وسط فوضى أمنية.. تصاعد استهداف الكوادر الطبية في شمال سوريا

وسط فوضى أمنية.. تصاعد استهداف الكوادر الطبية في شمال سوريا
مستشفى في سوريا - أرشيف

دعت منظمات حقوق الإنسان إلى حماية الكوادر الطبية في شمال سوريا بعدما تحوّلت المهنة الإنسانية الأولى إلى ساحة خطرٍ دائم، في ظل تصاعد موجة الاعتقالات والخطف والتعذيب التي تطول الأطباء والمسعفين. 

وتثير هذه الانتهاكات قلقًا عميقًا داخل الأوساط الطبية والمجتمع السوري ككل، مع تحذيرات من انهيار ما تبقى من القطاع الصحي الهش أصلاً بفعل الحرب والنزوح الطويل.

وكشف المرصد السوري لحقوق الإنسان في بيان، اليوم الثلاثاء، عن تصاعد مقلق في حوادث استهداف الكوادر الطبية خلال شهري أكتوبر ونوفمبر من هذا العام، موضحًا أن الانتهاكات تنوعت بين اعتقالات تعسفية وخطف وتعذيب، في وقت تلتزم فيه الأجهزة الأمنية صمتًا تامًا دون تحرك أو توضيح.

وأكد المرصد أن "غالبية الاعتقالات نُفذت دون أوامر قضائية أو توجيه تهم واضحة"، ما يعكس حالة الفوضى والانفلات الأمني الذي بات يهدد الحياة المدنية برمتها. 

وأضاف أن استمرار هذا النمط من الاعتداءات قد يدفع مزيدًا من الأطباء والممرضين إلى الهجرة القسرية خارج البلاد، ما يعني ضربة قاصمة لما تبقى من الخدمات الصحية في الشمال السوري.

أرقام صادمة ومؤشرات قاتمة

وفقًا لإحصاءات المرصد، فقد تم تسجيل أكثر من 18 حالة استهداف منذ مطلع أكتوبر وحتى اليوم، تراوحت بين القتل والخطف والاعتقال، بينما لا تزال الأسباب الحقيقية خلف هذه العمليات غامضة. 

وتحدثت بعض التقارير عن خلفيات طائفية وانتقامية تقف وراء جزء من تلك الحوادث، مما يعكس تفكك النسيج الاجتماعي وتآكل الثقة داخل المجتمع المحلي.

ويؤكد المرصد أن هذا التصاعد في العنف يعكس انهيار المنظومة القانونية والرقابية في المناطق الخاضعة لهيئة تحرير الشام، حيث تُمارس سلطة الأمر الواقع دون أي التزام بمعايير العدالة أو حقوق الإنسان.

على حافة الانهيار

حذّر المرصد من أن استمرار استهداف الكوادر الطبية قد يؤدي إلى فراغٍ خطيرٍ في المستشفيات والمراكز الصحية التي تعاني أساسًا من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات والتمويل. 

ويشير الأطباء العاملون في تلك المناطق إلى أن بعض المرافق تعمل بـ طاقمٍ لا يتجاوز نصف حاجتها الفعلية، وأن غياب الأمن بات السبب الرئيسي وراء مغادرة العشرات من الكفاءات الطبية إلى مناطق أكثر أمانًا داخل سوريا أو خارجها.

وأضاف المرصد أن بعض الحالات سجلت في محافظات إدلب واللاذقية وحمص ودمشق، حيث جرى استهداف أطباء ومسعفين بشكل مباشر أثناء أداء عملهم، بينما لا تزال مصائر العديد من المختطفين مجهولة حتى الآن.

انتهاكات وصمت دولي

تُضاف هذه الانتهاكات إلى سلسلة طويلة من الجرائم التي تشهدها العديد من المناطق، من الاعتقالات السياسية والتغييب القسري إلى التضييق على المنظمات الإنسانية والإعلاميين. 

ويرى مراقبون أن الصمت الدولي إزاء ما يجري هناك يشجع على مزيد من الانتهاكات ويعمق مأساة السكان المدنيين.

ويؤكد ناشطون أن حماية الكوادر الطبية لا تقتصر على صون حقوق الأفراد فحسب، بل تمثل ضرورة إنسانية وأخلاقية للحفاظ على ما تبقى من مقومات الحياة في منطقة أنهكتها الحرب وأثقلها غياب الدولة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية