"الجدات لا يستسلمن".. حملة من الأرجنتين إلى أوروبا للعثور على أطفال المفقودين

"الجدات لا يستسلمن".. حملة من الأرجنتين إلى أوروبا للعثور على أطفال المفقودين
إستيلا دي كارلوتو مؤسسة جمعية جدّات بلازا دي مايو مع أدريانا التي فُصلت عن والدتها خلال فترة الدكتاتورية الأرجنتينية

وصلت نساء من جمعية "جدات بلازا دي مايو"، إحدى أبرز المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان في الأرجنتين، إلى العاصمة البلجيكية بروكسل، في مهمة جديدة للبحث عن أحفادهن المفقودين الذين اختفوا في ظل الدكتاتورية العسكرية (1976–1983).

ومن المقرر أن تلتقي النساء، اللاتي فُقد أبناؤهن أو أُعدموا في زمن الحكم العسكري، مع مسؤولين من الاتحاد الأوروبي اليوم الاثنين، بهدف طلب الدعم المالي والدبلوماسي لتوسيع اختبارات الحمض النووي، التي تهدف إلى تحديد هوية الأطفال المختطفين الذين تم تبنيهم بشكل غير قانوني، وفق صحيفة "الغارديان" البريطانية.

ميلي يغلق الأبواب

تقول كلوديا بوبليتي، إحدى هؤلاء الأحفاد الذين عثروا على عائلاتهم البيولوجية لاحقًا: "تحت غطاء الإصلاحات الاقتصادية، تسعى الحكومة الحالية إلى تفكيك المؤسسات التي تساعدنا في العثور على الحقيقة".

منذ أن تولى خافيير ميلي، الرئيس اليميني، السلطة في عام 2023، قامت إدارته بإغلاق وحدة التحقيق الخاصة، وسحب التمويل من بنك البيانات الوراثية الوطني، ومنع الوصول إلى الأرشيفات الرسمية، ما أثار قلق المنظمات الحقوقية من محاولة إعادة كتابة التاريخ.

تضيف بوبليتي: "الدولة الأرجنتينية تتحمل مسؤولية أخلاقية وقانونية في البحث عن هؤلاء الأطفال، وقد دعمتنا لعقود، لكن هذا الدعم أصبح الآن مهددًا".

مواطنون بلا ذاكرة

خلال سنوات الحكم العسكري، تم اختطاف ما لا يقل عن 500 طفل من آباء معتقلين، ثم أُعطوا لعائلات قريبة من النظام لتربيتهم على أنهم أبناؤهم، وبحلول عام 1983، انكشفت مئات هذه الحالات، لكن الجهود الواسعة النطاق لتعقب الضحايا لم تبدأ إلا في 2021، حين بدأت الحكومة بإرسال أدوات فحص الحمض النووي إلى القنصليات حول العالم.

اليوم، ومع تقليص التمويل وتقييد الوصول إلى الوثائق، باتت هذه الجهود مهددة، رغم أن عشرات من هؤلاء الأحفاد قد يكونون يعيشون في أوروبا دون أن يعرفوا حقيقتهم.

يقول هوراسيو بيتراغالا، أحد هؤلاء الأطفال سابقًا ووزير حقوق الإنسان الأسبق: "نعتقد أن أكثر من 250 شخصًا تتراوح أعمارهم بين 45 و49 عامًا لا يعلمون أنهم وُلدوا في السجون. بعضهم اليوم في إيطاليا، وإسبانيا، وفرنسا، وبريطانيا".

أوروبا في قلب المعركة

تمثل الرحلة إلى بروكسل دعوة إلى أوروبا للانخراط في هذا الجهد الإنساني، وفي إيطاليا، قدم نواب من الحزب الديمقراطي اقتراحات لحث الحكومة على الضغط على ميلي للتراجع عن قراراته، لكن حكومة اليمين، برئاسة جورجيا ميلوني، لم تستجب، بل منحت ميلي الجنسية الإيطالية في خطوة أثارت غضب المعارضة.

يقول خورخي إيثوربورو، رئيس منظمة "24 مارس" ومقرها روما: "بعض الأحفاد الذين عثرت عليهم الجدات مواطنون أوروبيون بالفعل.. لقد وُجدوا في هولندا، وبريطانيا، وإسبانيا، وحتى في جزر الكناري".

أما مارتن موزي، منسق الجمعية في برشلونة، فيؤكد: "نحن لا نبحث فقط في الأرجنتين، بل في كل العالم، سنواصل رفع صوت الجدات.. أيها الأحفاد، نحن نبحث عنكم".

صوت من لا صوت له

ومنذ تأسيس جمعية "جدات بلازا دي مايو" في أواخر السبعينيات، نجحت في إعادة أكثر من 139 حفيدًا إلى عائلاتهم البيولوجية، لكنها لا تزال تبحث عن مئات آخرين من أطفال المفقودين.

تقول إستيلا دي كارلوتو، الرئيسة المؤسسة والبالغة من العمر 94 عامًا، والتي لا تزال ناشطة حتى اليوم: "طالما هناك جدات على قيد الحياة، سنواصل البحث.. لن نصمت، ولن ننسى".

جرائم في ظل الدكتاتورية

بين عامي 1976 و1983، نفّذ الجيش الأرجنتيني حملة قمعية عنيفة ضد المعارضين، تُعرف باسم "الحرب القذرة"، حيث اختفى نحو 30 ألف شخص، كانت النساء الحوامل يُبقين على قيد الحياة فقط من أجل ولادة أطفالهن، ثم يُقتلن، بينما يُسلّم الأطفال لعائلات عسكرية موالية.

واليوم، تمثل معركة الجدات إحدى أطول الحملات الحقوقية في العالم، وتعتبر مثالًا عالميًا في النضال من أجل العدالة والهوية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية