الأمم المتحدة: «ذكرى الحرب في أوكرانيا» محطة قاتمة من معاناة المدنيين
الأمم المتحدة: «ذكرى الحرب في أوكرانيا» محطة قاتمة من معاناة المدنيين
وصف مسؤولون أمميون الذكرى السنوية الثالثة للحرب الروسية الشاملة على أوكرانيا بأنها "معلم قاتم وتذكير صارخ" بالمعاناة التي تكبدها المدنيون منذ بدء النزاع في عام 2014 وتصاعده في 2022.
ونقل موقع أخبار الأمم المتحدة، الجمعة، عن منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في أوكرانيا، ماتياس شمالي، ان العام الماضي شهد ارتفاعًا بنسبة 30% في عدد الضحايا المدنيين مقارنة بعام 2023، ما أكد أن الوضع الإنساني يتدهور، خاصة في المناطق القريبة من الخطوط الأمامية.
وكشف شمالي أن 12.7 مليون شخص، أي ما يعادل 36% من سكان أوكرانيا، بحاجة إلى مساعدات إنسانية خلال عام 2025، وأشار إلى أن الهجمات على البنية التحتية للطاقة تهدد بترك المستشفيات والمنازل دون كهرباء وتدفئة مع اقتراب الشتاء، مما يزيد من معاناة السكان المحليين.
ومع دخول الحرب عامها الرابع، شدد على استمرار الحاجة الملحة إلى المساعدات الإنسانية، مشيرًا إلى أن "كل يوم يشهد سقوط قتلى وجرحى من المدنيين، وتدمير منازل ومدارس، وانهيار سبل العيش".
أولويات الاستجابة الإنسانية
حددت الأمم المتحدة أربع أولويات رئيسية لعام 2025، بدءًا بدعم المدنيين القاطنين في الخطوط الأمامية وتقديم المساعدات للمناطق الأكثر تضررًا، تمثلت الأولوية الثانية في إدارة عمليات الإجلاء العاجلة، إذ غالبًا ما يضطر المدنيون إلى الفرار دون سابق إنذار، تاركين وراءهم ممتلكاتهم وحياتهم المستقرة.
وشملت الأولوية الثالثة تعزيز التعاون مع المنظمات المحلية للاستجابة السريعة للضربات العسكرية، بينما ركزت الأولوية الرابعة على توفير حلول أكثر استدامة للنازحين داخليًا، إذ وصف شمالي الأزمة بأنها "أكبر موجة نزوح في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية".
وأكد أن أكثر من 10 ملايين شخص لا يزالون مشردين، من بينهم 3.7 مليون شخص نزحوا داخل أوكرانيا، حيث يعيش العديد منهم في ملاجئ غير مناسبة أو في مجتمعات مكتظة.
تصاعد انتهاكات حقوق الإنسان
أكدت رئيسة بعثة الأمم المتحدة لمراقبة حقوق الإنسان في أوكرانيا، دانييل بيل، أن النزاع المستمر أدى إلى انتهاكات متزايدة للقانون الإنساني الدولي، وشددت على ضرورة أن تظل حقوق الإنسان محور أي مفاوضات تهدف إلى تحقيق سلام دائم.
وتحققت البعثة من مقتل 12654 مدنيًا وإصابة 29392 آخرين منذ 24 فبراير 2022، وأوضحت أن 84% من الإصابات وقعت في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الأوكرانية، بينما سجلت 16% في المناطق التي تحتلها القوات الروسية.
وذكرت بيل أن الاستخدام المكثف للأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة أدى إلى موجات نزوح واسعة النطاق وتعطيل الخدمات الأساسية.
ارتفاع حالات الإعدام
وثقت بعثة الأمم المتحدة ارتفاعًا مقلقًا في عمليات الإعدام الميدانية للجنود الأسرى منذ أغسطس 2024، وأفادت بتلقي تقارير موثوقة تفيد بإعدام 81 جنديًا أوكرانيًا على أيدي القوات الروسية خلال هذه الفترة، في حين تم تسجيل حالة واحدة لإعدام جندي روسي على يد القوات الأوكرانية.
وكشفت التقارير أيضًا عن إعدام 170 مدنيًا في المناطق الخاضعة للسيطرة الروسية، بما في ذلك داخل مراكز الاحتجاز، وأفاد ثلاثة أرباع المعتقلين المدنيين المفرج عنهم بأنهم تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة خلال فترة احتجازهم.
وحذر صندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) من التأثير العميق للحرب على الأطفال والمراهقين، حيث أظهر استطلاع حديث أن واحدًا من كل خمسة أطفال في أوكرانيا فقد قريبًا أو صديقًا مقربًا منذ تصاعد النزاع قبل ثلاث سنوات.
وصرحت المديرة التنفيذية لليونيسف، كاثرين راسل، بأن "الموت والدمار باتا جزءًا من الحياة اليومية للأطفال في أوكرانيا"، مما يسبب مستويات مقلقة من الخوف والمعاناة ويؤثر على نموهم ومستقبلهم.
عام دموي للأطفال
كشفت بيانات اليونيسف أن عام 2024 كان الأكثر دموية للأطفال مقارنة بالعام السابق، حيث ارتفع عدد الضحايا الأطفال بنسبة 50%، مع مقتل أو إصابة أكثر من 2520 طفلًا منذ فبراير 2022، ورجحت المنظمة أن يكون العدد الفعلي أعلى نظرًا لصعوبة التحقق من جميع الحالات.
وأدى النزاع إلى تدمير أو تضرر أكثر من 1600 منشأة تعليمية ونحو 790 مرفقًا صحيًا خلال السنوات الثلاث الماضية، وأكدت اليونيسف أنها تعمل مع شركاء محليين ودوليين لتقديم خدمات أساسية، بما في ذلك الرعاية الصحية والمياه النظيفة والمساعدات النقدية والتعليم وحماية الأطفال في المناطق المتضررة.
جهود التعافي والتنمية
واصلت اليونيسف تنفيذ برامج لدعم التعافي وإعادة الإعمار، مركزة على تعزيز التماسك الاجتماعي وتقوية الأنظمة التعليمية والصحية لحماية حقوق الأطفال وأسرهم، كما عملت المنظمة على إعادة تأهيل شبكات المياه والصرف الصحي وتوفير مستلزمات الشتاء للعائلات النازحة.
وأكدت راسل ضرورة توفير الحماية للأطفال وفقًا للقانون الإنساني الدولي، مشددة على أن "الأطفال في أوكرانيا بحاجة إلى سلام مستدام يتيح لهم فرصة تحقيق إمكاناتهم الكاملة".