كسرت حاجز الخوف.. لاجئة سورية تروي كيف واجهت المعتدي المُتستر بالعمل الخيري

كسرت حاجز الخوف.. لاجئة سورية تروي كيف واجهت المعتدي المُتستر بالعمل الخيري
لاجئات سوريات في تركيا

في قضية هزّت الرأي العام في تركيا، كشف تحقيق صحفي عن اتهامات بالتحرش والاعتداء الجنسي ضد مدير جمعية خيرية كان من المفترض أن تكون ملاذًا للنساء السوريات اللاجئات، لكنها تحولت إلى مساحة للاستغلال.

المتهم، الذي عُرف في الأوساط الإنسانية باسم "س. ك"، استغل حاجة النساء للمساعدة ليوقع بهن في شبكة من الابتزاز والتحرش، إلى أن جاءت شهادة "بتول" لتكسر جدار الصمت وتفتح الباب أمام العدالة وفق "مهاجر نيوز".

من ضحية إلى شاهدة

بتول، لاجئة سورية لجأت إلى أنقرة هربًا من الحرب في بلادها، كانت تبحث فقط عن مأوى آمن ومستقبل لأطفالها مثل العديد من اللاجئين السوريين.

تقول: "كنت أريد العمل، لكن أطفالي كانوا صغارًا، وكان الأمر صعبًا، لذلك قصدت الجمعية مثل كثيرات، كل شيء بدا طبيعيًا في البداية، قبل أن أكتشف الوجه الآخر لما يجري هناك".

سمعت بتول، كما غيرها من النساء، شائعات عن تصرفات "مخلة" من مدير الجمعية، لكنها لم تصدق، حتى بدأت تلاحظ انسحاب عدد من النساء فجأة من برامج الدعم، وتقول "حينها بدأت أشك، وشيئًا فشيئًا ظهرت الحقيقة المؤلمة".

خوف يكمّم الأصوات

وكشف تحقيق أعدّته قناة BBC في تركيا عن شهادات نساء لاجئات، تحدثن بأصوات مرتجفة وهوية مخفية خوفًا من الانتقام أو العار.

لكن بتول قررت أن تُظهر وجهها للعالم: "لقد صمتُ في البداية خوفًا على عائلتي، لكني أدركت أن الصمت خيانة لكل امرأة تُعاني في الظل".

العديد من النساء أكدن أنهن خشين من الملاحقة أو الترحيل في حال كشفن الحقيقة، فيما تضيف بتول:"كنت أخاف أن ينتقم من إخوتي، لكن حين علموا بما جرى، دعموني ووقفوا إلى جانبي".

وعود زواج ومحاولة بيع

تحكي بتول أن المعتدي كان يتقرب من النساء بحجة المساعدة، ثم يبدأ بالحديث المتكرر عن الزواج أو فرص يمكن أن تغير حياتهن، وتتابع:"قال لي مرة إنه يعرف من يريد الزواج بي، وعندما رفضت، حذرني أحد العاملين أنه ربما كان ينوي بيعي لرجل مقابل المال".

بعد أسابيع من هذه المضايقات، حاول "س. ك" التحرش بها جسديًا داخل مقر الجمعية، قائلة "استدرتُ لأخذ أوراقي، ففوجئت بيده على جسدي. صُدمت، تركت كل شيء، وهربت من المكان".

وبفضل تحقيق BBC وشهادات النساء، تم اعتقال المتهم، ويواجه الآن اتهامات باستغلال نساء مستضعفات مقابل وعود بالمساعدة أو الزواج.

ورغم إنكاره لكل شيء، ظهرت شهادات من موظفين سابقين أكدوا مشاهدتهم أو سماعهم لاعتداءات مشابهة بين عامي 2016 و2024.

ورغم محاولته الدفاع بالقول إن مكان الجمعية مراقَب بالكاميرات، إلا أن ضحاياه أظهرن شجاعة غير مسبوقة في مجتمع يصعب فيه الحديث عن مثل هذه القضايا.

بداية جديدة في ألمانيا

بعد كشف القضية، غادرت بتول تركيا متجهة إلى ألمانيا، حيث بدأت حياة جديدة مع أطفالها.

تقول بابتسامة يغمرها الأمان:"اليوم أعيش بسلام. أطفالي يدرسون، وأنا أتعلم اللغة وأستعد للعمل. أشعر أنني أخيرًا في مكان آمن بعد سنوات من الخوف".

وتضيف: "أتمنى أن تكون قصتي رسالة لكل امرأة تخاف من المواجهة، لا تسكتي، لأن الصمت يُطيل عمر الجريمة.

قصة بتول ليست مجرد شهادة شخصية، بل صرخة ضد استغلال المعاناة الإنسانية، فما جرى يذكّر بأن الضعف لا يعني القبول، وأن المساعدة الحقيقية لا تكون على حساب الكرامة، وأصبحت اليوم صوت لكل من أُسكتت، ونور في نفق طويل من الخوف والظلم.

وفق تصريحات وزير الداخلية التركي هناك 3 ملايين و114 ألفا و99 سوريا تحت الحماية المؤقتة (الكملك)، ومليون و125 ألفا و623 شخصا يحملون تصاريح إقامة، و234 ألفا و528 أجنبيا تحت الحماية الدولية، أي ما مجموعه 4 ملايين و474 ألفا و250 أجنبيا لديهم حق الإقامة القانونية في تركيا.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية