حقوق الإنسان عربياً.. تراث ثقافي ودساتير تكفل الحريات

حقوق الإنسان عربياً.. تراث ثقافي ودساتير تكفل الحريات

 

تحتفل دول العالم باليوم العالمي لحقوق الإنسان، الذي يوافق العاشر من ديسمبر كل عام، إحياءً لذكرى اليوم الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان” في عام 1948.

 

وتوفر التطورات الدستورية التي شهدتها بعض البلدان العربية في السنوات العشر الأخيرة الأساس الكافي لتنمية حقوق الإنسان، حيث تولي العديد من الدول العربية أولوية قصوى لقيم احترام حقوق الإنسان، مستمدة ذلك من تراثها الثقافي ودستورها الذي يكفل الحريات المدنية للجميع، ومنظومتها التشريعية التي تعزز مبادئ العدالة والمساواة والتسامح، واحترام الحقوق، ودعم العمل الإنساني والإغاثي.

 

وفي سياق الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان الـ73، وجهت المنظمة العربية لحقوق الإنسان الدعوة إلى الحكومات العربية والمجتمع الدولي للعمل بشكل جاد ومخلص لوقف الحروب والصراعات في المنطقة العربية، ومنع الانزلاق نحو حروب جديدة أو توسعة الصراعات القائمة، على نحو يتسق مع التزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.

 

وأشارت المنظمة إلى أن أي نجاح أو جهد لتسوية سياسية قابلة للنجاح والاستدامة لا يتحقق دون إدماج نهج حقوق الإنسان في مسار ومضمون التسوية.

 

ورحبت المنظمة بالمبادرات العربية المتنوعة نحو الإصلاح الثقافي ومكافحة الكراهية والتطرف الديني ومختلف أوجه التعصب الإثني، فإنها تحذر من أن هذه الجهود لا يمكن أن تؤتي ثمارها بمعزل عن احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية.

 

دول الخليج العربي

من أبرز أوجه الشبه التي تجمع دول الخليج العربي التزامها بمعايير حقوق الإنسان، وتمسكها بتحقيق المساواة بين شعوبها، دون تفرقة سواء على أساس العرق أو اللون أو المذهب، ولعل هذا سبباً في تحقيق الطفرة الاقتصادية التي تنعم بها، واستتباب الأمن والاستقرار في ربوعها.

 

ومثَّل الإعلان الخليجي لحقوق الإنسان نقطة فاصلة في تاريخ شعوب المنطقة، حيث أدى إلى ترسيخ تلك الحقوق وجعلها ثقافة مجتمعية متأصلة وليس مجرد التزام بأحكام القانون، وهناك فرق كبير بين الحالتين، فالقانون قد يتجرأ البعض على تجاوزه وانتهاكه، بينما الثقافة المجتمعية تظل راسخة وينقاد لها المرء بصورة تلقائية.

 

وكان الإعلان الخليجي واضحا في الحث على مراعاة حقوق الإنسان فقد نص في مادته الثامنة على أن الدولة والمجتمع يعملان (على نشر وإشاعة مبادئ الخير والمحبة والإخاء والتسامح وغيرها من المبادئ والقيم النبيلة، علاوة على نبذ جميع مشاعر الكراهية والبغضاء والتطرف، وأي مظاهر أخرى من شأنها تقويض المقومات الأساسية للمجتمع وتعريضه للخطر).

 

كما يشير في المادة التاسعة إلى أن (حرية الرأي والتعبير حق لكل إنسان، وممارستها مكفولة بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية والنظام العام والقوانين المنظمة لهذا الشأن).

 

والمتأمل لواقع الدول الخليجية في هذا الشأن يجد أنها سبقت دول المنطقة والإقليم في إرساء قواعد متينة لمجتمعاتها، تقوم على قاعدة أساسية هي ضرورة التسامح والتعايش وعدم التعامل مع المواطن أو المقيم أو الزائر إلا بمعيار الالتزام بالقانون والتقيد بالأنظمة، بغض النظر عن دينه أو عرقه أو منطقته أو مذهبه.

 

وفيما يتعلق بالكرامة الإنسانية والحق في العلاج نصت المادة (20) على أن (العيش في بيئة نظيفة خالية من التلوث حق لكل إنسان، وعلى الدولة والمجتمع المحافظة عليها وحمايتها). كما تؤكد المادة (21) أن (الرعاية الصحية والحصول عليها حق لكل إنسان وتعمل الدولة ومؤسسات المجتمع المدني فيها على تأمين ذلك).

 

الإمارات

 

أنشأت دولة الإمارات الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، تماشياً مع مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، كما استحدثت وزارة التسامح والتعايش، ووضعت سياسات وقوانين لحماية حقوق العمال والطفل والمرأة وكبار السن وأصحاب الهمم والسجناء، كما تسهم على الصعيدين الإقليمي والدولي في مكافحة ظاهرة الاتجار بالبشر.

