"نيويورك تايمز": قرار ترامب بشأن الإجهاض الطارئ يثير قلق الأطباء والحقوقيين
"نيويورك تايمز": قرار ترامب بشأن الإجهاض الطارئ يثير قلق الأطباء والحقوقيين
ألغت إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الثلاثاء، سياسة صحية كانت قد فرضتها إدارة الرئيس السابق جو بايدن، تُلزم المستشفيات بتقديم عمليات الإجهاض الطارئة للنساء المعرضات للخطر، حتى في الولايات التي تحظر أو تُقيّد هذه الإجراءات.
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز"، أن "مراكز الرعاية الطبية والخدمات الطبية"، التابعة لوزارة الصحة والخدمات الإنسانية، اتخذت هذه الخطوة تحت إشراف الوزير روبرت إف. كينيدي الابن.
وجاء القرار بعد أكثر من عامين على حكم المحكمة العليا الأمريكية الصادر في يونيو 2022، والذي ألغى الحكم التاريخي الصادر في قضية "رو ضد وايد"، منهياً بذلك الحماية الدستورية الفيدرالية لحق الإجهاض، ومفجّرًا موجة من التشريعات والقيود في عدد من الولايات.
تضارب التفسيرات القانونية
أشار أستاذ قانون الصحة في جامعة جورج تاون، لورانس أو. جوستين، إلى أن القرار يُعدّ بمنزلة "ضوء أخضر" يسمح للمستشفيات في الولايات ذات الأغلبية الجمهورية برفض تقديم رعاية الإجهاض حتى في الحالات الطارئة.
ورغم أن الإدارة لم تُعلن صراحةً إعفاء المستشفيات من واجب الاستجابة لحالات الإجهاض الطارئ، فإن بيانها أشار إلى استمرار التزام المستشفيات بالقانون الفيدرالي المعروف بـ"قانون العلاج الطبي الطارئ والعمل" (EMTALA)، دون تحديد واضح لماهية الرعاية المطلوبة في هذا السياق.
وأثار هذا الغموض مخاوف لدى عدد من الخبراء، فقد حذّر جوستين وآخرون من أن السياسة الجديدة قد تُثني الأطباء في بعض الولايات عن تقديم الرعاية المنقذة للحياة، خوفًا من التبعات القانونية في ظل غياب توجيه فيدرالي صريح.
وأكدت أستاذة القانون في جامعة كاليفورنيا - ديفيس، ماري زيغلر، أن "التردد المتزايد بين الأطباء للتدخل في حالات الإجهاض الطارئ يعود إلى حالة الارتباك القانوني".
وأشارت إلى أن الوضع منذ إلغاء قرار "رو ضد وايد" أظهر أن الغموض القانوني يُفضي إلى تجنب الأطباء أي تدخل طبي في هذه القضايا، ما يزيد من المخاطر الصحية على النساء الحوامل.
وقالت: "الأمر لا يقتصر على إلغاء ما فرضته إدارة بايدن، بل إنه يفتح الباب أمام أسئلة خطيرة وغير محسومة حول مستقبل رعاية النساء في حالات الطوارئ الطبية".
المعركة القضائية مستمرة
رحّب المحافظون بهذه الخطوة، وصرّح نائب رئيس السياسات الداخلية في مؤسسة هيريتيج المحافظة، روجر سيفيرينو، والذي شغل منصبًا رفيعًا في إدارة ترامب الأولى، قائلًا: "وعد الرئيس ترامب بتفكيك السياسات المتطرفة في ملف ال٠إجهاض، واليوم، يبدأ فعليًا في محو أثر تلك السياسات".
ويدور جوهر الجدل القانوني حول تفسير قانون "العلاج الطبي الطارئ والعمل"، الصادر عام 1986، والذي يُلزم المستشفيات التي تحصل على تمويل فيدرالي بتقديم الرعاية العاجلة لأي مريض، بغض النظر عن قدرته المالية أو وضعه التأميني.
لم يتضمن القانون نصًا صريحًا حول الإجهاض، لكن إدارات سابقة، تعود إلى عهد الرئيس جورج دبليو بوش، فسّرته بطريقة تسمح بالإجهاض الطبي الطارئ في حالات معينة.
ورفعت إدارة بايدن دعوى قضائية ضد ولاية أيداهو التي تطبق أحد أشد قوانين حظر الإجهاض، والذي لا يسمح به إلا عندما تكون حياة الأم في خطر، دون اعتبار لحالتها الصحية، كما رفعت ولاية تكساس دعوى مضادة، مؤكدة أن قوانينها المحلية تتفوق على القانون الفيدرالي في هذا الشأن.
وبلغت القضية أروقة المحكمة العليا، التي قررت العام الماضي أنها استمعت إليها عن طريق الخطأ، لتُبقي بذلك على حكم محكمة أدنى يُجيز الإجهاض الطارئ في ولاية أيداهو إذا تعرضت صحة المرأة للخطر.
أعلنت مراكز الرعاية الطبية والخدمات الطبية، في بيانها الأخير، أنها ستُعيد النظر في تفسير القانون الفيدرالي بطريقة تُزيل، على حد وصفها، "أي لبس قانوني أو اضطراب مفترض" نتج عن سياسات الإدارة السابقة.
لكن يبقى الغموض سيد الموقف، حيث لا تزال التفاصيل الدقيقة حول كيفية تعامل المستشفيات مع حالات الحمل الطارئة غير واضحة، في ظل تباين القوانين بين الولايات واختلاف التفسيرات الفيدرالية.