ثلاث نساء يُقتلن يومياً.. ارتفاع جرائم قتل النساء في تركيا وكردستان
ثلاث نساء يُقتلن يومياً.. ارتفاع جرائم قتل النساء في تركيا وكردستان
شهدت تركيا وإقليم كردستان منذ مطلع يناير الماضي موجة جديدة من العنف ضد النساء، أسفرت عن مقتل 383 امرأة على يد رجال، وفقاً لبيانات منصة "المرأة من أجل المساواة" (EŞİK) التي أكدت أن ثلاث نساء يُقتلن يومياً في البلاد.
وأوضحت المنصة في تقرير لها، اليوم السبت، أن الأسبوع الماضي وحده شهد مقتل أربع نساء على أيدي رجال صدرت ضدهم أوامر حماية قضائية، أو كانوا في طور الطلاق، أو حاولت الضحايا الانفصال عنهم، ما يعكس فشل نظام الحماية القانونية في حماية النساء.
وبيّنت التقارير أن النساء في تركيا وكردستان يعانين من غياب الثقة في أجهزة إنفاذ القانون والقضاء، إذ تتجنب الكثيرات تقديم الشكاوى خوفاً من عدم اتخاذ أي إجراء فعلي، في وقتٍ تتزايد فيه حوادث القتل بشكل يومي.
فشل في حماية النساء
هاجمت دريا يلدرم، عضوة مجلس إدارة نقابة المحامين في آمد، ما وصفته بفشل الدولة في حماية النساء، مؤكدةً أن تزايد جرائم قتل النساء ليس نتيجة أخطاء فردية، بل نتيجة سياسة منهجية تُقصّر في حماية الحق في الحياة.
وقالت يلدرم إن "عدم حماية المرأة رغم تقديمها شكاوى متكررة لا يمكن تفسيره بالإهمال فقط، بل هو انعكاس مباشر لسياسة متبعة من قبل الدولة"، مشددة على أن تطبيق القوانين الحالية كفيل بتقليص معدلات الجريمة لو تم تنفيذه بفعالية.
وأضافت أن القوانين التركية تنص على أوامر تقييد وحماية للنساء المهددات بالعنف، لكن هذه الأوامر كثيراً ما تبقى حبراً على ورق، ولا يتم تنفيذها فعلياً على أرض الواقع.
تنفيذ أوامر الحماية
وأشارت المحامية إلى أن النساء في تركيا طالبت مراراً بتنفيذ أوامر الحماية، لكن السلطات تتجاهل تطبيقها بشكل فعال.
وقالت: "عندما لا تُنفذ أوامر الحماية، تزداد سهولة ارتكاب جرائم قتل النساء، بسبب غياب نظام فعّال لحماية الضحايا. كانت هناك وعود سابقة بتطبيق أنظمة التتبع الإلكتروني للجناة، إلا أن هذه الأنظمة غير متوفرة حالياً أو تعمل بشكل جزئي".
وأضافت أن بعض المجرمين يتمكنون من مغادرة منازلهم رغم ارتدائهم أجهزة تتبع إلكترونية، ما يُظهر ثغرات خطيرة في الرقابة الأمنية، مؤكدةً أن عدداً من النساء قُتلن بالفعل بهذه الطريقة.
انسحاب من اتفاقية إسطنبول
وحذّرت يلدرم من العواقب الوخيمة لانسحاب تركيا من اتفاقية إسطنبول، معتبرةً أن هذا القرار شكّل رسالة سلبية للمجتمع بأسره.
وقالت: "إن الانسحاب من الاتفاقية لا يعني التخلي عن نص قانوني فقط، بل هو تخلٍّ عن ضمانة تحمي حياة المرأة. لقد خلق هذا القرار انطباعاً لدى الجناة بأن الدولة لم تعد تقف إلى جانب النساء، وأنها رفعت يدها عن حمايتهن".
وأضافت أن هذا الانطباع شجّع المعتدين على ارتكاب الجرائم بثقة كبرى، في ظل غياب الردع القانوني القوي وضعف تطبيق أوامر الحماية.
قوانين بلا تنفيذ
انتقدت دريا يلدرم كذلك استمرار منح المجرمين تخفيضات على الأحكام بدعوى "الاستفزاز" أو "حسن السلوك"، معتبرةً أن هذه الممارسات القضائية تضعف ثقة النساء في العدالة.
وقالت: "القوانين مكتوبة جيداً، لكنها لا تُطبق كما يجب. تصدر أوامر تقييد لمدة 15 يوماً، لكن لا توجد آلية واضحة لمتابعة تنفيذها أو مراقبة مدى التزام الجناة بها".
وأضافت أن النساء لا يحصلن على الدعم الكافي من قوات الأمن، موضحةً أن ضباط الشرطة غالباً ما يرفضون التدخل بحجة أن القضايا "أسرية"، ما يؤدي إلى فقدان النساء الثقة في القضاء والأجهزة الأمنية.
دعوة لتطبيق القوانين
دعت يلدرم إلى تطبيق القوانين القائمة بصرامة دون الحاجة إلى سنّ تشريعات جديدة، مؤكدةً أن التنفيذ الفعلي يمكن أن يحقق نتائج ملموسة.
وقالت: "يجب إلغاء قانون التقادم في جرائم قتل النساء، وفرض عقوبات على المسؤولين الذين يتقاعسون عن تطبيق القوانين، كما يجب إعادة اعتماد اتفاقية إسطنبول، فذلك سيُظهر أن الدولة جادّة في حماية المرأة".
واختتمت تصريحها بتأكيد ضرورة تدريب القضاة وأعضاء النيابة على قضايا النوع الاجتماعي، مشيرةً إلى أن فهم السياق الاجتماعي والنفسي للعنف الأسري أساسي لضمان العدالة.