 

وكفل الدستور الإماراتي الحقوق والحريات المدنية للأفراد، وجميع الأفراد سواء أمام القانون، ولا تمييز بين مواطني الدولة بسبب الأصل، أو الموطن، أو العقيدة الدينية، أو المركز الاجتماعي.

 

وتستضيف دولة الإمارات “المدينة العالمية للخدمات الإنسانية” في دبي، وهي أكبر مركز للإغاثة الإنسانية، والمساعدات في العالم، واعتمدت الحكومة إنشاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان لتراقب هذا الملف، والتنسيق مع كل الجهات المعنية داخلياً وخارجياً للحفاظ على المستوى الحضاري الذي وصلت إليه الدولة في مجال حقوق الإنسان.

 

قطر

 

انطوت رؤية قطر الوطنية 2030 التي تم تفصيلها في إستراتيجية التنمية الوطنية الأولى 2011- 2016 وإستراتيجية التنمية الوطنية الثانية 2018- 2022 على محاور مهمة تمس القضايا الرئيسية لحقوق الإنسان في مجالات التعليم والصحة والبيئة وحقوق العمالة الوافدة وتمكين المرأة وحقوق الطفل والأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن.

 

وجاء تتويج الجهود الفطرية في مجال حقوق الإنسان بانتخاب الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها 76، دولة قطر، لعضوية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وبأغلبية 182 صوتا ولمدة 3 سنوات تبدأ في يناير 2022.

 

الكويت

 

وتحتفي دولة الكويت باليوم العالمي لحقوق الإنسان، هذا العام تحت شعار “كل البشر متساوون”.

 

وحرصت الكويت منذ نشأتها على تعزيز هذا الجانب عبر إقرار تشريعات من شأنها تكريس قيم حقوق الإنسان والانضمام إلى المعاهدات والمواثيق الدولية ذات الصلة إيماناً منها بأهمية تكاتف المجتمع الدولي لحماية المدنيين.

 

وفي هذه المناسبة، قال رئيس الديوان الوطني لحقوق الإنسان السفير جاسم المباركي إن اهتمام دولة الكويت بقضايا حقوق الإنسان يظهر جلياً بإنشائها للديوان كجهاز مؤسسي معني بصيانة وتعزيز حقوق الإنسان استكمالاً لمسيرتها الملتزمة بالاتفاقيات والمواثيق الدولية التي تعهدت بها منذ نشأتها.

 

وأضاف المباركي أن إعلان حقوق الإنسان العالمي جاء كأول وثيقة دولية متكاملة تهدف إلى صون كرامة الإنسان وحمايته من كل أنواع التمييز الأمر الذي وضعته دولة الكويت نصب عينيها وسخرت له كل إمكاناتها سعياً منها لتطوير منظومة مجتمعية متكاملة ومتوافقة مع المعايير الواردة في المواثيق الدولية.

 

وذكر أن الديوان الذي أنشئ بموجب قانون «67/2015» يعمل على متابعة التزامات الكويت الدولية ذات الصلة وكذلك التنسيق مع الأجهزة الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني بما يحقق الأهداف الرامية لتنفيذ رؤية الكويت «2035» خاصة ما يتسق منها بتعزيز قيمة الإنسان وضمان كرامته وتمتعه بالحقوق والحريات.

 

سلطنة عمان

 

عنيت سلطنة عمان بموضوع حقوق الإنسان من منطلق تعاليم الدين الإسلامي والحاجة الإنسانية لتلك المبادئ.

 

وأنشأت السلطنة لجنة خاصة بحقوق الإنسان حملت اسم «اللجنة العمانية لحقوق الإنسان» وهي تعنى بمتابعة حماية حقوق الإنسان وحرياته في سلطنة عمان وفقا للقوانين السارية، ورصد أية مخالفات أو تجاوزات متعلقة بحقوق الإنسان في الدولة والمساعدة في تسويتها وحلها.

 

ومنذ تأسيسها تعمل اللجنة على تطبيق أهدافها كما تعمل على الدفع نحو سن القوانين التي تحمي حقوق الإنسان ورصد أي مخالفات يمكن أن تنتهك حقوق الإنسان والوقوف مع أصحابها حتى يحصلوا على حقوقهم.

 

واستطاعت اللجنة العمانية لحقوق الإنسان خلال العقد الماضي من عمرها أن تصل برسالتها إلى الجميع تقريبا، وأصبح الكثير من الناس يلجأ إليها للتعاطي مع القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان، بمعنى آخر تحولت اللجنة من لجنة وطنية إلى لجنة شعبية محل ثقة وقادرة على الفعل وهذه النقطة غاية في الأهمية سواء من حيث قدرتها على التعاطي الفاعل مع القضايا أو من حيث نظرة المؤسسات الدولية لها.

 

السعودية

 

يقر النظام الأساسي للدولة أن الجميع سواسية أمام القانون، وأنه لا اعتبار لأي فوارق مناطقية أو مذهبية أو عرقية، كما تبدي الدولة صرامة واضحة في التصدي لأي دعوات عنصرية، وعلى ذلك الأساس المتين قامت الدولة منذ توحيدها على يد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود.

 

وفي ديسمبر 2018، أشاد المنسق المقيم للأمم المتحدة بالإنابة فراس غرايبة بجهود المملكة في حماية حقوق الإنسان وتنظيمها لاحتفالية الذكرى السبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، معتبرًا هذه المبادرة تعبيرًا عن التزام المملكة بدعم القيم العالمية لحقوق الإنسان.

 

وصادقت حكومة السعودية على اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب عام 1997، كما يرد بند حقوق الإنسان في المادة الخامسة من القانون الأساسي للمملكة، وتعتبر الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان أول منظمة مستقلة في مجال حقوق الإنسان في السعودية، وتأسست في عام 2004.

 

بناءً على الدراسة المرفوعة من مجلس الشورى ووزارة الداخلية بالمملكة العربية السعودية قرر مجلس الوزراء السعودي إنشاء هيئة حكومية مستقلة تسمى هيئة حقوق الإنسان يرأسها الدكتور بندر بن محمد العيبان وفي عام 2008 صادق مجلس الشورى السعودي على الميثاق العربي لحقوق الإنسان.

 

مصر

 

في مصر، يرى عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، محمود بسيوني، إن هناك تغييرا كبيرا وتطورا نوعيا على الأرض فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان في مصر، مشيرا إلى أن هذا الملف كان من الصعب الاقتراب منه فيما سبق، ومؤكدا أن مصر اليوم دولة بلا طوارئ، وهو ما له انعكاس على الوضع المصري في الخارج، وأن مصر جادة في تنفيذ إستراتيجية حقوق الإنسان.

 

وأضاف: “لدينا اليوم شكل جديد لأماكن الاحتجاز، ومركز التأهيل والإصلاح في وادي النطرون، فلم يعد هناك ما يسمى بالسجون، والتعامل اليوم مع المدان في القضايا بطريقة آدمية، والرئيس تحدث عن التجربة المصرية باعتبارها تجربة غير مسبوقة في المنطقة”.

 

وقال: “يتم الآن التعامل مع حقوق الإنسان بشمولية، والدستور المصري في حد ذاته به تطور نوعي كبير في ما يتعلق بهذا الملف، وهناك عمل دؤوب من أجل عمل إصلاحات في التعليم والصحة وباقي الخدمات التي بدأت تظهر معالمها في عدة محافظات”

 

وعلى المستوى الدولي، قال عضو لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان الأوروبي تيري مارياني، إن هناك تقدما كبيرا في ملف حقوق الإنسان في مصر، مضيفا “المسكن الجيد وتوفير وسائل مواصلات وحياة كريمة من حقوق الإنسان”.

 

وأكمل تيري مارياني: “في ما يتعلق بحقوق الإنسان السياسية أعتقد أن البرلمان المصري به نسبة كبيرة من تمثيل المرأة وهو ما يقترب من نسبة التمثيل الموجودة في برلمان فرنسا”.

 

ولفت مارياني: “سياسة مصر تغيرت في السنوات الأخيرة ومصر على الطريق الصحيح في ملف حقوق الإنسان”.

 

لبنان

 

وقّع لبنان على اتفاقات جنيف في 10 أبريل 1951، والبروتوكول الإضافي الأول (المتعلق بحماية ضحايا المنازعات الدولية المسلحة)، والبروتوكول الإضافي الثاني (حماية ضحايا النزاعات المسلحة غير الدولية) في 23 يوليو 1997. وعلاوة على ذلك، أصبح لبنان من الدول الموقعة على اتفاقية حقوق الطفل في 14 مايو 1991.

 

صوت لبنان لصالح الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بما لا يُثير الدهشة، منذ أن شارك الدكتور اللبناني، شارل مالك، في صياغة الوثيقة.

 

وثيقة تاريخية

ويعد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وثيقة تاريخية مهمة في تاريخ حقوق الإنسان، صاغه ممثلون من مختلف الخلفيات القانونية والثقافية من جميع أنحاء العالم، واعتمدت الجمعية العامة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في باريس في 10 ديسمبر 1948 بموجب القرار 217 ألف بوصفه المعيار المشترك الذي ينبغي أن تستهدفه كل الشعوب والأمم، وهو يحدد، وللمرة الأولى، حقوق الإنسان الأساسية التي يتعين حمايتها عالمياً وترجمت تلك الحقوق إلى نحو 500 لغة من لغات العالم وعلى مر السنين، تم قبول الإعلان كعقد مُبرم بين الحكومات وشعوبها، وقبلت به جميع الدول تقريباً.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية