"الصحة العالمية": إعادة إعمار النظام الصحي في غزة تتطلب أكثر من 7 مليارات دولار

"الصحة العالمية": إعادة إعمار النظام الصحي في غزة تتطلب أكثر من 7 مليارات دولار
الدكتورة حنان بلخي

أكدت المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، الدكتورة حنان بلخي، أن إعادة إعمار القطاع الصحي في غزة ستكلف أكثر من سبعة مليارات دولار، تشمل الاستجابة الإنسانية والإنعاش المبكر والاحتياجات طويلة الأجل. وقالت إن هذا الاستثمار ضروري لتحقيق السلام والاستقرار اللذين يمكن أن توفرهما الصحة العامة.

جاءت تصريحات الدكتورة بلخي خلال مؤتمر صحفي عقد الأربعاء في القاهرة، قبيل انعقاد الدورة الثانية والسبعين للجنة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، والمقرر عقدها الأسبوع المقبل بمشاركة وزراء الصحة وصناع القرار من مختلف دول المنطقة وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.

من الاستجابة إلى الإنعاش

أوضحت بلخي أن هناك "بصيص أمل" يلوح في الأفق لإنهاء الحرب بعد مرور عامين من الصراع في غزة، مشددة على أن الانتقال السريع من مرحلة الاستجابة للأزمة إلى مرحلة الإنعاش سيكون خطوة محورية فور توقف القتال.

وقالت إن إعادة بناء النظام الصحي في قطاع غزة لا تهدف فقط إلى إنقاذ الأرواح في الوقت الحاضر، بل إلى استعادة الكرامة والاستقرار والأمل للمجتمع في المستقبل، وأضافت أن منظمة الصحة العالمية وضعت منذ وقت مبكر خطة لمرحلة ما بعد الصراع، وتتضمن رؤية واضحة لإعادة تشغيل المستشفيات ومواجهة أزمة الجوع وسوء التغذية في الوقت نفسه.

أزمة سوء التغذية تفاقم الكارثة الإنسانية

وأشارت المديرة الإقليمية إلى أن السلطات الصحية الفلسطينية أفادت بوفاة 455 شخصاً منذ يناير الماضي، بينهم 151 طفلاً معظمهم دون سن الخامسة، نتيجة سوء التغذية، وقالت بلخي إن هذا الرقم يعكس حجم الأزمة التي تعصف بالأطفال في غزة، وإن الوقت قد حان للتحرك العاجل لإنقاذ الأرواح.

وأضافت أن منظمة الصحة العالمية وشركاءها يواصلون دعم المراكز المتبقية التي تقدم العلاج للأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد، ويعملون في الوقت ذاته على إنشاء مراكز جديدة، وأكدت أن التعافي المستدام يتطلب أكثر من العلاج الطبي، فهو يشمل إعادة بناء النظم الغذائية، واستعادة المياه النظيفة، وتعزيز خدمات الصرف الصحي، بوصفها ركائز أساسية للصحة العامة.

دعوة عاجلة للمانحين لدعم إعادة البناء

وشددت بلخي على أن المانحين يجب أن يقدموا مساعدات طارئة تلبي الاحتياجات الإنسانية العاجلة، إلى جانب دعم طويل الأجل ومرن ومتعدد السنوات يضمن إعادة بناء البنية التحتية الصحية وتعزيز القدرات المحلية، وأكدت أن تمكين المؤسسات الفلسطينية من قيادة عملية تعافٍ شاملة وشفافة ومستدامة هو السبيل لضمان نجاح الجهود المستقبلية.

منظمة الصحة العالمية على الأرض رغم الحرب

وقالت المديرة الإقليمية إن منظمة الصحة العالمية ظلت تعمل في غزة طوال فترة الحرب، وظلت المزود الرئيسي للأدوية والمستلزمات الطبية، وأوضحت أن المنظمة دعمت أكثر من 22 مليون علاج وجراحة في مختلف أنحاء القطاع رغم الظروف الميدانية القاسية.

وأضافت بلخي: لقد وقفنا إلى جانب العاملين الصحيين في غزة عندما لم يتبق لهم سوى الشجاعة، وسنواصل الوقوف معهم الآن، وأكدت استعداد منظمة الصحة العالمية لدعم استجابة اليوم التالي من خلال استعادة الخدمات الصحية الأساسية، وتعزيز القوى العاملة الطبية، وبناء نظام رعاية مرن يرتكز على الإنسان ويضمن كرامته.

جدول أعمال اللجنة الإقليمية

وأشارت بلخي إلى أن اللجنة الإقليمية المقبلة ستجمع وزراء الصحة وصناع السياسات وقادة القطاعات الصحية في المنطقة، لبحث أولويات عاجلة تتعلق بإنقاذ الأرواح وتنفيذ إصلاحات طويلة الأمد.

وقالت إن الوزراء سيناقشون مشروع قرار لخفض عدد الأطفال الذين لم يتلقوا أي لقاح إلى النصف بحلول عام 2030، مع الالتزام بالقضاء على الحصبة الألمانية ومتلازمتها الخلقية، كما سيبحث الوزراء مشروع قرار ثانٍ يهدف إلى جعل الرعاية التلطيفية جزءاً أساسياً من الأنظمة الصحية الوطنية، في وقت لا يحصل عليها سوى واحد بالمائة فقط من أصل 2.4 مليون شخص يحتاجون إليها سنوياً في إقليم شرق المتوسط.

وأضافت أن جدول الأعمال سيتضمن أيضاً مناقشة التعافي المبكر للنظم الصحية في البيئات الإنسانية الهشة، وتعزيز سلامة المختبرات، والتصدي للآثار الصحية المترتبة على حالة الطوارئ المناخية، كما سيدعى الوزراء إلى دعم مبادرة عمل إقليمية بشأن سرطان الثدي الذي يعد أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين النساء في المنطقة.

يشهد قطاع غزة انهياراً شبه كامل في منظومته الصحية منذ سنوات، تفاقم بصورة حادة خلال فترة الحرب الأخيرة التي دمرت عدداً كبيراً من المستشفيات والمراكز الطبية، وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 80 بالمائة من سكان القطاع يعتمدون على المساعدات الإنسانية، في حين تعاني المرافق الصحية من نقص حاد في الأدوية والمعدات والطواقم الطبية.

وتأتي تصريحات منظمة الصحة العالمية في وقت تتزايد فيه الدعوات الدولية إلى إطلاق عملية شاملة لإعادة إعمار غزة، تشمل البنية التحتية الصحية والتعليمية والاجتماعية، باعتبارها أساساً لتحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة، وإعادة الأمل لملايين الفلسطينيين الذين تضرروا من النزاع المستمر.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية