في حوار مع «جسور بوست».. برلمانية مصرية: أتمنى الإفراج عن علاء عبدالفتاح.. والديمقراطية تتراجع عالميا

في حوار مع «جسور بوست».. برلمانية مصرية: أتمنى الإفراج عن علاء عبدالفتاح.. والديمقراطية تتراجع عالميا
أميرة صابر

تقترب مصر من إسدال الستار على الفصل التشريعي الحالي تمهيدا لانتخابات برلمانية في النصف الثاني من العام الجاري، وسط محيط ملتهب بالحروب والنزاعات المسلحة، خلقت ضغطا اقتصاديا على الواقع المصري، خصوصا ما يتعلق بإيرادات قناة السويس المتأثرة بحالة الأمن غير المستقرة في البحر الأحمر.

داخليا، ترتفع الأصوات المعارضة التي تتهم السلطة بقمع حرية الرأية والتعبير، والزج بأصحاب الآراء المخالفة في السجن، وتعرضهم للحبس لفترات طويلة، ومن بين أبرز القضايا التي سلطت منظمات حقوقية وأصوات معارضة الضوء عليها، تمديد فترة حبس الناشط السياسي علاء عبدالفتاح عامين إضافيين، تقول السلطات إنها قانونية.

وفي حوار مع «جسور بوست» تجيب البرلمانية المصرية، أمين سر لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، وعضو مجلس أمناء الحوار الوطني، ونائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي أميرة صابر، على العديد من الأسئلة حول وضعية سجناء الرأي في مصر، ودور البرلمان والحوار الوطني في الارتقاء بوضعية حقوق الإنسان ومواجهة التحديات التي تعوق إعمال الحقوق المدنية والسياسية جنبا إلى جنب مع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

كما تسلط البرلمانية المصرية الضوء على التحديات التي تواجه نواب المعارضة في مجلس النواب في التصدي لبعض مشروعات القوانين أو قرارات الاقتراض التي قد لا تتماشى مع المزاج والمصلحة الشعبية، وتفضيلاتها للنظام الانتخابي الذي يجب أن تكون عليه عملية الانتخابات البرلمانية المقررة العام الجاري.. وإلى الحوار.

لماذا تصر السلطات المصرية على احتجاز الناشط السياسي علاء عبدالفتاح رغم انتهاء مدة حبسه؟

الجدل القائم حول احتجاز علاء عبدالفتاح يرتبط باختلاف التفسيرات القانونية بشأن مدة الحبس؛ هناك وجهة نظر قانونية تؤكد أن مدة الحبس الاحتياطي تُحتسب ضمن إجمالي المدة التي قضاها المتهم، بينما التفسير الذي تتبناه الجهات الرسمية يشير إلى أن احتجازه الحالي مرتبط بقضية أخرى، وبالتالي لا يتم احتساب مدة حبسه الاحتياطي ضمن العقوبة في القضية الجديدة، وبناءً على هذا التفسير، فإن مدة حبسه المستمرة تُعتبر قانونية، ومن المتوقع أن تنتهي وفقًا للحكم الصادر بحقه في عام 2027.

لكن بعيدًا عن الجانب القانوني، فإن الإفراجات الأخيرة عن عدد من المعتقلين السياسيين كانت مؤشرًا إيجابيًا على إمكانية حدوث انفراجة في هذا الملف. فقد شهدنا الإفراج عن شخصيات بارزة مثل أحمد دومة وزياد العليمي وعمر الشنيطي، رغم تعقيد أوضاعهم القانونية والسياسية، وهو ما عزز الآمال في إدراج علاء عبدالفتاح ضمن قرارات العفو المقبلة.

الوضع في حالة علاء يحمل بُعدًا إنسانيًا إضافيًا، خاصة مع إضراب والدته الدكتورة ليلى سويف عن الطعام للمطالبة بالإفراج عنه، ولذلك، فإن المطالبات المستمرة – سواء من القوى السياسية أو الحقوقية، ومن بينها الحزب المصري الديمقراطي الذي أنتمي إليه – تؤكد ضرورة الإفراج عنه، باعتبار أنه أتم فترة العقوبة، ومن ثم لم يعد هناك ما يستدعي استمرار احتجازه، وما زلت أتمنى أن تشهد الفترة القادمة خطوة إيجابية في هذا الاتجاه، وأن يتم استكمال الجهود المبذولة لحل ملف المحتجزين على خلفية قضايا الرأي.

في حال تدهور صحة الدكتورة ليلى سويف أو وفاتها بسبب الإضراب عن الطعام، من يتحمل المسؤولية؟

بالطبع، أتمنى السلامة للدكتورة ليلى سويف، وأتمنى ألا نصل إلى هذه المرحلة أبدًا، الحقيقة أنني كنت سعيدة جدًا لأن من بين الأسباب التي دفعتها لإنهاء إضرابها عن الطعام كان تقديم طلب إحاطة من النائب فريدي البياضي زميلي في الحزب المصري الديمقراطي، وهو ما ذكرته بنفسها، هذا يعكس مدى التضامن الواسع الذي حظيت به مطالبها، بالإضافة إلى التحركات العاجلة التي جرت استجابةً لقضيتها. الحمد لله أن صحتها بدأت في التحسن، وأتمنى أن تستمر في ذلك، وألا نفقد أبدًا شخصية بحجم وتأثير الدكتورة ليلى سويف، كما أتمنى أن يتم الإفراج عن علاء عبد الفتاح في أقرب وقت ممكن.

بعض الأصوات الدولية ترى في حبس البرلماني السابق أحمد الطنطاوي انتقامًا بسبب معارضته للسلطة الحالية.. ما تعليقك؟

الحقيقة، لا شك أن حملة أحمد الطنطاوي للترشح في الانتخابات الرئاسية الماضية ارتكبت خطأ جسيمًا عندما دعت إلى جمع التوكيلات خارج الإطار القانوني الرسمي، فحين يترشح شخص لمنصب رئيس الجمهورية، يكون الالتزام بالقانون واحترام الأطر القانونية أمرًا أساسيًا، حتى مع وجود تضييقات أو اختلافات جوهرية في المشهد السياسي، ورغم ذلك، كنا في حزبنا، رغم امتلاكنا لمرشح خاص بنا، ندعم بشكل واضح حق الطنطاوي ومؤيديه في الحصول على التوكيلات اللازمة للترشح، تمامًا كما ندعم هذا الحق لأي مرشح معارض آخر.

لكن للأسف، ما قوبلنا به كان قمعًا شديدًا من قبل المعارضة لمحاولات الترشح، لدرجة وصلت إلى التشهير بحملة فريد زهران، وهو أمر محزن للغاية، فالمعارضة في مصر تحتاج إلى أن تقدّر جهود بعضها البعض، وهذه الجهود قليلة أصلًا وتحتاج إلى مضاعفتها أضعافًا، وليس الدخول في دوائر التكسير والتخوين، التي لا تؤدي إلا إلى خسائر للجميع.

استعرضت مصر سجلها الحقوقي أمام آلية الاستعراض الدوري الشامل هذا العام.. لماذا تغيب حتى الآن تشريعات مثل التشريع الخاص بمفوضية مكافحة التمييز رغم أنه استحقاق دستوري؟

غياب مثل هذه التشريعات رغم كونها استحقاقات دستورية يسبب لي شخصيًا الكثير من الغضب، فمفوضية مكافحة التمييز، على سبيل المثال، نوقشت بالفعل في الحوار الوطني، وفي تنسيقية شباب الأحزاب، كما ناقشتها الأحزاب السياسية نفسها، والجميع متفق على ضرورتها وعلى كيفية توافقها مع النصوص الدستورية الحالية، لذلك، لا أرى أي مبرر لتأخير صدور القانون المتعلق بها، وهو مطلب سنواصل الدفع به والمطالبة بتحقيقه.

لماذا يزداد عدد سجناء الرأي رغم وجود لجنة العفو الرئاسي والحوار الوطني؟

الحقيقة أنه لا يوجد لدي تقدير دقيق حول ما إذا كان عدد الموقوفين على خلفية قضايا الرأي يزداد مقارنةً بمن تم الإفراج عنهم. لكن المؤكد أن هناك العديد من القضايا السياسية الكبيرة التي تم حلها بالفعل، وشهدنا إطلاق سراح شخصيات بارزة خلال الفترة الماضية.

نعم، هناك أشخاص جدد يتم توقيفهم، ولكن القول بأن الداخلين أكثر من المفرج عنهم يحتاج إلى شواهد دقيقة. ومن جهتنا، كممثلين عن تيارات سياسية ومجتمعية، لدينا مطالبات مستمرة بالإفراج عن عشرات المحبوسين في قضايا رأي، خاصةً ممن جرى توقيفهم على خلفية التظاهر دعماً للقضية الفلسطينية وغيرها من القضايا. معالجة هذه الملفات تتطلب رؤية سياسية أكثر انفتاحاً.

- حلت مصر في المرتبة 128 في ترتيب الدول على مؤشر الديمقراطية.. ما دلالة هذا الوضع؟

لا شك أن الديمقراطية تمر بواحدة من أسوأ مراحلها عالميًا، وفقًا لمؤشر الديمقراطية الذي كشف في أحدث تقاريره عن تراجع غير مسبوق منذ بدء قياسه عالميًا، ويعكس هذا المؤشر خمسة محاور رئيسية: العملية الانتخابية والتعددية، الحريات المدنية، أداء الحكومة، احترام القرارات الديمقراطية، والثقافة السياسية الديمقراطية.

على مستوى العملية الانتخابية والتعددية، تبرز تساؤلات حول مدى الحرية التي تتمتع بها الأحزاب المعارضة، وشفافية الانتخابات، وقدرة القوى السياسية على التأثير الفعلي، وفي دول مثل مصر، رغم وجود العديد من الأحزاب، إلا أن مستوى تمثيلها وتأثيرها محل تساؤل، ما يستدعي وقفة جادة لتقييم مدى تعددية المشهد السياسي.

أما فيما يخص الحريات المدنية، فلا تزال هناك تحديات كبيرة، ليس فقط على مستوى سياسات الدول، ولكن أيضًا داخل المجتمعات نفسها، حيث يمارس الأفراد أحيانًا نوعًا من التسلط الاجتماعي على بعضهم البعض، ومع ذلك، يمكن الإشارة إلى أن الدولة قطعت خطوات أوسع في ملفات مثل تمكين المرأة، مقارنة بسرعة استجابة المجتمع لهذه التغيرات.

والأمر لا يقتصر على الدول النامية فقط، بل إن التراجع الديمقراطي طال دولًا كبرى، حيث شهد العالم قمعًا متزايدًا للتظاهرات، وقيودًا على حرية التعبير، حتى في الجامعات الغربية، كما حدث مع التضييق على الأصوات الداعمة للقضية الفلسطينية في الولايات المتحدة.

في المجمل، يواجه العالم اليوم تحديًا كبيرًا في الحفاظ على مكتسبات الديمقراطية، وهو ما يستدعي تحركات جدية لضمان استعادة المساحات السياسية والمدنية التي تراجعت خلال السنوات الأخيرة.

- يشتكي الأشخاص ذوي الإعاقة مما يصفونه بانتهاك حقوقهم الدستورية والقانونية.. كيف تعاملتم مع الأمر في مجلس النواب؟

يواجه الأشخاص ذوو الإعاقة في مصر العديد من التحديات، هذا حقيقي، وعلى الرغم من إقرار عدد من التشريعات الداعمة، فإن الفجوة لا تزال قائمة بين السياسات المعلنة وتطبيقها الفعلي على أرض الواقع، وأنا بصفتي النيابية، قدمت مقترحًا برغبة لإنشاء نظام إلكتروني يُسجل فيه الأطفال حديثو الولادة ممن لديهم إعاقات ظاهرة، يهدف هذا النظام إلى تسهيل حصولهم على الخدمات الأساسية، سواء في مجالات الصحة أو التعليم أو التوظيف، دون الحاجة إلى إجراءات بيروقراطية معقدة.

ومن بين أبرز التحديات التي تواجه هذه الفئة، عدم تحقيق نسبة توظيف ذوي الإعاقة في القطاعين العام والخاص وفقًا للنسب المقررة دستوريًا، والعديد من المبادرات المجتمعية أثبتت أن ذوي الإعاقة قادرون على العمل بفاعلية، خاصة في المهن التي لا تتطلب مجهودًا بدنيًا كبيرًا، إلا أن بيئة العمل لا تزال غير مؤهلة بالشكل الكافي لاستيعابهم، ما يعكس ضعف الوعي المجتمعي بأهمية إدماجهم في سوق العمل.

«وأغلب الشكاوى تتركز في التعقيدات التي تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة في مسألة استيراد السيارات المجهزة طبيا».

كما أن الفساد في هذا الملف أدى إلى استغلال غير المستحقين لهذه السيارات، ما دفع الجهات المعنية إلى اتخاذ إجراءات مشددة أضرت بالمستحقين الفعليين، والمسؤولية هنا لا تقع فقط على الحكومة، بل إن هناك حاجة إلى وعي مجتمعي يُجرّم استغلال هذه الامتيازات بطرق غير قانونية، ومجلس النواب أقر عددًا من التشريعات التي تصب في مصلحة ذوي الإعاقة، إلا أن التحدي الحقيقي يكمن في التطبيق الفعلي لهذه القوانين، ويجب ضمان العمل على سد الفجوة بين السياسات الحكومية وتنفيذها، لضمان حصول ذوي الإعاقة على حقوقهم كاملة دون عوائق.

بصفتك عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، ما الذي حققته منصة الحوار حتى الآن؟

الحوار الوطني حقق إنجازات ملموسة، خاصة في ظل حالة الجمود السياسي التي كانت سائدة قبل انطلاقه، قبل الحوار، لم تكن هناك منصة تجمع مختلف الأطراف السياسية، وكان المجال العام يفتقر إلى التنوع في الرؤى والنقاشات، ولكن مع بدء الحوار، شهدنا انفتاحًا أكبر على مناقشة القضايا الوطنية، وخلق مساحة للحوار بين التيارات المختلفة.

المسارات الثلاثة للحوار (السياسي والاقتصادي والاجتماعي) سلطت الضوء على ملفات حيوية، وأسهمت في مناقشة مشروعات قوانين مهمة، مثل قانون تنظيم الثروة المعدنية وقانون مكافحة التمييز، الذي من المنتظر إقراره قريبًا. إضافة إلى ذلك، كان للحوار الوطني دور في الدفع بملف الإفراج عن عدد كبير من المسجونين على خلفية قضايا الرأي، وهو ما يعكس الانفراجة السياسية التي أحدثها الحوار.

وما سبب غياب منصة الحوار الوطني عن الساحة في هذا التوقيت المهم؟

في الوقت الحالي، هناك نوع من التجميد في المشهد، سواء على مستوى لجنة العفو الرئاسي أو الحوار السياسي نفسه، وأرى أن هذا التوقف يعود إلى تركيز الدولة بشكل كبير على الملفات الخارجية والتوترات الجيوسياسية التي ألقت بظلالها على الداخل، واليوم، الأولوية أصبحت للاستقرار الإقليمي، خاصة مع التداعيات الاقتصادية الناتجة عن الأزمات في الشرق الأوسط، مثل تأثيرات الحرب على قناة السويس، قطاع السياحة، والاستثمارات الأجنبية.

ومع ذلك، لا ينبغي أن يكون هذا سببًا لتوقف الحوار الوطني. لا تزال هناك مخرجات عديدة لم تُنفذ بعد، وتطبيقها سيُحدث فارقًا حقيقيًا في المشهد السياسي، لذا، أرى أن العودة إلى الحوار الوطني وتفعيل نتائجه باتت ضرورة ملحة لتعزيز مسار الإصلاح السياسي والاقتصادي.

وفي المرحلة المقبلة، ومع اقتراب انتخابات ستحدد ملامح المشهد السياسي لخمس سنوات قادمة، من الضروري إعادة إحياء هذا الحراك وتفعيل دور الحوار الوطني، لضمان عملية سياسية أكثر انفتاحاً وتفاعلاً مع متطلبات المجتمع.

- وما مدى رضاءك عن التمكين السياسي للمرأة تحت قبة البرلمان؟

شهدت مصر تطورًا ملحوظًا في تمكين المرأة على مستوى التمثيل البرلماني، حيث وصلت نسبة النساء في البرلمان إلى مستوى يُعد معقولًا مقارنة ببرلمانات المنطقة، بل ويعتبر رقمًا مقبولًا على الصعيد العالمي. ورغم هذه الزيادة العددية، تظل هناك تساؤلات جوهرية حول مدى تأثير النساء البارزات في الحياة السياسية الحزبية، وقدرتهن على المنافسة في الانتخابات الفردية، ومدى تقبل المجتمع لانتخاب المرأة في مواقع قيادية مؤثرة.

في سياقات أخرى، شهدت السنوات الأخيرة تطورات ملحوظة في تمكين المرأة وظيفيًا، حيث أصبحت السيدات يشغلن مواقع كانت حكرًا على الرجال، مثل منصات القضاء، هذا التقدم يعكس تحولًا في الأدوار التقليدية للمرأة، وهو بلا شك تمكين له انعكاسات سياسية واجتماعية مهمة.

في تقديرك.. ما أبرز التحديات التي تواجه المرأة المصرية في الحياة السياسية؟

تواجه المرأة المصرية تحديات كبيرة، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي أدت إلى تراجع أعداد النساء في سوق العمل، ما يفرض ضرورة إعادة النظر في السياسات الداعمة لحقوق المرأة الاقتصادية والاجتماعية، كما أن تحقيق تمكين حقيقي للمرأة لا يقتصر على زيادة التمثيل العددي في البرلمان، بل يتطلب تعزيز المشاركة الفعلية في صنع القرار، وضمان بيئة تتيح لها ممارسة دورها بفاعلية.

من هنا، يصبح التركيز على التوعية السياسية للفتيات منذ المراحل التعليمية المبكرة أمرًا بالغ الأهمية، سواء في المدارس أو الجامعات أو حتى النوادي، باعتبارها مساحات تساهم في بناء الوعي وتعزيز جدية المشاركة السياسية للمرأة، إن التمكين الحقيقي يتطلب حلولًا مبتكرة تأخذ في الاعتبار ليس فقط الأعداد، بل جودة المشاركة وتأثيرها الفعلي في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

- ولماذا يشعر المواطن في الشارع أن البرلمان متواطئ مع الحكومة فيما يعيشه من أزمات معيشية مرتبطة بالاقتصاد؟

يشعر العديد من المواطنين بأن البرلمان يتواطأ مع الحكومة، خاصة عندما تُمرر قروض أو مشاريع قوانين يُنظر إليها على أنها غير عادلة، رغم محاولات بعض النواب – لا سيما المنتمين للمعارضة – وأنا منهم، للتصدي لها، وتعكس هذه الحالة فجوة واضحة في التواصل بين الجماهير والنواب، وهي فجوة تؤثر سلبًا على أداء البرلمان ودوره الرقابي والتشريعي.

لو كان هناك تواصل فعّال بين النواب والمواطنين، لكان النائب أكثر حرصًا على مراعاة مواقف ناخبيه، مدركًا أنه سيواجههم في الشارع يومًا ما ليسائلوه عن قراراته داخل البرلمان. إلا أن الواقع يشير إلى أن بعض مشاريع القوانين، التي لا تخدم المواطن بالشكل الكافي، تمر بأغلبية برلمانية، ما يطرح تساؤلات حول مدى التزام هذه الأغلبية بتمثيل هموم الشعب بأمانة وصدق.

وتُعد مسألة ترشيد القروض من القضايا الملحّة، حيث تتزايد الديون بشكل مستمر وتحظى بموافقة الأغلبية داخل البرلمان، رغم المخاوف من تأثيرها على الاقتصاد الوطني. كما أن الدور الرقابي للبرلمان يحتاج إلى أن يكون أكثر حسمًا وفعالية، بما يضمن محاسبة الحكومة وحماية حقوق المواطنين.

ورغم وجود نواب يقومون بأدوارهم بكفاءة، فإن ضعف التواصل بين النواب والمواطنين يؤدي إلى فجوة في الوعي العام حول ممثليهم في المجالس النيابية، وهو ما ينعكس على جودة الأداء البرلماني ومدى التزام النواب بمسؤولياتهم أمام الرأي العام، إن تعزيز التواصل والشفافية بين البرلمان والمواطنين ضرورة لضمان تمثيل حقيقي لمطالب الشعب وتحقيق رقابة فعالة على السلطة التنفيذية.

في تقديرك، هل نظام القائمة النسبية أفضل أم القائمة المطلقة في انتخابات برلمان 2025 المرتقبة؟ وهل ترى أن النظام الانتخابي المصري يحتاج إلى إعادة نظر؟

لا أعتقد أن هناك جدالًا حول ضرورة إعادة النظر في النظام الانتخابي المصري، فالأمر بات حاجة ملحة، القائمة المطلقة المغلقة تُعد واحدة من أسوأ الأنظمة الديمقراطية التي يمكن أن تنتج تشكيلات برلمانية، لأنها تقيد خيارات الناخبين وتحدّ من التعددية السياسية.

بالنسبة لنظام الانتخاب الحالي، لدينا النظام الفردي، وهو رغم صعوبته، يمثل معركة انتخابية حقيقية وجادة، وأتمنى أن تدفع التيارات المعارضة بأكبر عدد ممكن من المرشحين في هذه الدوائر. كذلك، أرى أنه من الضروري أن ينخرط المستقلون، ممن لديهم مشاريع سياسية، في هذا المسار البرلماني لأنه أحد أهم أبواب العمل السياسي.

أما فيما يخص نظام القائمة، فنحن بحاجة إلى المطالبة المستمرة بإدخال نظام النسبية بدلًا من الاعتماد الكامل على القائمة المطلقة المغلقة، حتى لو لم يتم تطبيق النسبية بشكل كامل، فمن الضروري أن يكون هناك حد أدنى يراعي التمثيل العادل كما ينص عليه الدستور، لأننا نحتاج إلى مساحة أكبر من التنوع السياسي والحوار الديمقراطي.

وتطبيق القائمة النسبية في البداية قد لا يكون في صالح المعارضة، بل ربما تخسر بعض المقاعد التي حصلت عليها عبر تحالفات في ظل القائمة المطلقة، لكن الأهم هو ترسيخ مفهوم التنافس السياسي الحقيقي، وتشجيع النقاش الجاد حول الأفكار والسياسات، بدلًا من أن يكون التصويت مجرد توجيه لقائمة واحدة دون تفكير في الأفراد داخلها.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية