الولايات المتحدة تحدّ من استقبال اللاجئين بشكل غير مسبوق

الولايات المتحدة تحدّ من استقبال اللاجئين بشكل غير مسبوق
ترحيل مهاجرين - أرشيف

أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية عن قرار جديد يقضي بتخفيض عدد اللاجئين الذين سيتم قبولهم سنويًا إلى أدنى مستوى في تاريخها الحديث، مع منح الأولوية للبيض القادمين من جنوب إفريقيا، في خطوة أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط الحقوقية والسياسية داخل البلاد وخارجها.

قرّرت الإدارة الأمريكية، بموجب السياسة الجديدة، استقبال 7500 لاجئ فقط خلال السنة المالية 2026، مقارنةً بأكثر من 100 ألف لاجئ سنويًا كانت البلاد تستقبلهم في عهد الرئيس الديمقراطي جو بايدن، بحسب ما ذكرت وكالة “فرانس برس”، الخميس.

وبيّنت مذكرة رسمية صادرة عن البيت الأبيض أن الغالبية العظمى من هؤلاء اللاجئين سيكونون من ذوي البشرة البيضاء من جنوب إفريقيا الذين تصفهم الوثيقة بأنهم "ضحايا للتمييز غير القانوني أو غير العادل في أوطانهم"، في حين تجاهلت المذكرة الإشارة إلى اللاجئين القادمين من مناطق الصراعات الكبرى مثل الشرق الأوسط وإفريقيا وآسيا.

تحوّل في النهج الأمريكي

أعاد الرئيس دونالد ترامب، منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير الماضي، تفعيل سياساته الصارمة تجاه الهجرة واللجوء، إذ علّق برنامج قبول اللاجئين الأمريكي الذي كان يعدّ أحد أبرز البرامج الإنسانية في العالم.

ووجّه ترامب بتطبيق قيود مشددة باستثناء فئة محددة من البيض الأفريكانيين القادمين من جنوب إفريقيا.

ووصلت بالفعل أول دفعة من نحو 50 لاجئًا من هذه الفئة في شهر مايو الماضي إلى الأراضي الأمريكية لإعادة توطينهم، ما اعتبره مراقبون تحولًا جذريًا في فلسفة اللجوء الأمريكية التي طالما قامت على حماية المهددين بالاضطهاد بصرف النظر عن أعراقهم أو بلدانهم الأصلية.

انتقادات حقوقية حادة

أثار القرار انتقادات واسعة من المنظمات الحقوقية الأمريكية والدولية التي رأت فيه تمييزًا عنصريًا واضحًا ومساسًا بجوهر القيم الإنسانية التي تأسست عليها الولايات المتحدة.

وقال آرون ريتشلين ميلنيك الباحث في المجلس الأمريكي للهجرة، في تصريح عبر منصة "إكس" (تويتر سابقًا): "منذ عام 1980، استقبلت الولايات المتحدة أكثر من مليوني شخص فروا من الاضطهاد عبر هذا البرنامج، لكنه اليوم يُستخدم مساراً للهجرة البيضاء. يا له من سقوط لجوهرة تاج البرامج الإنسانية الدولية في أمريكا".

ارتبطت الخطوة الأخيرة بالتوجهات الشعبوية التي تميّز إدارة ترامب الجديدة، والتي ترفع شعار "أمريكا أولًا" وتربط بين الهجرة والأمن القومي والاقتصاد الداخلي. 

وتأتي ضمن تعهداته الانتخابية التي أطلقها خلال حملته، حين وعد بترحيل ملايين المهاجرين غير النظاميين وإعادة صياغة منظومة الهجرة بما يتماشى مع "الهوية الثقافية الأمريكية البيضاء"، على حد تعبيره.

انعكاسات على صورة أمريكا

يتوقّع محللون أن يؤدي هذا القرار إلى تدهور صورة الولايات المتحدة عالميًا، خصوصًا في المحافل الإنسانية والدبلوماسية، حيث كانت تُعد لسنوات طويلة الملاذ الأول للاجئين والمضطهدين حول العالم.

ويُحذّر خبراء من أن هذا التوجه سيُضعف النفوذ الأخلاقي الأمريكي في الدفاع عن حقوق الإنسان، ويُعمّق الانقسام الداخلي بين التيارات المحافظة والليبرالية، فضلًا عن إضعاف الشراكات الدولية التي تقوم على تقاسم مسؤوليات حماية اللاجئين.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية