إصلاح تشريعي تاريخي.. أستراليا تحظر وصول الأطفال إلى وسائل التواصل

إصلاح تشريعي تاريخي.. أستراليا تحظر وصول الأطفال إلى وسائل التواصل
استخدامات وسائل التواصل- أرشيف

أكّد رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز، أنّ التشريع الجديد الذي يحظر وصول الأطفال دون السادسة عشرة إلى منصّات التواصل الاجتماعي يمثل خطوة مجتمعية كبرى، تتجاوز كونها مجرد تعديل قانوني لتصل إلى إصلاح يمسّ حياة ملايين الأسر. 

ووصف ألبانيز القرار بأنه استجابة مباشرة لمخاوف عالمية تتعلق بتأثير البيئة الرقمية على صحة الأطفال النفسية والاجتماعية، مؤكداً أن بلاده أصبحت أول دولة في العالم تقدم على هذا النوع من الحظر الشامل، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم الخميس.

وشدّد ألبانيز في حديثه لقناة «سكاي نيوز أستراليا» على أنّ وصول الأطفال في سن 13 أو 14 أو 15 عامًا إلى المنصات الرقمية لم يعد مجرد ممارسة اعتيادية، بل مشكلة عالمية تتحدث عنها العائلات من مختلف الثقافات. 

وأشار إلى أنّ الأضرار المترتبة على الاستخدام المتواصل لهذه المنصات تمتد من العزلة الاجتماعية إلى التنمر الرقمي، مروراً بالتمييز، واضطرابات الثقة بالنفس، واختلال صورة الجسد، وهي تحديات باتت الأجهزة الحكومية وقطاع التعليم غير قادرين على تجاهلها في ظل ارتفاع معدلات الضرر النفسي بين المراهقين.

مشاركة الأسرة والمدرسة

تحدّث رئيس الوزراء عن دخول البلاد في مرحلة انتقالية حساسة، إذ سيُطلب من الأطفال التخلي عن حساباتهم، وسيحتاج الآباء إلى حوارات أكثر عمقاً مع أبنائهم حول الاستخدام الآمن للتكنولوجيا. 

واعتبر أنّ مشاركة المدارس في هذه المرحلة أمر أساسي، لما لها من دور في حماية الطلبة وتوجيههم، مشيراً إلى أن التغيير لن يكون سهلاً على المراهقين الذين اعتادوا على الحياة الافتراضية، لكنه سيظل ضرورياً لإعادة التوازن إلى حياتهم اليومية.

رأى ألبانيز أنّ واحداً من أهم أهداف هذا التشريع هو إعادة الأطفال إلى الأنشطة الواقعية التي تعزز العلاقات الإنسانية والمهارات الحياتية، بما في ذلك الرياضة والمطالعة والموسيقى والتفاعل المباشر. 

وأوضح أن الحظر ليس قضية أيديولوجية أو صراعاً مع شركات التكنولوجيا، بل محاولة لخلق بيئة صحية تساعد الجيل الجديد على النمو بعيداً عن الضغوط الرقمية التي تحاصرهم منذ سنوات.

سياق حقوقي عالمي 

يأتي القرار الأسترالي في وقت تتزايد فيه التحذيرات الدولية من الآثار الواسعة لوسائل التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية للأطفال. 

وتشير تقارير منظمات حقوقية إلى أن المراهقين حول العالم يتعرضون لمستويات غير مسبوقة من المضايقات الإلكترونية، وأن كثيراً منهم يواجهون اضطرابات في النوم والتركيز والعلاقات الاجتماعية نتيجة الإفراط في استخدام المنصات الرقمية. 

ويمثل التشريع الأسترالي، بهذا المعنى، خطوة حقوقية تتجاوز حدود الدولة، وتفتح نقاشاً عالمياً حول مسؤوليات الحكومات تجاه الفئات العمرية الأكثر هشاشة.

العلاقة بين التكنولوجيا والمجتمع

يحمل الحظر الجديد رسالة واضحة بأنّ حماية الأطفال يجب أن تتصدر السياسات العامة، وبأنّ حرية الوصول إلى المساحات الرقمية لا يمكن أن تتغلب على الحق في النمو السليم والحماية من الضرر. 

ويرى مراقبون أنّ تطبيق القانون سيشكل اختباراً لقدرة المؤسسات الأسترالية على إدارة التغيير، ولقدرة المجتمع على التكيف مع معايير جديدة تُعيد رسم حدود الفضاء الإلكتروني. 

ومع أن التشريع قد يثير نقاشات حول الحرية الرقمية، إلا أنه يؤسس لتجربة رائدة قد تدفع دولاً أخرى إلى اتباع نهج مشابه، خاصة في ظل تزايد الأدلة التي تربط بين الاستخدام المبكر للتكنولوجيا وبين مجموعة من المخاطر النفسية والاجتماعية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية