«سرقة السُحب» بين الحقيقة والمؤامرة.. هل يشعل المناخ فتيل نزاعات جديدة؟
«سرقة السُحب» بين الحقيقة والمؤامرة.. هل يشعل المناخ فتيل نزاعات جديدة؟
لم تعد الغيوم مجرد ظاهرة طبيعية، بل أصبحت محورًا لجدل عالمي، إذ تسعى بعض الدول إلى تعديل الطقس من خلال تقنية تلقيح السحب، ما قد يؤدي إلى توترات دبلوماسية ويُشعل صراعات محتملة حول الموارد المائية.
تعتمد هذه التقنية، التي تعود إلى أربعينيات القرن الماضي، على نشر مواد مثل يوديد الفضة في السحب لتحفيز هطول الأمطار، ورغم استخدامها لمكافحة الجفاف وحرائق الغابات فإنها أصبحت أداة سياسية وعسكرية، كما حدث خلال حرب فيتنام عندما استخدمتها الولايات المتحدة لإبطاء تحركات القوات الفيتنامية، وفق فرانس برس.
في عام 1976، سعت الأمم المتحدة إلى وضع حد لهذا النوع من التدخل المناخي من خلال اتفاقية ENMOD، التي تحظر استخدام تقنيات تغيير الطقس لأغراض عسكرية أو عدائية، لكن هذه الاتفاقية محدودة التطبيق، وفقًا للباحثة مارين دي غوليلمو فيبر، إذ يصعب إثبات المسؤولية المباشرة لدولة ما عن التسبب في كارثة مناخية لدولة أخرى.
تصاعد التوترات.. "الصين والهند" نموذجاً
تعد الصين من أكبر المستثمرين في مشاريع تعديل الطقس، حيث تطبق مشروع "سكاي ريفر" لتعزيز الأمن المائي والغذائي، لكن هذه التجارب قد تؤثر على الموارد المائية في دول مجاورة مثل الهند، ما يفتح باب الاتهامات المتبادلة بشأن "سرقة السحب" والتسبب في الجفاف.
ولا يقتصر الأمر على الصين، ففي عام 2018، اتهمت إيران إسرائيل بالتلاعب بالغيوم لمنع سقوط الأمطار في أراضيها، قبل أن تنفي هيئة الأرصاد الإيرانية ذلك، ما يبرز المخاطر المحتملة لتحول هذه الاتهامات إلى أزمات دبلوماسية.
من السُحب إلى المحاكم الدولية؟
يرى المحامي الفرنسي ماتيو سيمونيه أن الغيوم يجب أن تُعتبر منفعة مشتركة، مثل البحار أو الفضاء الخارجي، بحيث لا تستطيع أي دولة التحكم بها بمفردها، وهو يسعى لإدراج السحب ضمن التراث العالمي لليونسكو، مؤكدًا الحاجة إلى إطار قانوني واضح لمنع التلاعب بها.
في ظل تفاقم الأزمات المناخية، قد تتحول تقنيات تعديل الطقس إلى أداة ضغط سياسي، ما يزيد من احتمالات نشوب نزاعات جديدة مرتبطة بالمياه والموارد الطبيعية.. فهل يصبح التلاعب بالغيوم سببًا لحروب المستقبل، أم فرصة لإنقاذ البشرية من كوارث الجفاف والتغير المناخي؟