"المياه" أبرز التحديات.. الدول العربية في مهب التغيرات المناخية

"المياه" أبرز التحديات.. الدول العربية في مهب التغيرات المناخية
التغيرات المناخية

في بؤرة مشهد التغير المناخي الذي ضرب العالم، باتت مجموعة الدول العربية بين سندان الكوارث الطبيعية، ومطرقة الجوع والفقر والهجرة، ما يهدد حياة أكثر من 430 مليون نسمة.

وخلال الفترة بين 7 و18 نوفمبر المقبل، سيجتمع ما يقرب من 30 ألف مشارك من 196 دولة حول العالم، لعقد مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ COP27، الذي تستضيفه مدينة شرم الشيخ بمصر.

ويواجه العالم تحديات الآثار السلبية للتغيرات المستمرة في المناخ، إذ تحذر الدراسات العالمية من ارتفاع درجة حرارة الكوكب، لما لها من تأثير مباشر على هطول الأمطار والفيضانات والجفاف والأعاصير والتصحر وانتشار الأوبئة والأمراض.

تضرر عربي

وتحذر تقارير بيئية دولية من فقدان المغرب ثلثي الواحات، فيما سجلت الكويت في إحدى مناطقها الجنوبية أعلى درجة حرارة في العالم الصيف الماضي، كما ظهرت وديان صغيرة من الثلج المذاب جنوبي السعودية المعروفة بارتفاع درجة حرارتها.

وتضرب السودان سنويا فيضانات وأمطار رعدية وعواصف رملية، تؤدي إلى مصرع وإصابة العشرات في مختلف المناطق، كما تنشب حرائق في الغابات بالجزائر وتونس والمغرب.

وفي مصر تهدد ظاهرة التغير المناخي المحاصيل الزراعية وغرق المدن الساحلية وكذلك أجزاء واسعة من دلتا النيل بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر المتوسط، شمالي البلاد.

ويعاني اليمن من نضوب المياه الجوفية وجفاف الغطاء النباتي ما يهدد آلاف المزارعين، كما تشهد ليبيا موجات جفاف شديدة وندرة في المياه وحرائق شديدة وارتفاع منسوب مياه البحر وفيضانات وعواصف كارثية.

وتسببت ظاهرة التغير المناخي بالصومال، في احتياج أكثر من 3.5 مليون شخص إلى المساعدة المائية العاجلة، على وقع موجات الجفاف والتي أدت إلى تضرر المحاصيل الزراعية والمخاوف من المجاعة.

وفي العراق، سجلت مياه شط العرب في الفترة الأخيرة زيادة كبيرة في نسبة الملوحة، وعزا مسؤول بيئي أسباب ذلك إلى المد القادم من دول الخليج.

ويقول خبراء ومراقبون إن الدول العربية من أكثر دول العالم تأثرا بالتغييرات المناخية نظرا للطبيعة الصحراوية لمعظم هذه الدول، والنطاق الجغرافي لها، وعدم وجود الغطاء النباتي الأخضر.

ولهذه الأسباب تصبح المجموعة العربية أكثر تأثرا من حيث شح المياه وندرة الأمطار والتصحر ونقص الإنتاجية الزراعية، بما يمثله من تداعيات على الاقتصاد في هذه البلاد.

جهود أممية

وتقول الأمم المتحدة، إن تغير المناخ أصبح حقيقة يجب على دول العالم التكيف مع عواقب الظواهر المناخية حتى تتمكن من حماية مجتمعاتها، إضافة إلى بذل كافة الجهود لخفض الانبعاثات وإبطاء وتيرة الاحتباس الحراري.

وتضيف أن هناك طرقا عدة للتكيف مع تداعيات تغير المناخ، أبرزها زراعة الأشجار وإزالة الأحراش لتقليل مخاطر نشوب الحرائق، والوعي بزيادة احتمال وقوع كوارث طبيعية واتخاذ التأمينات مسبقًا، ومعرفة سبل الحصول على معلومات عن الكوارث والإغاثة أثناء الأزمة.

وأوضحت أن المجتمعات الأكثر عرضة لتغير المناخ هي الأقل قدرة على التكيف لأنها فقيرة ونامية وتكافح بالفعل من أجل إيجاد موارد كافية لتلبية الأساسيات مثل الرعاية الصحية والتعليم.

وقد تصل تكاليف التكيف التقديرية في البلدان النامية إلى 300 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2030، وفي الوقت الحالي تُنفَق نسبة تقدر بـ21% فقط من التمويل المتعلق بالمناخ الذي تقدمه البلدان الأكثر ثراء لمساعدة الدول النامية في التكيف والقدرة على الصمود، أي حوالي 16.8 مليار دولار سنويًا.

ودعت الأمم المتحدة الدول الأكثر ثراءً إلى الوفاء بالالتزام الذي تم التعهد به في إطار اتفاقية باريس لتوفير 100 مليار دولار سنويًا من التمويل الدولي المتعلق بالمناخ.

وقالت: "عليها أن نتأكد من أن نصف هذه المبالغ على الأقل ينفق على التكيف، وسيكون ذلك رمزًا مهمًا للتضامن العالمي في مواجهة التحدي الذي لا يمكننا رفعه إلا إذا عملت جميع بلدان العالم معًا".

تحديات مناخية

بدوره، قال الخبير البيئي لدى الأمم المتحدة الدكتور محمد الزرقا، إن ندرة المياه تأتي على رأس قائمة التحديات المناخية التي تواجهها الدول العربية، لا سيما وأن المنطقة تتسم بالشح المائي.

وأوضح الزرقا في تصريح لـ"جسور بوست" أن القطاع الأكبر من حصة المياه للدول العربية يأتي من خلال الأمطار في الهضبة الاستوائية وإثيوبيا، والتي باتت مهددة بالتراجع والنقصان على وقع انخفاض معدلات هطول الأمطار وبناء السدود المائية أبرزها سد النهضة الإثيوبي.

وأضاف: "ندرة المياه تشكل تحديا مناخيا بالغ الخطورة يواجه العديد من الدول العربية، بينها مصر والعراق والأردن وفلسطين وسوريا، كما يؤثر أيضا على النمط الزراعي ويهدد الأمن الغذائي في تلك البلدان".

ومضى قائلا: "ارتفاع درجات الحرارة وارتفاع مستوى سطح البحر يعد أيضا من التحديات المناخية الخطيرة، والتي تهدد بإضرام الحرائق في الغابات وغرق المدن الساحلية وغيرها من الكوارث الطبيعية".

واستطرد الزرقا: "تداعيات التغيرات المناخية تؤدي إلى العديد من المخاطر، أبرزها انتشار الأمراض والأوبئة والتهجير الذي تنجم عنه أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية".

ودعا إلى وفاء الدول الصناعية الكبرى بتعهداتها والتزاماتها خلال مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ COP27، الذي تستضيفه مدينة شرم الشيخ بمصر خلال نوفمبر المقبل.

وتابع: "لا بد أن تلتزم الدول المتقدمة بتخفيض انبعاثاتها الكربونية، وتمويل الدول النامية لمواجهة التغيرات المناخية، لا سيما وأنها تعهدت من قبل دفع 100 مليار دولار سنويا لخطط تكيف الدول النامية لكنها تراجعت عن تنفيذ هذا التعهد فيما بعد".


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية