مصادرة أصول ومجوهرات اللاجئين في بريطانيا.. انتهاك صارخ للحقوق الأساسية

مصادرة أصول ومجوهرات اللاجئين في بريطانيا.. انتهاك صارخ للحقوق الأساسية
وزيرة الداخلية البريطانية، شبانة محمود - أرشيف

جاء إعلان وزيرة الداخلية البريطانية، شبانة محمود، عن حزمة إجراءات جديدة تهدف إلى تجريد طالبي اللجوء في المملكة المتحدة من أصولهم الثمينة، ومنها المجوهرات، لتغطية تكاليف إقامتهم، بمنزلة انتهاك صارخ للحقوق الأساسية.

أكد وزير أمن الحدود، أليكس نوريس، وفق ما أوردته "فايننشيال تايمز"، أن الصلاحيات الجديدة تستند إلى مبدأ أن الأشخاص الذين يتلقون السكن والدعم أثناء انتظارهم قرارات اللجوء يجب أن يسهموا في تغطية التكاليف إن استطاعوا.

وأوضح نوريس أن هذه الإجراءات لن تشمل "المجوهرات ذات القيمة العاطفية" مثل خواتم الزواج، كما لن تتم المصادرة على الحدود، موضحًا أن الأمر يقتصر على الأصول التي تُسهم في تكاليف السكن والمعيشة.

ووفق ما ذكرته "الغارديان"، صمم هذا التوجه على غرار القوانين في الدنمارك التي يُنسب إليها الفضل في خفض أعداد طالبي اللجوء، في قال نوريس لقناة سكاي نيوز: “إذا جاء أحدهم بحقيبة مليئة بالخواتم الذهبية، فهذا يختلف عن الأشياء التراثية”.

وأضافت محمود أن الحزمة تهدف إلى إقناع الجمهور بأن حكومة السير كير ستارمر لديها خطة موثوقة لخفض أعداد قوارب العبور الصغيرة إلى بريطانيا بشكل كبير، معتبرة أن الهجرة غير الشرعية "تُحدث انقسامًا في جميع أنحاء البلاد" وتستقطب المجتمعات.

الحق في الحياة الأسرية

وجهت الحزمة المقترحة القضاة إلى تفسير الحق في الحياة الأسرية، المنصوص عليه في المادة 8 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان (ECHR)، بشكل أضيق نطاقًا، حسب ما ذكرته "فايننشيال تايمز".

أكد نوريس أن عدد الأشخاص الذين تمكنوا من البقاء في المملكة المتحدة بموجب المادة 8 قليل جدًا، وأشار إلى أن عدد الذين طُردوا وقدموا طعونًا لا يتجاوز 2.5%، موضحًا أن التركيز ليس على العدد، بل على تأثير ذلك في النظام الأوسع.

وأعلنت وزارة الداخلية أن "الروابط العائلية" يجب أن تشير فقط إلى العائلة المباشرة، مثل أحد الوالدين أو الطفل، ما يحرم طالبي اللجوء من استخدام الروابط العائلية الأوسع كسبب للبقاء.

وأضافت أن الحالات التي تُتوقع عدم نجاحها ستُسرّع، ولن يُسمح بتقديم طعون متكررة، كما تشمل الإجراءات تعليق إصدار تأشيرات المملكة المتحدة لمواطني أنغولا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وناميبيا في حال لم تتحسن التعاونيات مع المملكة المتحدة.

أعرب النائب العمالي، توني فوغان، محامٍ متخصص في قضايا الهجرة، عن معارضته الشديدة للحزمة، واصفًا إياها بأنها "منعطف خاطئ" يجعل اندماج اللاجئين في المجتمع البريطاني مستحيلًا، وفق تصريحات نقلتها "الغارديان".

وأكد فوغان أن سياسات تقليص الحماية المؤقتة وجعل مراجعة الوضع كل 30 شهرًا لمدة تصل إلى 20 عامًا ستؤخر اندماج الأشخاص الفارين من الخطر والاضطهاد، مشددًا على ضرورة مراعاة حقوق الإنسان الأساسية في أي إصلاح للسياسات.

أوضح المتحدث باسم الشؤون الداخلية للحزب الليبرالي الديمقراطي، ماكس ويلكينسون، أن مصادرة الميراث العائلي للأشخاص الضعفاء غير مقبول، مؤكدًا أن هذه الإجراءات لا تصلح نظامًا يكلف دافعي الضرائب ملايين الجنيهات يوميًا، وتتناقض مع هوية المملكة المتحدة كدولة تلتزم بالحماية الإنسانية.

أبعاد الحقوق الإنسانية

أظهرت الحزمة المخطط لها، وفق تحليل بيانات "فايننشيال تايمز" و"الغارديان"، أن حقوق اللاجئين الاقتصادية والاجتماعية والبيئية تتعرض لتحديات مباشرة، حيث يُجبر الأشخاص على تقديم إسهامات مالية مقابل الحماية التي يحق لهم الحصول عليها وفق القوانين الدولية.

وأشار خبراء حقوق الإنسان إلى أن التعديلات المقترحة على تفسير المادة 8 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان تمثل إخلالًا بالحق الأساسي في الحفاظ على الروابط الأسرية، وهو ما يعكس انحيازًا للمصلحة العامة المعلنة، وهي ترحيل المجرمين الأجانب ومن دخلوا البلاد بطرق غير قانونية، على حساب حماية الحقوق الإنسانية.

المقارنة الدولية

أفادت المصادر أن الحزمة البريطانية مستوحاة من تجربة الدنمارك الصارمة تجاه طالبي اللجوء، والتي يُعتقد أنها نجحت في تقليل أعداد الوافدين، ومع ذلك فإن أي سياسات تقليص الحماية يجب أن تراعي الالتزامات الدولية، بما في ذلك الحق في اللجوء، وحق الحياة الأسرية، وعدم التمييز على أساس الوضع الاجتماعي أو الاقتصادي.

قالت محمود لقناة سكاي نيوز: "ليست أحاديث اليمين المتطرف أو الأخبار الكاذبة هي التي تُشير إلى وجود مشكلة، بل نظام معطّل"، مؤكدًة أن الهدف من الإصلاح هو معالجة انقسامات المجتمع البريطاني، لكنها لم تقدم تفاصيل كافية حول كيفية ضمان حماية الحقوق الأساسية للمتضررين.

الآثار المحتملة في اللاجئين

توضح التغطية الصحفية للقرار أن اللاجئين الذين يُحرمون من أصولهم المالية أو يُقصر لهم الحق في الحماية المؤقتة يواجهون معاناة مزدوجة: صعوبة الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وخطر فقدان الاتصال العائلي، وفق تحليلات نواب البرلمان والجماعات الحقوقية.

يشير نوريس إلى أن الأشخاص الذين يحصلون على وظائف في المملكة المتحدة مثل الأطباء قد ينتقلون إلى مسار توطين منفصل، لكنه لم يوضح آليات ضمان عدم استغلال هذا النظام بشكل غير متساوٍ أو تأثيره في الأطفال والعائلات التي لم تتمكن بعد من تثبيت وضعها.

تمثل الإجراءات الجديدة في المملكة المتحدة اختبارًا لمدى التوازن بين السياسات الوطنية وضمانات حقوق الإنسان، وهو مايبرز أن أي إصلاح فعلي لنظام اللجوء في المملكة المتحدة يجب أن يوازن بين حاجة الدولة لتطبيق القانون والسيطرة على الهجرة، وبين الالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، لضمان عدم معاقبة الأشخاص الفارين من النزاعات والاضطهاد على خلفية وضعهم الاجتماعي أو الاقتصادي.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية