من قلب الأمازون.. مؤتمر "كوب 30" يواجه اختبار الثقة في معركة إنقاذ الكوكب

من قلب الأمازون.. مؤتمر "كوب 30" يواجه اختبار الثقة في معركة إنقاذ الكوكب
مؤتمر "كوب 30" في البرازيل

قبل أقل من شهر على انطلاق مؤتمر الأمم المتحدة الثلاثين لتغير المناخ، المعروف بـ"كوب 30"، تستعد البرازيل لاستقبال أبرز حدث بيئي وسياسي في العالم وسط تحديات ضخمة تتعلق بتوحيد المواقف الدولية واستعادة الثقة في العمل المناخي، خصوصاً بعد انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق باريس.

وفق تقرير أوردته وكالة فرانس برس اليوم الثلاثاء أصرّ الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا على إقامة المؤتمر في مدينة بيليم الساحلية في قلب منطقة الأمازون، في الفترة من العاشر حتى الحادي والعشرين من نوفمبر، مؤكداً أن اختيار المكان رسالة رمزية إلى العالم مفادها أن حماية الأمازون تعني حماية الكوكب.

50 ألف مشارك

تتحضر المدينة التي يبلغ عدد سكانها نحو مليون وأربعمئة ألف نسمة، لاستقبال أكثر من خمسين ألف شخص من مفاوضين وخبراء وناشطين بيئيين، ويأمل لولا في أن يجتمع العشرات من قادة الدول والحكومات قبل أيام قليلة من افتتاح المؤتمر لتخفيف الضغط اللوجيستي الهائل الذي ستشهده المدينة. 

إلا أن تأكيدات المشاركة لا تزال محدودة حتى الآن، إذ أعلنت فقط دول مثل كولومبيا وجنوب إفريقيا نيتها الحضور، في حين لم يحسم كثير من القادة قرارهم بعد، في ظل اضطرابات جيوسياسية واقتصادية متزايدة.

من جانبه، أعلن الرئيس النمسوي اعتذاره عن المشاركة بسبب ارتفاع أسعار الإقامة، في حين أنه سيتولى الأمير وليام تمثيل ملك بريطانيا.

تكاليف تعرقل المشاركة

الارتفاع الحاد في أسعار الفنادق والخدمات في بيليم يهدد مشاركة عدد من المنظمات غير الحكومية والدول الفقيرة، وأشارت دول مثل غامبيا والرأس الأخضر وحتى اليابان إلى أنها ستقلّص وفودها، وهو ما قد ينعكس سلباً على طبيعة المفاوضات وشموليتها.

خلال زيارة سابقة إلى موقع المؤتمر، اعترف الرئيس لولا بالصعوبات التنظيمية التي تواجه المدينة، لكنه شدد على أن الهدف هو "إظهار واقع الأمازون للعالم"، مؤكداً عزمه على المبيت في أرجوحة على متن قارب خلال أيام المؤتمر في إشارة رمزية إلى القرب من الأرض والشعب والطبيعة.

ورغم أن العالم شهد خلال العامين الماضيين أشد درجات الحرارة في تاريخه الحديث، وأزمات بيئية متلاحقة من حرائق وعواصف مدمّرة، فإن التوقعات بشأن تحقيق نتائج كبيرة من مؤتمر "كوب 30" تبقى محدودة.

وحذّرت خبيرة المناخ مارتا توريس-غانفاوس من مركز الأبحاث "إيدري" من المبالغة في التطلعات، مشيرة إلى أن التركيز هذه المرة سيكون على تنفيذ الالتزامات السابقة أكثر من الإعلان عن تعهدات جديدة.

فجوة الثقة بين الشمال والجنوب

وتواجه المفاوضات عقبة أساسية تتمثل في ضعف الثقة بين الدول الغنية والفقيرة بشأن تمويل الانتقال الأخضر، وأوضح رئيس المؤتمر أندريه كوريا دو لاغو أن هناك طلبات كثيرة من الدول النامية، يقابلها التزام محدود من المانحين.

أما الناشط فيكتور مينوتي من منظمة "ديماند كلايمت جاستيس" فقال إن "مؤتمرات المناخ الأخيرة عمّقت أزمة الثقة بدل معالجتها"، مشيراً إلى أن التمويل المعلن العام الماضي بقيمة 300 مليار دولار سنوياً بحلول 2035 لا يلبي الحد الأدنى من احتياجات الدول النامية.

تسعى البرازيل من خلال المؤتمر إلى إثبات أن العالم لا يزال قادراً على التعاون الجماعي رغم الانقسامات السياسية والحروب الاقتصادية وصعود التيارات المشككة في التغير المناخي، ويعتزم لولا استثمار الحدث لتأكيد "عودة البرازيل إلى الساحة الدولية"، بعد استضافتها قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو عام 2024 وقمة "بريكس" في يوليو الماضي.

ورغم تباطؤ وتيرة إزالة الغابات في الأمازون، فإن الرئيس البرازيلي يواجه انتقادات بسبب دعمه مشاريع التنقيب عن النفط في المنطقة، ومع ذلك وعد بأن يكون "كوب 30 مؤتمر الحقيقة"، داعياً الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى زيارة الأمازون، قائلاً له: "تعال لترى بنفسك هذا المكان الذي يحبه العالم".

المنتدى العالمي للمناخ

تأسس مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ عام 1995 ليكون المنتدى العالمي الأعلى لاتخاذ القرارات في قضايا المناخ، وقد شكل مؤتمر باريس عام 2015 نقطة تحول تاريخية بتوقيع اتفاق عالمي للحد من ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية، لكن السنوات اللاحقة شهدت تعثر الالتزامات المالية وتزايد الانقسامات بين الدول الصناعية والنامية.

وتأتي دورة "كوب 30" في لحظة حساسة يطالب فيها العلماء باتخاذ خطوات جذرية للحد من انبعاثات الكربون قبل أن تتجاوز الأرض عتبة الخطر، في حين يواجه العمل المناخي تحديات غير مسبوقة بسبب الحروب والنزاعات وتباطؤ الاقتصادات الكبرى.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية