«الرافضون».. شباب إسرائيليون يفضلون السجن على التجنيد في جيش بلادهم
احتجاجاً على الحرب في غزة
في موقف جريء يعكس معارضة للحرب التي تشنها بلادهم على قطاع غزة، اختار مراهقون وشباب إسرائيليون السجن بدلاً من الالتحاق بالخدمة العسكرية. هؤلاء الشباب، المعروفون باسم "الرافضون"، يرفضون ارتداء زيّ الجيش الذي يرون فيه رمزًا للقمع والعنف.
يقول إيتامار غرينبرغ (18 عامًا)، الذي قضى 197 يومًا في سجن عسكري بسبب رفضه التجنيد: "كلما ازدادت معرفتي، ازداد يقيني بأنه لا يمكنني ارتداء زيّ يرمز إلى القتل والقمع، هناك إبادة جماعية في غزة، لذا لا نحتاج إلى أسباب إضافية للرفض". وفق شبكة "سي إن إن".
لكن موقفه هذا لم يكن بلا ثمن؛ فقد وُصف بـ"اليهودي الكاره لذاته" و"الخائن"، وتلقى تهديدات بالقتل حتى من أفراد عائلته وأصدقائه.
أما إدو عيلام (18 عامًا)، وهو شاب آخر رفض التجنيد وقضى عقوبة في السجن، فيقول ببساطة: "أفضل الحبس على قتل الأطفال".
جيش إلزامي وتجنيد لا يقبل الجدل
تُعد الخدمة العسكرية في إسرائيل عنصرًا أساسيًا في الهوية الوطنية، إذ يتلقى الطلاب في المدارس تعليمًا مبكرًا عن أهمية الجيش، ويزور الجنود الفصول الدراسية لتحفيزهم على التجنيد، ومع بلوغهم 16 عامًا، يتلقون أوامر التجنيد، ليتم استدعاؤهم بشكل رسمي في سن 18 عامًا.
ورغم ذلك، يشير مراقبون إلى تنامي ظاهرة "الرافضين الرماديين"، وهم الشباب الذين يتحايلون للحصول على إعفاءات طبية ونفسية بدلاً من السجن أو الخدمة العسكرية، وتقول ليور فوغل (19 عامًا) إنها تمكنت من الحصول على إعفاء بعد إقناع طبيب نفسي بمعاناتها من اضطرابات نفسية، رغم أن السبب الحقيقي لرفضها هو اعتراضها على العنف المؤسسي للجيش.
تصاعد ظاهرة الرفض
وفقًا لمنظمة "ميسارفوت"، التي تدعم الرافضين، لم يرفض سوى 12 شابًا الخدمة علنًا منذ بداية الحرب، لكن العدد الفعلي أكبر بكثير إذا تم احتساب "الرافضين الرماديين"، في المقابل، تشير منظمة "يش غفول" إلى أن 20% من الشباب المطلوبين للتجنيد يرفضونه سنوياً، وإن كان الجيش الإسرائيلي لا ينشر إحصاءات رسمية عن هذه الحالات.
التساؤل عن جدوى الحرب
وسط تزايد حالات الرفض، يتساءل كثير من الإسرائيليين عن أهداف الحرب المستمرة منذ أكثر من 17 شهراً، والتي لم تحقق مكاسب عسكرية واضحة، بل تزيد من الأخطار على حياة الرهائن المحتجزين لدى حماس.
ومع استمرار القتال، يبدو أن معارضة الحرب لم تعد مقتصرة على النشطاء السياسيين، بل باتت تجد صداها بين شباب إسرائيليين يرفضون أن يكونوا جزءًا من آلة الحرب، حتى لو كلفهم ذلك النبذ الاجتماعي أو السجن.
أسفرت الحرب عن استشهاد نحو 50 ألف شخص وإصابة أكثر من 113 ألفًا، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، وفقًا لبيانات وزارة الصحة في غزة، والتي تعدها الأمم المتحدة موثوقة وسط أزمة واحتياجات إنسانية هائلة.