"فرانس برس": خطاب الكراهية في إثيوبيا يدفع ناشطة نسوية إلى المنفى

"فرانس برس": خطاب الكراهية في إثيوبيا يدفع ناشطة نسوية إلى المنفى
إثيوبيا

تعرّضت الناشطة النسوية الإثيوبية ليلا ميسيكير، التي يتابع منشوراتها ملايين الأشخاص، لحملة عنف رقمي شرسة على تطبيق "تيك توك"، بعد نشرها رسالة مصوّرة تحث فيها النساء ضحايا العنف على الهروب من المعتدين، في إثيوبيا، وأدّت الحملة التي وُصفت بأنها “كراهية ضد الرجال” إلى تلقيها تهديدات بالقتل واضطرارها إلى الفرار إلى كينيا خوفًا على حياتها.

وذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم الاثنين، أن ليلا واجهت اتهامات علنية بدعمها لمجتمع الميم، وهو اتهام يُعد بالغ الخطورة في إثيوبيا، حيث يُعاقب القانون العلاقات المثلية بالسجن حتى 15 عامًا، وكشفت الناشطة، البالغة من العمر 32 عامًا، عن إنشاء مجموعة على "تيك توك" دعت بشكل مباشر إلى قتلها، ما أجبرها على اتخاذ قرار مؤلم بترك أسرتها وعملها وحياتها بأكملها.

وقالت ليلا وهي تبكي، وفقا للوكالة الفرنسية: "اضطررت إلى ترك عائلتي وعملي وكل ما أملك.. أنا مدمَّرة"، وأوضحت أنها تواجه حاليًا صعوبات نفسية حادّة، كما أنها تعيش أوضاعًا مالية صعبة بعد الرحيل المفاجئ إلى نيروبي دون أي موارد.

مسؤولية المنصات الرقمية

حمّلت ليلا منصة "تيك توك" مسؤولية أساسية عمّا تعرّضت له، مؤكدة أن الشركة فشلت في ضبط المحتوى المسيء باللغات الإثيوبية، وعلى رأسها الأمهرية والتغرينية وأفان أورومو، وقالت: "شاهدت مقاطع كثيرة لرجل إثيوبيين يطلقون تصريحات بذيئة ضد النساء، ولم تتخذ المنصة أي إجراء".

ومن جهتها، ردت "تيك توك" بتأكيدها أنها "لا تتسامح مع كراهية النساء وخطابات الكراهية"، مشيرة إلى أنها تزيل 92% من المحتوى المخالف قبل الإبلاغ عنه، وأنها تعتمد على تقنيات متطورة وإشراف بشري بـ70 لغة، منها الأمهرية.

وأكد وركينه ديريبسا، أستاذ الصحافة في جامعة جيما الإثيوبية، أن "تيك توك" باتت أرضًا خصبة لمحتوى خطير، مضيفًا أن تسجيلات لعمليات اغتصاب جماعي وقطع رؤوس وتعذيب تُبث مباشرة عبر المنصة، وتُرافقها لغة عنف وشتائم.

وأوضح أن بعض المؤثرين على المنصة يكتسبون الشهرة من خلال هذا النوع من المحتوى العنيف، ما يفاقم الانقسامات الاجتماعية ويزيد التوترات الداخلية.

خطاب يغذي الصراعات

رصدت منظمة "سنتر فور إنفورمايشن ريزيلينس" البريطانية في دراسة حديثة تصاعدًا خطيرًا في خطابات الكراهية على منصات التواصل الإثيوبية، مشيرة إلى ارتباطها الوثيق بالتوترات السياسية والدينية والإثنية المتزايدة في البلاد.

وقالت الباحثة في المنظمة، فيليسيتي مولفورد، إن هذه الخطابات كان لها أثر مميت بالفعل، وخصوصًا خلال النزاع المسلح في تيغراي الذي أودى بحياة ما لا يقل عن 600 ألف شخص بين 2020 و2022، بحسب أرقام الاتحاد الإفريقي.

فيسبوك في دائرة الاتهام

فتح القضاء الكيني في أبريل الماضي الباب لمقاضاة شركة "ميتا"، المالكة لفيسبوك، بتهمة الفشل في ضبط المحتوى العنيف، وأحد المدّعين في القضية، إبراهيم ميريغ، قال إن والده قُتل بعد نشر منشور على فيسبوك تضمّن اسمه وعنوانه واتّهامه بالانضمام لحركة التمرد في تيغراي.

في هذا السياق، حذّرت مولفورد من تداعيات إنهاء "ميتا" لبرامج تقصّي الحقائق في الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن "التراجع في ضبط المحتوى قد يكون له عواقب مدمّرة في دول مثل إثيوبيا".

رغم الهدوء النسبي في تيغراي، تستمر الصراعات في أوروميا، أكبر مناطق إثيوبيا، حيث تشهد منذ 2018 تمرّدًا مسلحًا وعمليات قتل طائفية غامضة، ومن المتوقع أن تُجرى الانتخابات البرلمانية في البلاد عام 2026، وسط مشهد سياسي متوتر وتضاؤل ثقة المواطنين بالمنصات الرقمية.

تقاعس يهدد الاستقرار

اعتبر ميغدلاويت جيتاهون، الخبير الإثيوبي في القانون الرقمي، أن ضعف الإشراف على المحتوى في المنصات الكبرى لا يسمح فقط بانتشار الكراهية، بل يسهم أيضًا في تأجيج العنف والانقسامات. 

وقال: "حين تُترك هذه المساحات الرقمية دون رقابة فعّالة، تصبح أداة خطيرة تهدد الاستقرار المجتمعي والسياسي".

وشهدت إثيوبيا في السنوات الأخيرة توترات سياسية وإثنية ودينية حادّة، وصلت ذروتها خلال الحرب في إقليم تيغراي، التي انتهت في نوفمبر 2022 بعد عامين من العنف المسلح، ومنذ ذلك الحين، لا تزال البلاد تواجه تحديات أمنية واجتماعية، وسط قلق متزايد من تأثير المنصات الرقمية على الاستقرار العام، في ظل ضعف الإشراف عليها بلغات السكان المحليين.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية