وسط تدهور اقتصادي.. موجة غضب تشمل المتقاعدين والممرضين والعمال في إيران

وسط تدهور اقتصادي.. موجة غضب تشمل المتقاعدين والممرضين والعمال في إيران
وقفة احتجاجاية في إيران - أرشيف

تفاقم الغضب الشعبي في إيران مع تصاعد موجة احتجاجات شملت متقاعدي شركة الاتصالات الإيرانية، وممرضي جامعة كرمانشاه للعلوم الطبية، وعمال مجزر ماكيان ألوان، وموظفي شركة نفط الجرف القاري، تعبيراً عن السخط من تجاهل النظام الإيراني لمطالبهم المعيشية والمهنية.

ونُظّمت هذه التحركات في مدن عدة من بينها طهران، أصفهان، تبريز، شيراز، كرمانشاه، زنجان، سنندج، وأورمية، في وقت يشهد فيه الاقتصاد الإيراني تراجعاً غير مسبوق، وسط تضخم جامح وبطالة متزايدة وانهيار للقدرة الشرائية، بحسب ما ذكرت قناة "إيران إنترناشيونال"، الثلاثاء.

غضب ومسيرات حاشدة

ونظّم متقاعدو شركة الاتصالات الإيرانية مسيرات حاشدة في مختلف المدن، رددوا خلالها شعارات تعكس عمق الغضب من الفساد وسوء الإدارة، مثل: "لقد نهبوا شركة الاتصالات وسلموها للذئاب"، و"الشركة أصبحت ممزقة والنهب مستمر"، و"أكلوا حقوقنا واشتروا بها من ديجي كالا".

وعبّر المحتجون عن استيائهم من سيطرة مؤسسات نافذة مثل “هيئة تنفيذ أوامر الإمام” و“مؤسسة تعاون الحرس الثوري” على الشركة، متهمين إياها بـالاستيلاء على أرباحها ونهب حقوق العمال والمتقاعدين.

ولم تكن هذه الاحتجاجات الأولى من نوعها، إذ شهدت السنوات الأخيرة أكثر من مئة تجمع مماثل نظمها موظفو ومتقاعدو الاتصالات احتجاجاً على تأخير صرف مستحقاتهم وضعف التأمين الصحي، إلى جانب مطالبتهم بمراجعة خطط الأجور وتحقيق المساواة في الرواتب.

ممرضون يواجهون الظلم

واحتشد عدد من ممرضي جامعة كرمانشاه للعلوم الطبية أمام مبنى الجامعة، مطالبين بدفع حوافزهم ومستحقات العمل الإضافي المتأخرة منذ أكثر من عام.

وأكدوا لوكالة “إيلنا” العمالية أنهم يحتجون على “التمييز والظلم وعدم اهتمام المسؤولين بمطالبنا المستمرة”، مشيرين إلى أن رئيس الجامعة لم يكلّف نفسه الحضور لمخاطبتهم رغم احتجاجاتهم المتكررة.

وكان هؤلاء الممرضون قد نظموا تجمعاً مماثلاً في 27 أكتوبر، بالتزامن مع “يوم الممرض”، مؤكدين أن معاناتهم تمثل أزمة مهنية وإنسانية وسط ضغوط اقتصادية خانقة ونقص في الكوادر الطبية بسبب الهجرة الواسعة للممرضين الإيرانيين إلى الخارج.

عمال يطالبون بالعدالة 

في منطقة لاوان النفطية جنوب البلاد، نظم موظفو شركة نفط الجرف القاري تجمعاً احتجاجياً للمطالبة بإصلاح رواتب ذوي الدخل المنخفض وإعادة صرف المخصصات الخاصة بالمناطق الجنوبية، ومنها بدلات “صعوبة المناخ” و“البعد عن الأسرة”.

كما طالبوا بإلغاء سقف سنوات التقاعد واسترداد الضرائب الزائدة ودفع المستحقات المتأخرة.

وأكد المحتجون، وفقاً لموقع “هرانا” الحقوقي، على ضرورة استقلال صندوق تقاعد صناعة النفط وإنهاء التمييز بين العاملين في الوظائف التشغيلية والمساندة، معتبرين أن الفساد وسوء الإدارة يلتهمان حقوقهم منذ سنوات.

إضراب عن العمل

في العاصمة طهران، أضرب أكثر من 200 عامل في مجمّع الصناعات الغذائية “ماكيان ألوان” عن العمل بسبب تأخر رواتبهم لثلاثة أشهر متتالية.

وأكدت وكالة “إيلنا” أن محاولاتها التواصل مع إدارة المجزر باءت بالفشل، في حين شدد العمال على أنهم “لم يعودوا قادرين على إطعام أسرهم أو دفع إيجارات منازلهم”.

ويقع المجزر على طريق خاوران في منطقة قاسم آباد بمدينة ري، ويعمل فيه عدد كبير من العمال المهاجرين الإيرانيين القادمين من محافظات فقيرة كبلوشستان، ما يضيف بعداً إنسانياً ومعيشياً حاداً إلى احتجاجهم.

تدهور معيشي غير مسبوق

وتكشف هذه التحركات عن عمق الأزمة المعيشية في إيران، حيث تتآكل الأجور بفعل معدلات التضخم التي تجاوزت 60% وفق تقديرات خبراء اقتصاديين.

وبحسب التقرير السنوي لموقع “هرانا”، فقد سُجل خلال عامي 2024 و2025 أكثر من 3700 احتجاج واعتصام شملت قضايا عمالية ومهنية وطلابية وبيئية.

ويؤكد هذا الرقم أن الاحتجاجات أصبحت جزءاً من المشهد اليومي في البلاد، في ظل عجز حكومة الرئيس مسعود بزشكيان عن تلبية الوعود التي أطلقها بتحسين مستوى المعيشة ومكافحة الفساد.

أزمة تتجاوز الاقتصاد

يرى مراقبون أن هذه الموجة من الاحتجاجات لا تعبّر فقط عن ضيق اقتصادي، بل عن تآكل الثقة بين الشعب والنظام، واحتقان اجتماعي متزايد نتيجة سياسات التمييز واحتكار الثروة من قبل مؤسسات تابعة للحرس الثوري وكيانات شبه حكومية.

وتحذر منظمات حقوقية من أن استمرار تجاهل المطالب الشعبية قد يقود إلى اضطرابات أوسع، خصوصاً أن موجة الغلاء والبطالة تضرب مختلف الطبقات، ومنها موظفو الدولة والقطاع الطبي والعاملون في الصناعات الحيوية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية