اليوم الدولي للديمقراطية 2025.. تجديد الالتزام العالمي بحقوق الشعوب وكرامتها

يحتفل به 15 سبتمبر من كل عام

اليوم الدولي للديمقراطية 2025.. تجديد الالتزام العالمي بحقوق الشعوب وكرامتها

في الخامس عشر من سبتمبر من كل عام، يتوقف العالم أمام محطة رمزية للتأمل في واقع الديمقراطية وتحدياتها، والاحتفال بـ"اليوم الدولي للديمقراطية"، الذي دخل عامه الثامن عشر في 2025، تجسيدًا لفكرة أن الديمقراطية تستمد قوتها من الناس: من أصواتهم، وخياراتهم، ومشاركتهم الفعلية في صياغة مجتمعاتهم.

أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بهذه المناسبة أن شجاعة الناس في كل مكان، ممن يصوغون مجتمعاتهم بالحوار والمشاركة والثقة، أصبحت أوفر إلحاحاً في زمن يتعرض فيه النظام الديمقراطي وسلطة القانون لهجمات التضليل والانقسام وتضييق الفضاء المدني.

من الصوت إلى الفعل

تركز احتفالات هذا العام على إبراز الكيفية التي يمكن أن تتحول بها المشاركة الديمقراطية من مجرد صوت انتخابي إلى فعل ملموس، حيق ينظم صندوق الأمم المتحدة للديمقراطية فعالية خاصة في المقر الرئيسي بنيويورك لإبراز أن الديمقراطية قوة نابضة بالحياة تُعطي الناس القدرة على الفاعلية والرجاء والتعاون.

وفي زمنٍ تتراجع فيه المساحات المدنية وتتنامى حملات التضليل، يُصبح الحوار وإرساء الثقة والقرار المشترك أدوات أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.

صندوق الأمم المتحدة للديمقراطية

يحمل عام 2025 رمزية إضافية، إذ يتزامن مع مرور 20 عاماً على إنشاء صندوق الأمم المتحدة للديمقراطية، الذي تأسس ليكون رافعة لدعم المجتمع المدني وتعزيز سيادة القانون وحقوق الإنسان.

وعلى مدى عقدين، موّل الصندوق آلاف المبادرات التي أعطت صوتاً للمهمشين، وروّجت للمساواة بين الجنسين، وساعدت المجتمعات على بناء مؤسسات ديمقراطية راسخة، امتد تأثيره إلى الإعلام المستقل، والحركات الشبابية، ومنظمات القاعدة الشعبية، ما جعله قوة مؤثرة في حماية الفضاء الديمقراطي في بيئات هشة ومهددة.

الديمقراطية وحقوق الإنسان

تنص المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، بما في ذلك استقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها دون قيود. الديمقراطية لا تكتمل دون حماية هذا الحق، تماماً كما لا يمكن أن تنمو دون صحافة حرة مستقلة.

كرس هذا الرابط الوثيق بين الديمقراطية وحقوق الإنسان، أيضاً العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي نص على مجموعة من الحقوق والحريات المدنية التي تُساند الديمقراطيات الفاعلة.

لمحة تاريخية

اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها في 2007 باعتبار 15 سبتمبر يوماً دولياً للديمقراطية، ومنذ ذلك الحين، أصبح اليوم فرصة سنوية للنظر في حالة الديمقراطية في العالم، باعتبارها هدفاً ووسيلة في آن، فالديمقراطية ليست نظام حكم فقط، بل عملية متواصلة تتطلب مشاركة كاملة من المجتمع الدولي، والحكومات، والمجتمع المدني، والأفراد.

اليونسكو

اعتبرت اليونسكو بدورها هذا اليوم احتفالاً ليس فقط بمبدأ سياسي، وإنما بتصور أعمق للإنسان وكرامته، وقالت المديرة العامة أودري أزولاي إن الديمقراطية مثال أعلى "ينادي بالكرامة والمساواة والاحترام للذات الإنسانية"، وهو ما يعكس جوهر رسالة اليونسكو.

الديمقراطية كقضية عالمية

تُعد الديمقراطية من المثل العليا المعترف بها عالمياً، وإحدى القيم الأساسية للأمم المتحدة، وهي الإطار الأوسع لحماية حقوق الإنسان وإعمالها بفاعلية، وتعمل المنظمة الدولية على تعزيز الديمقراطية من خلال: دعم الحكم الرشيد والمؤسسات القادرة على المساءلة، مراقبة الانتخابات لضمان النزاهة والشفافية، دعم المجتمع المدني كونه صوتاً موازياً للسلطة، تقديم المساعدة في صياغة الدساتير، خاصة في مراحل ما بعد النزاع، وضمان حق تقرير المصير للشعوب في الأراضي المستعمرة.

تحديات راهنة

ترافقت احتفالات 2025 مع تحذيرات أممية متكررة بشأن التحديات التي تواجه الديمقراطية اليوم: تضييق الحيز المدني، حملات التضليل واسعة النطاق، والنزعات السلطوية المتنامية.

وفي مواجهة هذه التحديات، شدد الأمين العام غوتيريش على أن الأمم المتحدة نفسها وُجدت كمنتدى للحوار، متجذرة في المبدأ الراسخ "نحن الشعوب"، وأن شرعيتها تستمد ممن تخدمهم.

وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن تعزيز المساواة بين الجنسين، وتمكين الفئات المهمشة، وضمان الشفافية، ليست فقط استحقاقات حقوقية بل أيضاً مسارات للتنمية والنمو، فالمجتمعات الأكثر ديمقراطية تحقق مستويات أعلى من الإنتاجية والنمو الاقتصادي، وتضمن قاعدة مهارات أكثر تنوعاً، وتوفر بيئة أكثر عدلاً لتمكين الأجيال القادمة.

يأتي اليوم الدولي للديمقراطية لعام 2025، بما يحمله من رمزية مرور 18 عاماً على إطلاق اليوم و20 عاماً على إنشاء صندوق الأمم المتحدة للديمقراطية، ليس فقط مناسبة للاحتفاء بالماضي، بل دعوة لتجديد الالتزام العالمي تجاه المستقبل. 

وكما قال الأمين العام: "الديمقراطية قوةٌ للكرامة والشمول والسلام"، وهي مسؤولية جماعية تتطلب أن يعمل الجميع معاً لضمان أن تتحول من مجرد مبدأ إلى واقع حي ينعم به كل إنسان.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية