رغم مؤشرات التحسن.. آلاف اللاجئين يواجهون الفقر في ألمانيا
رغم مؤشرات التحسن.. آلاف اللاجئين يواجهون الفقر في ألمانيا
تعاني آلاف الأسر اللاجئة في ألمانيا من ضغوط اقتصادية واجتماعية متزايدة تجعل خطر الفقر يخيّم على حياتهم اليومية، وبينما تتراكم التحديات أمامهم منذ وصولهم إلى البلاد، بدأت مؤشرات محدودة تظهر على تحسن نسبي في أوضاع بعضهم، ما يعكس تحولًا تدريجيًا في واقعهم المعيشي والاجتماعي، وفق دراسات حديثة تكشف وجهي المعاناة والأمل في آن واحد.
أظهرت دراسة صادرة عن المعهد الألماني للأبحاث الاقتصادية (DIW)، أن نسبة اللاجئين المعرضين لخطر الفقر في ألمانيا بلغت 63.7% عام 2022، مقارنة بـ70% في عام 2020، ما يعني تراجعًا طفيفًا لكنه يبقى مرتفعًا جدًا مقارنة بمتوسط السكان، بحسب ما ذكر موقع "مهاجر نيوز"، الأربعاء.
ويُعتبر الشخص مهددًا بالفقر في ألمانيا إذا كان دخله الشهري يقل عن 60% من متوسط الدخل الصافي، والذي بلغ في عام 2022 نحو 1419 يورو شهريًا.
وأكدت الدراسة أن نسب الفقر المرتفعة بين اللاجئين لا تعود فقط إلى العوامل الاقتصادية، بل إلى تحديات الاندماج الاجتماعي أيضًا، حيث يواجه القادمون الجدد صعوبات في اللغة ونقصًا في فرص العمل الملائمة لمؤهلاتهم.
الهجرة والتغير الديموغرافي
ربط المعهد بين ارتفاع معدلات الفقر والتغيرات الديموغرافية الناتجة عن موجات الهجرة، موضحًا أن نسبة ذوي الدخل المنخفض بين الأشخاص من أصول مهاجرة، خصوصًا اللاجئين، تفوق المعدل العام للسكان الألمان.
ففي حين بلغت نسبة الفقر بين الألمان دون خلفية مهاجرة نحو 13%، ارتفعت لتصل إلى 26% بين القادمين من دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، وتجاوزت ذلك بين اللاجئين من مناطق الصراع في الشرق الأوسط وأفريقيا.
وأشار التقرير إلى أن هذه الفوارق الهيكلية تعود إلى تأخر اندماج المهاجرين في سوق العمل وإلى صعوبة الاعتراف بالمؤهلات التعليمية والمهنية التي يحملونها من بلدانهم الأصلية، مما يقلل فرصهم في الحصول على وظائف مستقرة أو ذات دخل جيد.
تحسن تدريجي وفرص
رغم قتامة الأرقام، أوضحت الدراسة وجود تحسن نسبي في السنوات الأخيرة بفضل الاندماج المتزايد للاجئين في سوق العمل.
وبيّن الباحث ماركوس غرابكا أن دخول أعداد متزايدة من اللاجئين إلى مجالات العمل والتعليم المهني ساهم في خفض نسب الفقر تدريجيًا، مؤكدًا أن هذا التوجه يحتاج إلى دعم سياسي ومجتمعي مستمر حتى يحقق نتائج ملموسة على المدى البعيد.
ويرى خبراء الهجرة أن تعزيز تعليم اللغة، وتسهيل معادلة الشهادات، وتوسيع برامج التدريب المهني، تعد من أهم الأدوات التي يمكن أن تقلل الفجوة الاقتصادية بين اللاجئين والمجتمع المضيف.
وتعكس التجربة الألمانية مع اللاجئين مسارًا معقدًا بين الصعوبات والفرص، فبينما يستمر خطر الفقر في تهديد حياة كثيرين، فإن قصص النجاح الفردية التي بدأت تظهر تمثل بارقة أمل نحو اندماج أكثر شمولًا وعدلًا، حيث يصبح العمل والتعليم وسيلتين أساسيتين لتجاوز الهشاشة الاجتماعية وتحقيق الكرامة الإنسانية.