زالوا يشاركون من خلال المشاورات عبر الإنترنت أو حضوريا، وفي الدراسات الاستقصائية وجلسات الاستماع العامة، ومجموعات العمل ولجان أصحاب المصلحة المتعددين وغيرها من المنتديات، إلى جانب المجتمع المدني الأوسع والعمل المجتمعي.
وما زالت قياداتهم ودعوتهم المستمرة ومشاركتهم تحفز النقاشات العالمية حول العدالة وحقوق الإنسان، وهو ما أسفر عن وضع مطالبهم على جداول الأعمال الوطنية والإقليمية والدولية، وأدت أعمالهم إلى تغييرات تشريعية وسياساتية، واعتماد خطط عمل لمكافحة العنصرية وتدابير لمعالجة تركات الاسترقاق والاستعمال وتنقيح المناهج الدراسية وغيرها.
وقد تحققت هذه المكاسب في مواجهة تحديات كبيرة تتجلى في القوالب النمطية والتحامل والتحيز المتفشين، وفي العديد من البلدان يؤدي الحرمان من وثائق الهوية ووضع الأقليات، أو عدم وجود بيانات، مصنفة حسب العرق أو الأصل الإثني، إلى تعزيز احتجابها التاريخي والاجتماعي والهيكلي، كما أعرب خبراء الأمم المتحدة عن قلقهم إزاء نقص البيانات المتعلقة بالمشاركة.
وسلط خبراء الأمم المتحدة، والخبراء الإقليميون على عدم كفاية مشاركة المنحدرين من أصل إفريقي، بمن فيهم النساء في الحياة السياسية والعامة، وتكمن إحدى العقبات أمام المشاركة الفعالة في تهميش المنحدرين من أصل إفريقي واستعبادهم منذ أمد بعيد، وعدم تمتعهم بالمساواة في الوصول إلى الفرص والموارد والسلطة، وهي عقبات متجذرة في موروثات الاسترقاق والاتجار بالأفارقة.
وتشير المعلومات المتاحة إلى انخفاض مستويات تمثيل المنحدرين من أصل إفريقي في الحياة العامة والسياسية (بما في ذلك في الأرجنتين، وأستراليا، والبرازيل، واليونان) مع تضرر النساء بشكل خاص في بلدان منها أوروغواي، وبنما، وبوليفيا، وبيرو، والعراق، وهندوراس، وموريتانيا.
تدابير المشاركة
وحدد التقرير التدابير الرامية إلى تيسير مشاركة المنحدرين من أصل إفريقي والمضي قدما في تنفيذ الخطة الرامية إلى إحداث تغيير تحويلي من أجل العدالة والمساواة العرقيين، ومنها:
- عكس اتجاه ثقافات الإنكار وتفكيك العنصرية النُظُمية وتسريع وثيرة العمل,
- وضع حد للإفلات من العقاب على انتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها موظفو إنفاذ القوانين، وسد فجوات الثقة في هذا المجال، وتعزيز الرقابة المؤسسية.
- ضمان سماع أصوات المنحدرين من أصل إفريقي ومن يقفون ضد العنصرية والعمل بناء على شواغلهم.
- مجابهة الموروثات، بما في ذلك عن طريق المساءلة وجبر الضرر.
الاستنتاجات والتوصيات
يتطلب تحقيق العدالة والمساواة العرقيين أن يكون المنحدرون من أصل إفريقي ومجتمعاتهم المحلية ومنظماتهم قادرين على التأثير في القوانين والسياسات والممارسات والعمليات التي تحدد شكل الجهود المبذولة لإعمال حقوقهم واحترامها.
المشاركة الهادفة والفعالة والآمنة للمنحدرين من أصل إفريقي ترتبط ارتباطا وثيقا بتجارب متعددة ومتقاطعة ومترابطة للعنصرية النظمية كما تعوقها هذه التجارب، إلى جانب التهميش والإقصاء طويلي الأمد، المتجذرَين في موروثات الاستعباد والاستعمار، علاوة على الافتقار إلى بيئة آمنة وتمكينية.
يتطلب ضمان المشاركة الفعالة إرادة سياسية والتزاما طويل الأجل من جانب السلطات العامة، مع التركيز على الفاعلية وتحول في العقلية في ما يتعلق بطريقة القيام بالأشياء، ومن دون ذلك يفوت صنع السياسات شكل محدد من أشكال الخبرة وقد تعوزه المشروعية.
ينبغي للدول أن تعتمد تدابير ملموسة وخاصة لتضمن للمنحدرين من أصل إفريقي جميع عناصر المشاركة في الشؤون العامة، بما يتطلب ذلك من تهيئة بيئة تمكينية وآمنة، خارج الإنترنت وعبر الإنترنت، لإزالة جميع العقبات.
المفوضية السامية لحقوق الإنسان على استعداد لمساعدة الدول على تنفيذ التوصيات العشرين الواردة في الخطة الرامية إلى إجراء تغيير تحويلي من أجل العدالة والمساواة العرقيين، والمبادئ التوجيهية للدول بشأن الإعمال الفعال للحق في المشاركة في الشؤون العامة.
لا تزال العنصرية النظمية تؤثر على تمتع الأفارقة والمنحدرين من أصل إفريقي بحقوق الإنسان في كل جانب من جوانب الحياة، بما في ذلك في التفاعلات مع الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون.
يجب على الدول أن تتخذ إجراءات حازمة وفورية نحو المساءلة والإنصاف في جميع الحالات وضمان عدم التكرار، ويشمل ذلك تعزيز آليات الرقابة المستقلة ودراسة الدور الذي يمكن أن يلعبه التمييز العنصري والقوالب النمطية والتحيزات في عمليات إنفاذ القانون والمساءلة.
وكرر المفوض السامي تأكيد التوصية الداعية إلى إعادة تصور أعمال الشرطة ونظام العدالة الجنائية بمشاركة الأفارقة والمنحدرين من أصل إفريقي، لأن إعادة بناء الثقة في هذه المؤسسات أمر ضروري لضمان حماية وخدمة جميع أفراد المجتمع دون تمييز.
ويعقد مجلس حقوق الإنسان (تأسس عام 2006) ما لا يقل عن 3 دورات عادية في العام، لفترات مجموعها 10 أسابيع على الأقل، وهي تُعقد في أشهر مارس (لمدة 4 أسابيع) ويونيو (لمدة 3 أسابيع)، وسبتمبر (لمدة 3 أسابيع).
يجوز لمجلس حقوق الإنسان -إذا طلب ثلث الدول الأعضاء (عددها 47)- أن يقرر في أي وقت عقد دورة استثنائية لتناول انتهاكات وطوارئ حقوق الإنسان.