نجل زعيم القاعدة بين ماضٍ يطارده وحاضر يعلن خلاله: "لن أعيش في جلباب أبي"

نجل زعيم القاعدة بين ماضٍ يطارده وحاضر يعلن خلاله: "لن أعيش في جلباب أبي"

“يقال في الأمثال الشعبية، ”من شابه أباه فما ظلم"، إلا أن بعض الأبناء يكسرون القاعدة ويرفعون لواء "لن أعيش في جلباب أبي"، منهم عمر أسامة بن لادن، الذي غرد بعيدًا عن مستقبل رُسم له من أن يكون مقاتلًا في أفغانستان مثل أبيه، تمرد على ذاك ورسم لنفسه مستقبلًا آخرًا يصاحب فيه الريشة والألوان.. يقيم المعارض في فرنسا ويعلنها صراحة "الفن ليس حرامًا كما أخبرني أبي".

وتعلم نجل زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن الذي قتلته القوات الخاصة الأمريكية في باكستان سنة 2011، الرسم من رسامين عبر يوتيوب.. ترى ما الدافع وراء هذا التغيير من الشيء إلى نقيضه؟

يقيم عمر البالغ من العمر 41 عاما، في منطقة النورماندي الفرنسية، وسط تزايد الطلب على أعماله التي باتت محور أنظار العالم، ففي معرضه الأول وقف عمر ممتلئ الجسم طويلا، ذا شعر مجعد ومنسدل على كتفيه في هيئة منسجمة تمامًا مع بيئته التي يعيش فيها، وقف يخبر العالم عن معرضه الأول وكيف عثر في حياته على شغفه في الرسم، ويشرح كيف كانت فترة الحجر المنزلي بسبب جائحة كورونا، فرصة لاكتشاف موهبته.

من النقيض إلى النقيض

اهتمام إعلامي حظي به عمر مؤخرًا، جاء من خلاله تصريحاته رنانة لا تزعج إلا من يحمل  السلاح في وجوه الأبرياء والضعفاء كحجة للدفاع عن الإسلام، قال: "إنه بسبب حظر التجول، كنت وزوجتي عالقين في المنزل ولا نفعل الكثير فبدأت هي بالرسم وأردت أن أجرب أنا أيضًا".

وتتنوع ألوان رسومات عمر بن لادن، بينما جاءت موضوعات معظمها مناظر طبيعية انطباعية يرسمها بالألوان القوية، وهي انعكاس لذكريات طفولته ومراهقته في مسقط رأسه السعودية وانتقاله مع والده عندما كان يبلغ من العمر آنذاك 10 سنوات إلى السودان، ثم إلى جبال أفغانستان. 

وفي تصريحات إعلامية قال عمر عن إحدى لوحاته، إن اللون الأحمر الذي استخدمه "يأتي من الشعور والانطباع، 40 سنة من الحرب في أفغانستان واللون الأحمر يعبّر عن الألم والتفجيرات والموت".

ويرى عمر أن جزءًا منه لا يزال يعيش في أفغانستان، على الرغم من أنه ترك والده عندما كان في الـ19 من عمره ليتنقل بين البلاد حتى وصل إلى فرنسا عام 2016 واستقر في منطقة النورماندي.

 وعن حياته في فرنسا، قال، "أشعر بالتحرر من المسؤولية عن أفعال والدي، فهنا لا أحد يحكم علي ولا أحد يقول لي لأنك ابن أسامة لن نسمح لك بكذا وكذا ولن نعطي لك عملًا، إنني أشعر بالاحترام في فرنسا، حتى إنني حصلت على تأشيرة إقامة، وتركوني بسلام بحيث لم يحاول أحد مراقبتي أو معاملتي بشكل سيئ على الإطلاق".

أما عن بيع صوره في النورماندي، فيعرض عمر 30 لوحة من أعماله في سوق الأدوات المستعملة بعد أن تلقى دعوة من صاحب المكان الذي وجد في لوحاته تجارة رابحة.

في هذا الخصوص، يقول مدير مكان العرض باسكال مارتن إنه "لا يوجد اسم معروف دوليًا أكثر من اسم بن لادن لذا أثارت اللوحات اهتمامًا ودهشة وطلبت فورًا من مختلف أنواع العملاء".

عملية تكميلية

قال استشاري الطب النفسي، جمال فرويز: "إن ما يقوم به عمر بن لادن هو عملية تعويضية، مثل فتاة لدينا في مصر أجبرها إخوتها على ارتداء النقاب وهي ابنة 12 سنة، وعندما استطاعت الهروب امتهنت الرقص، فالإنسان حينما يجبر على فعل شيء ثم تهب له الحرية، يفعل عكس ما أجبر عليه، دائمًا المضطرب نفسيًا يأخذ من الاتجاه المضاد طريقا، والأمثلة كثيرة".

وأضاف: "الفن موهبة وهذا ما وجده عمر في نفسه، يخرج من خلالها الطاقة الداخلية سواء كان يجيد الرسم أم لا، مثل الممثل والكاتب، فعندما حرم عليه والده عليه رسم الوجوه والأشخاص اعتبر ذلك نوعًا من الضغوط الممارسة عليه، وعندما توفي ونال حريته فعل ما يرغبه ويريده، وساعدته البيئة "فرنسا".

ووجه الاستشاري النفسي رسالة إلى الآباء: "لا يجب الضغط على المراهقين، علم ابنك القواعد الأساسية وتقرب منه وامنحه عاطفتك ثم اتركه للحياة".

انسلاخ ثقافي وربما عقائدي

قال أستاذ علم الاجتماع طه أبو حسين: "إن عمر تعامل بنظرية تسويقية مختلفة تمكنه من العيش والتربح والاندماج في المجتمع الأوروبي، انسلخ ثقافيًا وربما عقائديًا عن أبيه، يقوله تنصلًا من الصورة الذهنية التي رسمت عن والده كي يستطيع العيش ويتقبله الناس، ويعلن لنفسه هوية مختلفة ومغايرة".

وأضاف: "إن مسألة الكبت يفهمها الناس خطأ عادة، فعندما أمنع ابني من لمس الكهرباء هل يعد هذا كبتًا، أما ما يسمى بالكبت فهي مسائل تحتاج إلى دراسة متخصصة، مثل من يدعون أن المجتمع المصري يعاني كبتًا، وهذا كلام غير دقيق، ومن يمنعون أبناءهم من أمور بها مخالفات شرعية ليس بكبت وإنما توجيه وتربية دينية، هذه رؤيته سواء كانت صحيحة أو خاطئة وليس كبتًا". 

 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية