أزمات حقوقية وإشكاليات اجتماعية معقدة

الزواج من الأجانب.. "وطن الأمهات" يتحول إلى جحيم للأبناء في ليبيا

الزواج من الأجانب.. "وطن الأمهات" يتحول إلى جحيم للأبناء في ليبيا

الأطفال محرومون من الحصول على حقوقهم في التعليم والعلاج والأوراق الثبوتية الليبية

معاناة من الاضطهاد والتمييز والعنصرية والمعاملة السيئة من قبل المحيط الاجتماعي

منظمة (الرونق) للمرأة والطفل: لا توجد إحصائيات دقيقة وقمنا بالعديد من الحملات التوعوية 

عضو هيئة تدريس بجامعة الزيتونة: الدستور كفل العديد من الحقوق للمرأة وهذا الملف من أشد الملفات حساسية

تواجه الليبيات المتزوجات من أجانب مجموعة من التحديات القانونية والاجتماعية التي تؤثر على حياتهن بشكل كبير، أبرزها قضايا الجنسية والإقامة إلى جانب حقوق الملكية والعمل، بالإضافة إلى التنمر الاجتماعي، ما يضع عبئًا إضافيًا عليهن ويؤثر على استقرار أسرهن.

"جسور بوست" تسلط الضوء على هذا الملف الذي يعتبر من الملفات المهمة في ليبيا. 

شهادات لنساء ليبيات تزوجن من أجانب

تسرد "إيمان مرسال" أم لطفلين (ولد وبنت) من سكان العاصمة طرابلس، تجربتها في الزواج من أجنبي وما كابدته ولا تزال من مُعاناة مع أطفالها، نتيجة ظُلم القانون الليبي الذي لم يُنصف أبناءها، الذين يعتبرون حتى الآن تحت صفة "أجانب"، وموجودون على إقامتها.     

تقول "مرسال" تخرجت في كلية القانون ومارست مهنة المحاماة، وبعد سنة 2011 عملت بمجال الإعلام، ارتبطت برجل من تونس وكنت آنذاك بعمر (35) سنة، وكان هدفي أن أكون أماً وأكوّن أسرة وهو هدف أي فتاة تجاوزت الثلاثين من العمر، وبما أنه يعيش ويعمل في ليبيا لأكثر من (20) سنة، كان ارتباطا عاديا عن طريق العائلة، كونه مسلما ولا يعيبه شيء من هذه الناحية، إضافة إلى أننا قمنا بالتحري عن سوابقه وطلب الحالة الجنائية من القنصلية التونسية في ليبيا، وكانت النتيجة إيجابية لا شيء عليه من هذا الجانب، تم التوافق في ما بيننا وبدأنا إنجاز الإجراءات التي طُلبت منا، وقدمنا جميع الأوراق ومنحنا موافقة الشؤون الاجتماعية وشؤون الجنسية والجوازات وموافقة ولي الأمر، وقدمت كل هذه المستندات للمحكمة الشرعية بحضور والدي وتحصلت على موافقة القاضي الشرعي، وتم عقد القران. 

وتواصل "إيمان"، نتج عن العلاقة الزوجية طفلان، وعشنا مع بعض على مدى 5 سنوات، ولكن شاءت الأقدار ألّا يستمر هذا الزواج وانفصلنا بالتراضي، ومن هنا بدأت المشكلات تواجهني، حيث أصبحت مسؤولية أطفالي على كاهلي وحدي على الرغم من أن المحكمة حكمت بنفقة لهم، ولكن ظل الحكم حبرا على ورق، أضف إلى عدم تمكني من استخراج جوازات سفر لابني وابنتي، لأن الولاية لوالدهم ويتطلب الموضوع الخوض في محاكم وإجراءات طويلة ومعقدة، ومن جهة أخرى أجد بلدي غير منصف لي كمواطنة وأم ليبية، فليس لي إمكانية منح أطفالي جنسيتي، وبتالي هم يعتبرون أجانب ويعيشون على الأرض الليبية بموجب الإقامة التي أمنحها لهم.

إيمان مرسال

وتابعت أن بلادي حرمت أولادي من الحصول على حقوقهم في التعليم والعلاج والأوراق الثبوتية الليبية، كما عانى أطفالي من التنمر في المدرسة كونهم أبناء أجنبي، وهذا أثر سلباً عليهم، فهم في هذه السن لا يعون معنى أن والدهم أجنبي، وهم بالتالي يرجعون إلى بلده الأم وليس البلد الذي ولدوا وعاشوا وتأقلموا داخل مجتمعه، ولديهم أخوال وجدود وأقارب فيه.

وعبرت "مرسال" عن قلقها على مستقبل أبنائها في حالة وفاتها، فهل سوف يحميهم القانون الليبي ويسمح لهم في البقاء والعيش في ليبيا؟ مؤكدة ضرورة منح أبناء الليبيات المتزوجات أجانب الجنسية، ووضع ضوابط لا تكون تعجيزية.

وفي ذات الموضع روت "نادية زرتي"، المتزوجة برجل يحمل الجنسية المصرية -وهي أم لخمسة أبناء (4 بنات وابن) في عقدها الرابع، ومن سكان منطقة سوق الجمعة بطرابلس، مرتبطة بزوجها مُنذ أكثر من عشرين سنة ولا تزال تعيش معه، ولها ابنتان تدرسان بالجامعة- قصتها، معبرة عن استيائها من عدم إنصاف القانون الليبي لأبنائها، فهو يمنح حقوقا باليد اليمنى ويأخذها باليسرى، وتقول "حتى الآن لا يتمتع أبنائي بأي نوع من الحقوق وعلى رأسها الجنسية، فهم أجانب بالنسبة للقانون الليبي، وعلى الرغم من أن زوجي وفر البيت والسيارة، ومسجلين باسمي، وهو قائم بأمور البيت، فإن هاجس مستقبل أبنائي يقض مضجعي". 

وتضيف "زرتي" تزوجت بطريقة شرعية وقانونية وأخذت الموافقات بعد توفير المستندات المطلوبة بحضور أهلي وأقاربي والأصدقاء، وارتبطت بزوجي كأي زواج عادي وبموافقة الجميع، مشيرة إلى الإشكاليات والمضايقات التي تواجهها النساء الليبيات المتزوجات من أجانب، منها الاضطهاد والتمييز والعنصرية والمعاملة السيئة من قبل المحيط الاجتماعي.

وأوضحت، “دولتي لم تقف معي كامرأة لليبية لها حقوق، وربيت أبنائي على حُب الوطن الذي ولدوا وتربوا وعاشوا ولا يزالون يعيشون فيه، سعيت لأن يكونوا واجهة مشرفة لبلادي ديناً وخُلقاً وعلماً، ولأثبت أن المرأة الليبية حتى إن تزوجت غير ليبي بإمكانها أن تخرج جيلا يُسهم في بناء وطن، حتى إن كان القانون يعتبرهم أجانب، ولكن للأسف مُعاناتنا مع الحصول على الجنسية مستمرة، وأقول بمرارة يظل أبنائي في نظر القانون الليبي أجانب، ولا يمكن أن يحصلوا على أي حقوق سواء في التعليم أو الصحة أو التملك أو العمل، وتؤدي كل هذه الظروف إلى حالات عدم استقرار للأسرة، مبينة أن موضوع الجنسية للأبناء من أكبر التحديات القانونية التي تواجهها، ولكن عكس الرجل الليبي الذي يتزوج أجنبية، فحقوق أبنائه مضمونة ويحصلون على الجنسية”.

نادية زرتي

مطالبات 

تطالب "إيمان ونادية" بالنظر في هذا الملف بجدية، ويجب على المسؤولين في الدولة وعلى رأسهم رئيس الحكومة ووزيرة الشؤون الاجتماعية اتخاذ خطوات إيجابية فاعلة على الأرض، لإيجاد حل جذري ومُنصف للمرأة الليبية المتزوجة من أجنبي ولديها أبناء منه.

إحصائيات

ومن خلال التواصل مع منظمات المجتمع المدني المهتمة بهذا الملف، أوضحت المدير التنفيذي لمنظمة (الرونق) للمرأة والطفل نجلاء الفارسي، أنه لا توجد إحصائية محددة، ولكن بحسب إحصائية السجل المدني لعام 2022 كانت (8668) حالة، وهذه إحصائية غير صحيحة مقارنة بما هو موجود في دولة الجوار مصر، والتي يوجد بها (160) ألف ليبية متزوجة غير ليبي، بحسب قولها.

وتقول "الفارسي" إنها حملت على عاتقها هذا الملف مُنذ عام 2011 ولكن العمل الفعلي بدأ بعد خروج الرقم الوطني في سنتي (2012-2013) وتمييز المرأة الليبية المتزوجة بأجنبي، من هنا كانت المساعي إلى تغيير سلوكيات ومفاهيم المجتمع تجاه زواج الاختلاط وزواج الليبية بغير الليبي، كما أن تغيير دولة ليبيا من دولة ورقية إلى رقمية أحدثت فرقا في هذا الزواج من خلال تمييزها بحرف في رقمها الوطني، وبتالي حُرمت من عدة حقوق منها الحج، والميراث، والانتخاب والترشح، ولكن بفضل تكاتف الجهود تم استرجاع بعض هذه الحقوق، منها حق الضمان الاجتماعي، وإعطاؤها بطاقة منحة الزوجة (الإيڤا)، كذلك نجحنا في خطوة فتح ملف قانون (24) لسنة 2010 واللائحة التنفيذية لهُ واعتماده وإصدار قرارين واستلام الملفات والعمل عليها، ولكن حتى الآن لم تصدر أي وثيقة جنسية لابن أو ابنة مواطنة، وما زلنا في انتظار أي تعليمات من النائب العام أو رئيس الدولة المُعلن مستقبلاً، لأنه هو من لديه حق إعطاء الجنسية وفق القانون.

نجلاء الفارسي

وأضافت، كما أنه لدينا تواصل مع النائب العام ورئيس مصلحة الجوازات والجنسية والسجل المدني، بناءً على أي قرارات قد تصدر من حكومة الوحدة الوطنية، أو الحكومة الليبية في المنطقة الشرقية، بخصوص أي قانون أو لائحة تصدر، كما قمنا بإعداد مذكرات تم اعتمادها من النائب العام، وبناءً عليها صدر عن حكومة الوحدة الوطنية القرار رقم (322) بفتح الجنسية لأبناء الليبيات، وكذلك القرار رقم (902) بإعطاء حق المواطنة الدائمة لإتمام إجراءات الجنسية، وكل هذه الخطوات تمت في عام 2022.

وقالت "نجلاء" قمنا بالعديد من الحملات التوعوية على مستوى البلاد، منها حملة "ابنتكم" و"من حقي أن أنتخب"، جميعها تؤيد المرأة الليبية المتزوجة من أجنبي، والدفاع عن حقوقها، كذلك لنا مشاركات في مؤتمرات محلية ودولية بالخصوص، وحالياً نستعد لإطلاق حملة موسعة تشمل الأقاليم الثلاثة (جنوب غرب شرق) تحت مسمى (حقي في موطني)، ستنطلق في أغسطس القادم، تضم ورش عمل وجلسات حوارية مع استهداف المؤسسات الإعلامية بمختلف أنواعها، ونختمها بندوة موسعة مع أصحاب القضية، وصُناع القرار ومنفذي القانون والقرارات والجهات ذات العلاقة، مؤكدة أنه لدينا حقوق في الدولة لن نسكت عليها بموجب القوانين والقرارات والمواثيق الدولية موقع عليها، وهي داعم لنا. 

الإطار القانوني 

يشترط لإتمام عقود زواج الليبيين والليبيات من العرب والأجانب ومنح الموافقة توفر مجموعة موافقات ومستندات، حيث يتوجب على المرأة الليبية المُقدمة على الزواج من أجنبي الحصول على إذن من وزارة الشؤون الاجتماعية، كذلك موافقة ولي الأمر وحضوره شخصياً وهو شرط أساسي، بالإضافة إلى إجراء بحث اجتماعي عن حالتها وحالة الأسرة وفق دراسة كاملة وشاملة قبل أن تُمنح الموافقة لها، أيضاً الرقم الوطني وصورة من جواز السفر أو البطاقة الشخصية، وشهادة صحية سارية المفعول، وشهادة بالحالة الجنائية، وشهادة بالوضع العائلي من السجل المدني وأخرى بالإقامة من المجلس البلدي، ورسالة من جهة العمل في حال أنها تعمل.

وبالنسبة للطرف الأجنبي فهو مُلزم بإحضار طلب كتابي وشهادة صحية سارية المفعول مُصدق عليها من وزارة الخارجية الليبية ومترجمة للعربية، وشهادة بالحالة الجنائية مُصدق عليها من الخارجية الليبية ومترجمة أيضاً، وموافقة سفارة بلد مقدم الطلب مصدقة من الخارجية الليبية، وشهادة بالدخل المهني أو الوظيفي وأن يكون للأجنبي إقامة سارية المفعول للمقيمين داخل ليبيا، وإفادة من سفارة أو سلطات دولة الطرف الأجنبي مصدقة من الخارجية الليبية تفيد بأنه غير متزوج أو مطلق، والرقم الوطني (القومي)، وإثبات الديانة (شهادة إشهار الإسلام)، وشهادة من الأمن الخارجي الليبي. 

هذا ما أكدته "ندى عبدالرحمن أبوتوتة" عضو هيئة التدريس بجامعة الزيتونة كلية القانون، وأستاذة المصطلحات القانونية بالمعهد العالي للقضاء لـ"جسور بوست"، المهتمة بالمواضيع التي تتعلق بالحقوق الدستورية للمواطن الليبي خاصة المرأة، التي كفل لها الدستور العديد من الحقوق.

تقول "أبوتوتة" تصدر قوانين وقرارات يكون مقابل الحقوق الدستورية بها نوع من الغموض وعدم التطبيق الفعلي على أرض الواقع، مشيرة لارتفاع عدد الليبيات المتزوجات من الأجانب في السنوات الأخيرة، مقابل ارتفاع نسبة المهاجرين وطالبي اللجوء والعابرين من إفريقيا إلى أوروبا عن طريق الأراضي الليبية، موضحة أنه مُنذ أكثر من عام مضى أوعز المجلس الأعلى للقضاء إلى السلطتين التشريعية والتنفيذية بضرورة التدخل لوضع تشريعات تقيد زواج المرأة الليبية من الأجنبي، وربما كان الغرض منها المساس بالتركيبة الديموغرافية للمجتمع الليبي، وفي ظنهم أنه مساس للأمن القومي للدولة الليبية.

وحددت "ندى" بعض المصطلحات التي ربما لا تكون واضحة ومفهومة أو يكون بها خلط بالتفسير في الشارع الليبي وللعامة داخل المجتمع، منها مصطلح (أجنبي)، الذي يُفسر شرعياً وقانونياً، فالأجنبي في الشريعة الإسلامية هو كل رجل محرم على المرأة الليبية ولا يدخل في نطاق المحارم، بينما قانوناً هو عبارة عن الشخص الذي لا يحمل الجنسية، حيث حددت المواد المذكورة في القانون رقم (10) لسنة 2010، كل من لا يحمل الجنسية الليبية يُعتبر أجنبيا ويعامل على هذا الأساس، منوهة إلى أن الأجنبي يطلق على المسلم وغير المسلم والعربي وغير العربي، وأن اللائحة التنفيذية للقانون رقم (10) أوضحت هذه المصطلحات توضيحا دقيقا.

وبينت "أبوتوتة" أن هذا الملف هو من أشد الملفات حساسية، لأن القانون في البداية نظم المواد وإمكانية زواج المرأة الليبية من أجنبي، ولكن اشترط بحسب القانون رقم (10) لسنة 1984، بشأن الزواج والطلاق بزواج المسلمة، لا بد أن يكون مُسلما، عكس الرجل المُسلم الذي لهُ الحق أن يتزوج بكتابية بحسب الشرع، ولكن في ما يتعلق بالجنسية قيدت القوانين هذا الموضوع بشروط حتى تحصل المرأة الليبية على عقد الزواج من أجنبي.

ندى عبد الرحمن أبو توتة

كذلك زواج الليبي من غير الليبية، والذي لم تساوِ فيه بين الليبية وزواجها من أجنبي في نقطة ضرورة الحصول على الموافقة من الأمن الخارجي للأجنبي، بينما المواطن الليبي غير مطالب بذلك لزوجته الأجنبية، أيضاً الإشكالية التي تنبثق عما تقدم أنه لا يحق لأبناء الليبية المتزوجة من أجنبي التمتع بجنسية والدتهم إلا وفق تعقيدات كبيرة، وبتالي هم معرضون لأن يصبحوا بدون جنسية، إلا في حالة الحصول على جنسية والدهم فقط.

وفي السياق، فإن أبناء الليبية المتزوجة من أجنبي لا يتمتعون بمجانية التعليم والرعاية الصحية التي يتمتع بها أولاد الليبي المتزوج من أجنبية، وهذا صادر حقهم في المواطنة وحق الليبية بأن تمنح أبناءها الحقوق السياسية، أيضاً لا يحق لهم الترشح في الانتخابات أو باقي الحقوق السياسية، وهذا يخالف الالتزامات الدولية التي صادقت عليها الدولة الليبية في ما يتعلق بالاتفاقيات المناهضة للعنصرية وحقوق الإنسان، أيضا اتفاقيات التمييز العنصري ضد المرأة، والعهد الدولي والحقوق المدنية والسياسية.

نظرة المجتمع 

ونسبت "ندى" وضع المرأة الليبية المتزوجة من أجنبي إلى أن المشكلة بدأت من النظرة المجتمعية لها، فهم دائماً يعتبرونها أقدمت على فعل مسيء لأسرتها وقبيلتها ولمجتمعها، وعادة توصف بأوصاف غير لائقة وبشعة، تصل حتى الطعن في شرفها وشرف أسرتها وتُصبح امرأة منبوذة هي وأسرتها من المجتمع، ويصل الأمر أحياناً إلى اضطهادها وتعنيفها جسدياً والضغط على أسرتها، ما يضطرها لمغادرة البلاد مع زوجها، وهذا واقع تم رصده خلال تقارير من قبل منظمات حقوق الإنسان وحقوق المرأة في ليبيا، مؤكدة صعوبة حصول المرأة الليبية المتزوجة من أجنبي على الأوراق والمستندات الثبوتية، معللة ذلك برفض السلطات الليبية التعامل معها ومع زوجها وأبنائها، وهذا له تأثيرات سلبية ومشكلات على الأبناء خاصة من هم دون سنة (18) سنة.

اللائحة وضعت عراقيل وتعقيدات كثيرة، أما القانون فأباح وجعل إمكانية الزواج مباحة بمصطلح (يجوز)، بتوفر الشروط المذكورة في اللائحة، وفي كلا الحالتين سواء كان المتقدم لليبية عربيا أو غير عربي لا بد أن تقدم هذه المستندات إلى لجنة مختصة بوزارة الشؤون الاجتماعية، وهي المخولة بإعطاء الموافقة من عدمه، وفي أغلب الأحوال يتم رفض هذه المستندات وتأجيل النظر فيها حتى يمل الطرفان، أو يتخذوا قرارا بالزواج من دونها، وهذا يعد مشكلة بحد ذاتها، لأن الزواج يصبح غير معترف به لدى السلطات الليبية.

مُعاناة الأبناء 

بالنسبة للابن الذي يكون من أم ليبية وأب أجنبي وتحت السن القانونية، سيكون تابعا في هذه المرحلة لوالده باعتباره وليه، ولا يتمتع بالجنسية الليبية، وهنا  تتكون آثار على ذلك، منها عدم تمكنه من الالتحاق بالمدارس المجانية، ناهيك عن التنمر الاجتماعي، أيضاً عندما يود الدخول للجامعة ستكون أمامه عقبة ويعامل معاملة الأجنبي بدفع الرسوم مقابل لذلك، وحتى إن أكمل تعليمه وتميز وتحصل على شهادة عليا لا يمكنه الحصول على عمل أو وظيفة، غير حقه في التملك وعدم حصوله على رقم وطني، مشيرة إلى القرار رقم (508) لعام 2022 الصادر عن وزارة الاقتصاد بحكومة الوحدة الوطنية، بحظر جميع الأنشطة على غير الليبيين، وأعمال الوساطة العقارية والاستئجار، وبهذا تكون كل الأبواب سدت في وجه ابن الليبية المتزوجة من أجنبي باعتبار أبنائها أجانب، ولن تكون لديهم خيارات بديلة غير أن يذهب إلى دولة أبيه، أو يلتحق بركب المهاجرين غير الشرعيين.

وتابعت في هذه المسألة التي نسلط الضوء عليها، عند صدور لائحة بالمخالفة للقانون المفترض اعتبارها ملغية، أو يتم تعديل البنود التي نصت عليها، بما يتوافق مع القانون والدستور، وهذا يرجع إلى الجهة التي أصدرت هذه اللائحة أو أي شخص يكون له مصلحة شخصية، فمثلاً المرأة المتزوجة من أجنبي ولم تمنح حق منح الجنسية لأبنائها، تتقدم إلى القضاء الإداري في إحدى الدوائر الدستورية، ويحق لها تقديم طعن في هذه اللائحة.

وأردفت "ندى"، الإعلان الدستوري المؤقت كذلك مسودة مشروع الدستور القادم لسنة 2017 كفلا حق المرأة الليبية بمنح جنسيتها لأبنائها.

وناشدت "أبوتوتة" السلطات بعدم إهمال هذا الموضوع، بعد أن تشعب وأصبح في المجتمع الليبي فئة تكبر وتكثر بدون أرقام وطنية، ينتمون إلى أمهاتهم الليبيات، وفي مثل هذا الحال وجب على الدولة الليبية أن تقف معهم، وتوعية المرأة الليبية بحقوقها، وأن يكون لوزارة الشؤون الاجتماعية دور حقيقي واضح، أيضاً مكاتب دعم وتمكين المرأة يجب أن يكون لها دور في هذا الملف، ومن ثم نلجأ إلى القضاء وهو حق من الحقوق الأساسية والدستورية، مشددة على ضرورة إجراء إصلاحات قانونية وزيادة الوعي وتعزيز الدعم القانوني لتحسين أوضاع هؤلاء النساء وتوفير بيئة أكثر عدالة واستقرارًا، وبتحقيق هذه الأهداف، يمكن تحقيق تقدم كبير نحو العدالة والمساواة في المجتمع الليبي.

 

 

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية