انقسامات داخل واشنطن.. والهدنة الجزئية بين روسيا وأوكرانيا تتلاشى
انقسامات داخل واشنطن.. والهدنة الجزئية بين روسيا وأوكرانيا تتلاشى
حذّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الخميس الماضي، من أن الولايات المتحدة "ستتجاهل" محادثات إنهاء الحرب في أوكرانيا ما لم تحرز موسكو وكييف تقدمًا ملموسًا خلال أيام، وأشار إلى احتمال انسحاب واشنطن من الوساطة، إذا ما استمرت حالة الجمود في المفاوضات.
تصريحات متضاربة
جاءت تصريحات ترامب بعد ساعات من تأكيد وزير خارجيته ماركو، خلال زيارة إلى باريس، أن بلاده "ضبطت الساعة" وقد تنسحب من دورها كوسيط، وتكشف هذه التصريحات المتناقضة عن ارتباك واضح في السياسة الأمريكية تجاه النزاع المستمر منذ أكثر من عامين بحسب فرانس برس.
وكثّف ترامب اتصالاته مع موسكو في محاولة للتوصل إلى هدنة، شملت اتصالًا مباشرًا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومع ذلك، فشلت هذه المساعي في انتزاع تنازلات حقيقية من الجانب الروسي، ما دفع ترامب إلى القول للصحفيين: "إذا جعل أحد الطرفين الأمور معقدة جدًا، سنقول ببساطة: أنتم أغبياء.. وسنتجاهل الأمر".
أوضح ترامب أنه لا يضع مهلة زمنية دقيقة، لكنه يريد "إنجاز الاتفاق سريعًا"، مضيفًا أن قرار الانسحاب من المحادثات قد يُتخذ "قريبًا جدًا"، وتجنّب تحميل بوتين أو الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مسؤولية استمرار الحرب، داعيًا الطرفين إلى إحراز تقدم.
أعلن نائب الرئيس الأمريكي جاي دي فانس من روما أنه "متفائل" بشأن إنهاء الحرب، وأبلغ رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني بأنه سيطلعها على مستجدات المفاوضات، وعلى النقيض، عد وزير الخارجية ماركو روبيو الوقت قد حان لتحديد ما إذا كان السلام في أوكرانيا قابلًا للتحقيق، مشددًا على أن "للولايات المتحدة أولويات أخرى".
اتهامات متبادلة بخرق الهدنة
كشف الكرملين أن الأمر الصادر بعدم استهداف منشآت الطاقة الأوكرانية، والذي دخل حيّز التنفيذ في مارس لمدة 30 يومًا، قد انتهت صلاحيته دون صدور تعليمات جديدة من بوتين، ما يزيد من تعقيد المشهد ويضعف الآمال في التوصل إلى هدنة شاملة.
وتبادلت موسكو وكييف الاتهامات بخرق وقف إطلاق النار المعلن في 18 مارس، والذي جاء بعد اتصال مباشر بين بوتين وترامب، وتعلق فقط بعدم استهداف منشآت الطاقة، وكانت كييف قد وافقت مبدئيًا على اقتراح ترامب بوقف شامل لإطلاق النار، إلا أن بوتين رفضه.
واستهدفت القوات الروسية مدينة خاركيف بهجوم صاروخي، الجمعة، أسفر عن مقتل شخص وإصابة 103 آخرين، بحسب ما أعلن رئيس بلدية المدينة، وفي سومي، أوقع هجوم بطائرة مسيرة قتيلًا وجريحًا، بعد أسبوع دامٍ شهد مقتل 35 شخصًا في ضربتين روسيتين.
عُقد اجتماع في باريس يوم الخميس ضم مسؤولين من الولايات المتحدة وأوروبا وأوكرانيا لتنسيق المواقف تجاه موسكو. وجرى الاتفاق على عقد لقاء جديد الأسبوع المقبل في لندن لمواصلة المشاورات بشأن سبل إنهاء الحرب.
تغير مفاجئ في موقف ترامب
أثار ترامب قبل شهرين قلق كييف وحلفائها، بعد أن تبنّى خطابًا قريبًا من الطرح الروسي، مكررًا مبررات موسكو بشأن أسباب اندلاع النزاع، في تحوّل فاجأ كثيرين وطرح تساؤلات بشأن استمرارية الدعم الأمريكي لأوكرانيا.
ومن جانبه، واصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الدعوة إلى تشكيل وحدة عسكرية أوروبية تنتشر في أوكرانيا فور التوصل إلى وقف لإطلاق النار، وهي فكرة تلقى انقسامًا بين حلفاء كييف، وتعدّها موسكو خطًا أحمر.
اتفاق أمريكي-أوكراني حول الموارد
من ناحية أخرى، وقّعت الولايات المتحدة وأوكرانيا الخميس "كتاب نوايا" يمهّد لإبرام اتفاق بشأن استغلال الموارد الطبيعية والمعادن الأوكرانية. وتستعد كييف لإرسال رئيس وزرائها دنيس شميغال إلى واشنطن الأسبوع المقبل لمتابعة المفاوضات، والتي يُتوقع أن تُستكمل بحلول 26 أبريل.
أعلن ترامب أن الاتفاق النهائي سيُوقع الخميس المقبل، بعد أن تأجل بسبب خلاف غير مسبوق مع الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال زيارته للبيت الأبيض في فبراير، ما دفع الأخير إلى المغادرة دون توقيع الاتفاق.
تستمر الحرب الروسية الأوكرانية منذ فبراير 2023 في استنزاف كلا البلدين وسط تردد وتباينات في المواقف الدولية، وفي حين تسعى واشنطن إلى دور حاسم في التوصل إلى اتفاق سلام، تظهر الخلافات داخل الإدارة الأمريكية بشأن توقيت وشروط وقف إطلاق النار، في الوقت نفسه، تواجه كييف تحديات ميدانية وضغوطًا دبلوماسية متزايدة مع احتمال تغير موازين الدعم الغربي، لا سيما في ظل المتغيرات السياسية في واشنطن والعواصم الأوروبية.