الأمم المتحدة تحتفل بثمانين عاماً على تأسيسها بعرض قصص إنسانية من غزة إلى كابول
الأمم المتحدة تحتفل بثمانين عاماً على تأسيسها بعرض قصص إنسانية من غزة إلى كابول
في الذكرى الثمانين لتأسيسها، افتتحت الأمم المتحدة في مقرها بنيويورك، يوم الاثنين، معرضًا عالميًا يحمل عنوان "حياة مشتركة، مستقبل مشترك"، يستعيد عبر مئتي قصة حقيقية ملامح مسيرة المنظمة التي وُلدت من رماد الحرب العالمية الثانية لتصبح مظلة الأمل لملايين البشر.
المعرض يروي حكايات أفراد ومجتمعات من 193 دولة، جسدت روح التعاون والكرامة الإنسانية في مجالات الإغاثة والتعليم والتنمية والاستدامة، وتقام نسخ من المعرض في عدد من مناطق العالم، كما يمكن للجمهور زيارته عبر الإنترنت، في مبادرة تسعى إلى جعل الأمم المتحدة أقرب إلى الناس الذين تعمل من أجلهم وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
حلم العودة إلى المدرسة
قبل أن تشتعل الحرب في غزة، كانت مريم واحدة من ثلاثمئة ألف طفل يتعلمون في مدارس الأونروا، اليوم، أصبحت تلك المدارس ملاذًا مؤقتًا للنازحين، في حين تحلم مريم فقط بأن تعود فصول الدراسة كما كانت.
تقول وهي تنظر إلى صور مدرستها في المعرض: "نفتقد مدارس الأمم المتحدة التي كنا نذهب إليها، أريد للحياة أن تعود كما كانت من قبل".
رغم الدمار، تواصل الأونروا وشركاؤها تقديم المساعدات المنقذة للحياة، في واحدة من أقسى الأزمات الإنسانية في العالم.
خبز للحياة وسط النزوح
من قلب اللجوء في تشاد، وجدت السيدة رضوى طريقها إلى الأمل عبر مشروع صغير، بمساعدة نقدية من مفوضية شؤون اللاجئين، بدأت خبز وبيع الخبز في مخيم فرشنة، لتتحول من متلقية للمساعدات إلى صانعة للحياة.
تقول رضوى: "أحب مساعدة الناس لأن الجميع بحاجة إلى الدعم، نحن نتعلم أن ننمو معا، حتى لا يتخلف أحد عن الركب".
منذ اندلاع الحرب في السودان عام 2023، اضطر أكثر من 12 مليون شخص إلى النزوح، في حين فر مئات الآلاف إلى تشاد، حيث تعمل الأمم المتحدة على توفير المأوى والغذاء والرعاية والتعليم.
عفاف من اليمن
في الخامسة عشرة، كانت عفاف على وشك أن تُجبر على الزواج من رجل يكبرها بعقود في اليمن، لكن وجودها في مساحة آمنة مدعومة من صندوق الأمم المتحدة للسكان غيّر مصيرها.
تقول عفاف بصوت واثق: "تعرضت لضغوط للزواج، لكن الأمم المتحدة ساعدتني على التخلص من ذلك، اليوم أتعلم، وأريد أن أكون صوتًا للفتيات الأخريات".
قصتها ليست مجرد حالة فردية، بل شهادة على قدرة الحماية والتمكين حين تُمنح للفتيات في الوقت المناسب.
ليال من بيروت
في قلب العاصمة اللبنانية بيروت، تعمل ليال ضمن فريق الإطفاء الذي تلقى دعمًا من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، شمل معدات حديثة تجعل مهامهم أكثر أمانًا.
تقول ليال: "المعدات الجديدة تحسّن من سلامتنا وجهوزيتنا، وتمنحنا الثقة في مواجهة أي طارئ".
قصة ليال تذكير بأن الإغاثة ليست دائمًا غذاءً ومأوى فقط، بل أمان وفرصة للحياة لمن يحمون الآخرين.
زاهور من أفغانستان
بعد سنوات من الفقر والاعتماد على محاصيل غير مشروعة، تحول المزارع الأفغاني زاهور إلى زراعة الخضراوات بدعم من مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.
يقول بابتسامة فخر: "تحولت من زراعة الأفيون إلى الكرنب، وتعلمت طرقًا حديثة لحماية المحاصيل، أصبحت أرضي مصدر أمل بدل الخوف".
قصته تُبرز كيف يمكن للسياسات الزراعية المستدامة أن تغيّر حياة الأسر والمجتمعات بأكملها.
ليودميلا من أوكرانيا
في ظل الحرب والتحديات الاقتصادية، تقود ليودميلا مشروعًا للمجمعات الصناعية البيئية في أوكرانيا، بدعم من منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية.
تقول: "منذ عام 2020 نتعاون مع الأمم المتحدة لتقليل استهلاك الطاقة والغاز، والتحرك نحو إنتاج أكثر كفاءة واستدامة".
هذا المشروع يجسد التوازن بين التنمية الاقتصادية والمسؤولية البيئية، حتى في زمن الأزمات.
ربيعة من ماليزيا
من ميناء جوهور في ماليزيا، حيث تتلاقى التجارة بالبيئة، تشرف ربيعة على مشروع لتقليل استهلاك المياه، بالشراكة مع مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية.
تقول بفخر: "استطعنا توفير عشرة ملايين لتر من المياه العذبة كل عام، إنه إنجاز صغير لكنه يصنع فرقاً حقيقياً".
تجربتها تجسد الجانب العملي لأهداف التنمية المستدامة، حين تتحول الشراكات إلى حلول ملموسة.
تأسست الأمم المتحدة في عام 1945 على أنقاض حرب عالمية مدمرة، بوعد بسيط لكنه عميق: أن تُبنى العدالة والسلام على التعاون لا الصراع، وعلى مدى ثمانية عقود، توسعت مهامها لتشمل مكافحة الفقر، وتمكين المرأة، والتعليم، والمناخ، والصحة، والإغاثة الإنسانية.
المعرض العالمي "حياة مشتركة، مستقبل مشترك" ليس مجرد احتفال بتاريخ الأمم المتحدة، بل شهادة حية على ما يعنيه أن تكون إنسانًا في عالم يبحث عن الأمل، حيث تتقاطع قصص الأفراد مع رسالة منظمة وُجدت لتخدمهم جميعًا.











