يواصلن حمل أقلامهن.. صحفيات غزة بين القصف والحصار والاغتيالات الممنهجة
يواصلن حمل أقلامهن.. صحفيات غزة بين القصف والحصار والاغتيالات الممنهجة
في ليلة إعلان الجيش الإسرائيلي خطته لاحتلال مدينة غزة، تحولت الخيام التي خُصصت للصحفيين إلى أهداف مباشرة، إذ قُتل عدد منهم في عمليات اغتيال متلاحقة هدفت إلى بث الرعب وثني البقية عن تغطية جرائم القتل والتهجير التي تهدد حياة مليون ونصف المليون إنسان.
ورغم هذا السواد، لم تستسلم الصحفيات الفلسطينيات، بل واصلن حمل الكاميرا والميكروفون ليكن شاهدات على لحظة من أكثر اللحظات قسوة في تاريخ غزة الحديث، بحسب ما ذكرت وكالة “JINHA”، اليوم الأحد.
ومن بين أصوات الألم ارتفع صوت الصحفية آية جودة التي نالت جائزة "شيرين أبو عاقلة لحرية الصحافة" لعام 2025، تكريمًا لشجاعتها وإصرارها على أداء رسالتها.
وتحمل الجائزة اسم الصحفية الفلسطينية التي اغتيلت برصاص الجيش الإسرائيلي أثناء تغطيتها أحداثًا في الضفة الغربية عام 2022، لتصبح رمزًا عالميًا للحقيقة المكمّمة.
معاناة متجددة للصحفيات
قالت جودة إن عمل الصحفيات في غزة أشبه بالمستحيل؛ فالحياة اليومية محاصرة بالقصف، والنزوح القسري يلاحق كل أسرة.
وأشارت إلى أن عائلتها، مثل كثير من العائلات، أعادت حفر الآبار وإصلاح الشوارع وبناء البيوت بعد كل جولة دمار، لكنها تجد نفسها اليوم مضطرة لمغادرة المدينة وترك كل شيء خلفها مقابل خيمة بلا خدمات.
وأوضحت أن الصحفي في غزة يعيش الألم مرتين: مرة بصفته فردًا من هذا المجتمع الذي يفقد بيته وأهله، ومرة أخرى حين يحمل الكاميرا لينقل المأساة.
واجبها يفرض عليها التماسك
وتساءلت بمرارة: "تخيلي أن تسمعي اسم قريبة أو صديقة يرد أثناء التغطية المباشرة، كيف يمكن مواصلة البث في تلك اللحظة؟"، ومع ذلك، تؤكد أن واجبها الإنساني يفرض عليها التماسك وفضح الجرائم على أمل أن يأتي يوم تُحاسَب فيه إسرائيل.
تعمل الصحفيات في غزة تحت ضغط متواصل: تهديد، دمار، وفقدان متكرر للزملاء... ورغم ذلك، يؤمنّ بأن مهمتهن ليست ترفًا بل واجب إنساني تجاه شعب تُرك لمصيره.
تقول جودة إنها تستمد قوتها من صمود الأهالي في المخيمات والمستشفيات الذين يشجعونها على الاستمرار، مضيفة أن استهداف الصحفيين هو "رسالة واضحة بأن من لا يصمت فسيواجه المصير ذاته"، خاصة مع التوغل البري الذي تسعى إسرائيل لإبعاده عن أعين الإعلام.
رسالة لكل صحفية
وترى جودة أن الفوز بجائزة تحمل اسم شيرين أبو عاقلة في هذا الوقت العصيب ليس مجرد تكريم شخصي، بل رسالة لكل صحفية دفعت حياتها ثمنًا للحقيقة.
"ها هو ذا العالم يسمع ويرى، ولسنا وحدنا"، تقول وهي تهدي إنجازها إلى زميلاتها اللاتي رحلن على درب الكلمة الحرة.
وبين القصف والتهجير، يظل صوت الصحفيات الفلسطينيات شاهدًا لا يمكن محوه، حتى لو دفعت المئات منهن حياتهن ثمنًا لذلك.