اليوم الدولي للعمل الخيري.. الاحتفاء بالإنسانية والتضامن في مواجهة الأزمات

يحتفل به في 5 سبتمبر من كل عام

اليوم الدولي للعمل الخيري.. الاحتفاء بالإنسانية والتضامن في مواجهة الأزمات
العمل الخيري - أرشيف

يحتفل العالم في الخامس من سبتمبر من كل عام باليوم الدولي للعمل الخيري، وهو مناسبة رسمية اعتمدتها الأمم المتحدة بغرض تعزيز الوعي بأهمية العمل الخيري ودوره الحيوي في مجتمعاتنا.

يعود اختيار هذا التاريخ إلى إحياء ذكرى وفاة الأم تيريزا الراهبة التي كرست حياتها لمساعدة الفقراء وذوي الاحتياجات الخاصة ونالت جائزة نوبل للسلام عام 1979 تكريمًا لجهودها الإنسانية العظيمة.

وانتقلت الأم تيريزا التي وُلدت عام 1910 إلى الهند عام 1928، حيث أسست منظمة بعثات خيرية في كالكتا عام 1950 لخدمة الفقراء والمهمشين، وكرّست أكثر من 45 سنة لتقديم المساعدة للمرضى والأيتام والمشردين، ما ضمن لها مكانة رفيعة في تاريخ العمل الخيري العالمي.

نشأة اليوم الدولي وأهدافه

اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2012 القرار رقم 105/67 بإعلان يوم 5 سبتمبر يوماً دولياً للعمل الخيري، بهدف تحفيز الأفراد والمنظمات في كل أنحاء العالم على المشاركة في الأعمال الخيرية والتطوع لدعم القضايا الإنسانية المختلفة.

يهدف هذا اليوم إلى إشراك الأفراد والمؤسسات لمساعدة المحتاجين، وبناء مجتمعات أقوى وأكثر تماسكاً. بالإضافة إلى ذلك، يشجع اليوم على تعزيز مفاهيم المسؤولية المجتمعية والعمل الجماعي سبيلاً للتكافل الاجتماعي، وإقامة شراكات بين جميع فئات المجتمع، بغية تجاوز الحواجز الاجتماعية والثقافية وبناء عالم أكثر عدالة واستدامة.

منذ بدايته، أصبح هذا اليوم وعياً دولياً بأهمية التطوع والعطاء، ليس فقط لمواجهة الأزمات الإنسانية العاجلة، بل أيضاً لبناء نظم رعاية صحية وتعليمية مستدامة تدعم التنمية والتقدم الاجتماعي.

تعزيز التضامن العالمي

تجسّد الأعمال الخيرية في علاقتها بالإنسان حياة مستقرة تكتسب من خلالها المجتمعات قيم العدالة والتعاون والمحبة، وحسب منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، يُعد العمل الخيري تجسيداً أساسياً للتضامن العالمي الذي يوحد البشر من اختلاف مشاربهم، ويُسهم في بناء مجتمعات أكثر عدلاً واستقراراً.

ويشهد العمل الخيري العصري تحولات كبيرة في تركيزه، من العطاء المؤقت إلى استراتيجيات مبتكرة تعالج الجذور العميقة للفقر والتفاوت الاجتماعي.

يشير البنك الدولي إلى تأثير المبادرات الخيرية في رسم السياسات وتمويل الابتكارات ودعم المجتمعات خاصة في الأماكن التي تعجز فيها الحكومات عن تقديم خدمات كافية.

وقد وجهت خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030 أنظارها نحو القضاء على الفقر بكل أبعاده، من خلال بناء شراكات قوية بين الحكومات والمنظمات الخيرية وقطاع الأعمال لتعزيز التعاون والتكامل، ما يؤكد الدور الحيوي للعمل الخيري في تحقيق التنمية المستدامة وحماية حقوق الإنسان.

مقومات العمل الخيري الحديث

يُعد العمل الخيري اليوم قوة دافعة للابتكار الاجتماعي والتنمية الشاملة، ويستند إلى عدة مقومات رئيسة:

-العطاء المدفوع بالتكنولوجيا، حيث توسعت مجالات العطاء من خلال تقنيات مثل منصات التمويل الجماعي والتبرع عبر الهواتف المحمولة وأدوات الذكاء الاصطناعي، ما رفع من شفافية العملية الخيرية، حيث شملت أوسع فئات المجتمع.

- الريادة الشبابية، حيث يلعب الشباب دوراً رائداً في إطلاق المبادرات الاجتماعية ومكافحة التغير المناخي، وهو ما يدعو إلى دعم ريادتهم بوصفها مفتاحاً لتحقيق تحول مستدام.

- العدالة والشمول، فغالباً ما يتقاطع الفقر مع عوامل متعددة، كالعرق والجنس والإعاقة والموقع الجغرافي، لذا يجب أن يكون العمل الخيري شمولياً يستثمر في حلول تقودها المجتمعات نفسها.

- العطاء الأخلاقي الخاضع للمساءلة، حيث تزداد الحاجة لمبدأ الشفافية والمسؤولية مع نمو حجم العمل الخيري لضمان استجابته الحقيقيّة والأخلاقية لاحتياجات المجتمعات، مع الالتزام بالتواضع والتعاون.

- التكامل بين الفقر والمناخ، وذلك من خلال ربط المبادرات الخيرية بمواجهة التغير المناخي، يتم تعزيز قدرة المجتمعات على الصمود وتحقيق الاستدامة على المدى الطويل؛ نظرًا لتأثير الأزمات البيئية على موارد الحياة الأساسية.

أهمية يوم العمل الخيري

لا يعد اليوم الدولي للعمل الخيري مجرد مناسبة للاحتفال بجهود المانحين والمتطوعين، بل هو تذكير بأهمية التضامن والرحمة، وبضرورة تمكين العمل الخيري ليكون جزءًا لا يتجزأ من الحلول العالمية، خصوصًا في أوقات الأزمات والحروب والكوارث الطبيعية.

يشكل اليوم الدولي للعمل الخيري نافذة لتكريم هذه الجهود، وتحفيز الآخرين على الانخراط في العمل الإنساني الذي لا يعترف بحدود أو دين أو عرق، بل بوحدة الهدف في إعلاء كرامة الإنسان وحمايته.

فالعمل الخيري هو جسر الأمل الذي يوحّد الإنسانية لمواجهة قضايا معقدة كالفقر، النزاعات، التهميش، وتغير المناخ. وباختيار يوم 5 سبتمبر للاحتفال العالمي به، تكون الأمم المتحدة قد أعطت إشعارًا واضحًا بأهمية هذا الدور في بناء عالم يتسم بالعدالة والرحمة.

لذلك، لا يمكن الفصل بين الأهداف التنموية وحقوق الإنسان من جهة، والعمل الخيري والتطوعي من جهة أخرى، فهواجس التنمية المستدامة ومكافحة الفقر تتطلب دعمًا نشطًا من قبل الجميع، بدءًا من المؤسسات الدولية، الحكومات، وحتى الأفراد.

وبذلك يكون اليوم الدولي للعمل الخيري 2025 مناسبة عالمية تحث الجميع على التكاتف والتعاون، وتحفيز العمل الخيري بكل أشكاله، والإسهام في تحقيق مستقبل أفضل وأكثر إنسانية لشعوب الأرض كافة.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية