الأمم المتحدة: ليبيا على مفترق طرق جديد وأخطار الانفجار قائمة
الأمم المتحدة: ليبيا على مفترق طرق جديد وأخطار الانفجار قائمة
شددت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، هانا تيتيه، على أن ليبيا تمر بمنعطف حاسم في جهودها الرامية إلى استعادة المسار الديمقراطي وتوحيد مؤسسات الدولة، عبر إجراء انتخابات وطنية طال انتظارها.
وقدّمت تيتيه، خلال إحاطة بالفيديو أمام مجلس الأمن الدولي، يوم الثلاثاء، عرضًا لمستجدات الأوضاع في ليبيا، مشيرة إلى اجتماع لجنة المتابعة الدولية لعملية برلين المنعقد في 20 يونيو، كأول اجتماع من نوعه منذ أربع سنوات، وقالت إن الاجتماع يمثّل "نقلة نوعية في تنشيط التنسيق الدولي بشأن ليبيا" وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
هدنة هشة وتحديات أمنية
لفتت تيتيه إلى أن بعثة الأمم المتحدة في ليبيا (أنسميل) كثّفت جهودها للحفاظ على الهدنة الهشة التي تم التوصل إليها في 14 مايو، بعد اشتباكات مسلحة دامية شهدتها العاصمة طرابلس، ورغم وقف إطلاق النار، حذّرت من أن الوضع الأمني لا يزال "غير قابل للتنبؤ"، وسط تزايد مؤشرات القلق من انهياره في أي لحظة.
أوضحت تيتيه أن الاشتباكات الأخيرة أودت بحياة مدنيين وأصابت آخرين، وألحقت أضرارًا بالغة بالبنية التحتية، بما في ذلك مستشفيات وجامعات وسجن واحد على الأقل، ما يعمّق من معاناة السكان ويعقّد جهود استعادة الاستقرار.
مقابر جماعية وانتهاكات
أعربت المسؤولة الأممية عن قلق بالغ إزاء تقارير عن مقابر جماعية في منطقة أبو سليم، وقالت إن الأدلة الناشئة تشير إلى "انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان"، تتضمن عمليات قتل خارج القانون، وتعذيب، واختفاء قسري، يُشتبه بضلوع أجهزة أمنية رسمية فيها، خاصة جهاز دعم الاستقرار.
ودعت إلى إتاحة وصول مستقل للمرافق الاحتجازية، وإنشاء آلية تحقيق محايدة تكفل العدالة والمساءلة، محذرة من خطورة تصاعد الخطابات التي قد تؤدي إلى تفكك التماسك الاجتماعي بين المدن الليبية، ولا سيما في الغرب.
خطر الانقسام العسكري
نبهت تيتيه إلى أن استمرار عدم الاستقرار في الغرب قد يجر الجهات الأمنية من شرق البلاد إلى الدخول على خط الأزمة، ما يعيد سيناريوهات المواجهة العسكرية المفتوحة، ويقوّض اتفاق وقف إطلاق النار الموقع عام 2020.
وشددت على أن الأوضاع تؤكد "الحاجة العاجلة لإصلاح قطاع الأمن وتوحيد المؤسسات العسكرية والأمنية تحت مظلة مهنية مشتركة".
وأكدت تيتيه أن مشاورات البعثة الأممية مع أطراف ليبية متعددة، بما في ذلك عامة المواطنين، كشفت عن خيبة أمل عميقة من طول المرحلة الانتقالية، وفقدان الثقة في مؤسسات الحكم الحالية. وقالت: "الليبيون يريدون حوكمة مسؤولة تعكس إرادتهم وتعيد الشرعية إلى مؤسسات الدولة".
وأوضحت أن البعثة بصدد صياغة خارطة طريق جديدة نحو الانتخابات، تستند إلى توافق وطني واسع، معربة عن أملها في تقديم هذه الخارطة لمجلس الأمن للمصادقة عليها خلال إحاطتها القادمة في أغسطس المقبل.
انقسام وتدهور اقتصادي
حذرت تيتيه من غياب اتفاق على ميزانية وطنية موحدة، في وقت تتخذ فيه بعض المؤسسات قرارات مالية بشكل أحادي، ما يعمّق حالة الغموض الاقتصادي. وشددت على ضرورة أن يكون الإنفاق العام "قائمًا على أسس قانونية واضحة، وبشفافية وتنسيق تام بين المؤسسات المالية المعنية".
فيما عبّرت تيتيه عن تفاؤلها حيال ردود الفعل الحيوية من مختلف الأطراف الليبية، وعلى وجه الخصوص الجمهور، تجاه المقترحات التي قدمتها اللجنة الاستشارية التي شكلتها البعثة، مؤكدة أن إشراك الليبيين بشكل فعّال في صياغة مستقبلهم السياسي يُعدّ خطوة محورية نحو تحقيق انتقال ناجح ومستدام.
تشهد ليبيا حالة من الانقسام السياسي والمؤسسي منذ الإطاحة بمعمر القذافي عام 2011. ومنذ عام 2014، انقسمت البلاد إلى حكومتين متنافستين، واحدة في طرابلس (غرب) وأخرى في بنغازي (شرق).
ورغم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في 2020، لا تزال البلاد عاجزة عن تنظيم انتخابات موحدة بسبب الخلافات على القواعد الدستورية والانتخابية، وسط تدخلات خارجية وانقسامات أمنية خطِرة.
وتعمل بعثة الأمم المتحدة (أنسميل) على تسهيل عملية سياسية شاملة تهدف إلى توحيد المؤسسات وتحقيق السلام الدائم.