يفاقم أزمة المعيشة.. ارتفاع الرواتب 20% يدفع عمال إيران للاحتجاجات
يفاقم أزمة المعيشة.. ارتفاع الرواتب 20% يدفع عمال إيران للاحتجاجات
يستعد ملايين المواطنين في إيران، لمواجهة تحديات اقتصادية حادة مع اقتراب اعتماد موازنة العام المقبل، حيث يتضمن المشروع زيادة رواتب الموظفين والمتقاعدين بنسبة 20% فقط، في وقت يواصل التضخم البنيوي الارتفاع ويؤثر بشكل مباشر على كلفة المعيشة، حيث يصف اتحاد العمال الإيراني هذه الزيادة بأنها غير كافية وتفاقم الوضع المعيشي للمواطنين، داعيًا إلى احتجاجات وإضرابات عامة لإنهاء الأوضاع المأساوية السائدة.
وفق تقرير نشرته شبكة "إيران إنترناشيونال" الأربعاء، يشير مشروع الموازنة إلى أن الحد الأدنى لرواتب المتقاعدين سيبلغ 14 مليون تومان، بينما يبلغ الحد الأدنى للأجر الشهري للعمال 11 مليون تومان، ومع المزايا يصل إلى نحو 15 مليون تومان، وهو ما يظل بعيدًا جدًا عن متوسط كلفة المعيشة الشهرية التي تُقدّر بنحو 58 مليون تومان، وفي ظل هذا التفاوت الكبير بين الرواتب الحقيقية ومستوى الأسعار، فإن زيادة 20% تعتبر بمثابة تثبيت الفقر وتعميق الأزمة المعيشية للطبقات العاملة والمتقاعدين.
عضو مجلس إدارة اتحاد العمال بيمان شجيراتي وصف مشروع الموازنة بأنه نص سياسي وطبقي بامتياز، يعكس أولويات السلطة ومكانة العمل والعمال، وأوضح أن مقارنة الزيادة الرمزية في رواتب الموظفين والمتقاعدين مع المخصصات الضخمة للمؤسسات العسكرية والثقافية تظهر سياسة مقصودة لقمع الأجور وتحويل عبء الأزمة إلى الفئات الأقل دخلًا، وأضاف شجيراتي أن الموازنة الجديدة، من خلال تثبيت ارتفاع الرواتب مقابل التضخم المتصاعد، تؤكد استمرار الفجوة الطبقية وتعميق معاناة المجتمع.
أزمة العملة والدعم الغذائي
تشير وسائل الإعلام المحلية إلى أن العملة التفضيلية البالغة 28 ألفًا و500 تومان ستُلغى في العام المقبل، ما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية بشكل مباشر، ويؤكد نشطاء ومراقبون أن إلغاء هذه الآلية سيعمق الأزمة الاقتصادية ويزيد من الفقر والغلاء، بينما تُخصص موازنات ضخمة للمؤسسات الدينية والثقافية، ما يعكس تباينًا صارخًا في أولويات الحكومة، وقد ارتفعت موازنة هيئة الإذاعة والتلفزيون إلى 35 ألفًا و500 مليار تومان، بزيادة تفوق 20%، في وقت يعاني المواطنون من فقدان القدرة الشرائية وانهيار الخدمات الأساسية.
وفي مواجهة هذه التحديات، أعلنت النقابات العمالية والمجتمع المدني عن رفضها للزيادة الرمزية في الرواتب، معتبرةً أنها لا تعكس الواقع الاقتصادي وتعجز عن تغطية كلفة المعيشة، واعتبر المجلس التنسيقي لنقابات المعلمين أن السياسات الحكومية الحالية، بما فيها رفع أسعار الطاقة والسلع الأساسية، دفعت المجتمع إلى حافة أزمة اجتماعية واقتصادية شاملة، كما أكد المجلس ضرورة تعديل الأجور بما يتوافق مع معدل التضخم الحقيقي لضمان حياة كريمة للطبقات العاملة والمتقاعدين.
تتواصل النقاشات حول تحديد الحد الأدنى للأجر الشهري للعمال، إذ حدد الأجر الأساسي الحالي بنحو 11 مليون تومان، فيما تطالب النقابات المستقلة برفعه إلى 60 مليون تومان لمواجهة التضخم وكلفة المعيشة الحقيقية، وتشير تجارب السنوات الماضية إلى أن أي زيادة تقل عن معدل التضخم الحقيقي تؤدي إلى تراجع القدرة الشرائية ونقل كلفة الأزمة إلى الطبقات العاملة، في ظل استمرار تمويل المؤسسات العسكرية والدعائية بمبالغ ضخمة تفوق المخصصات الموجهة لرواتب المواطنين.
ضرائب وسياسات تقشفية
يحمل مشروع الموازنة عناصر متعددة من التضييق الاقتصادي على المواطنين، بما في ذلك زيادة الضرائب غير المباشرة وإلغاء الدعم غير المباشر، ما يضاعف العبء على الفئات الأكثر ضعفًا، ويشير شجيراتي إلى أن الموازنة صممت لضبط موارد الدولة على حساب حياة ملايين أصحاب الأجور، وتعكس أولوية الحفاظ على السلطة وبنيتها الإدارية والأيديولوجية على حساب توفير حياة كريمة للمواطنين.
تمثل الموازنة الإيرانية وثيقة رسمية تحدد توزيع الموارد العامة والنفقات الحكومية، وتشمل أجور الموظفين، دعم القطاعات الاجتماعية، وتمويل المؤسسات العسكرية والدينية والثقافية، وفق قانون العمل الإيراني، يجب أن تُحدد الأجور بما يتوافق مع معدل التضخم وكلفة المعيشة، إلا أن التجربة على مدى السنوات الأخيرة أظهرت تجاهل هذه القواعد، ما أدى إلى تراجع القدرة الشرائية للفئات العاملة وزيادة الفقر.
ويشير الخبراء إلى أن استمرار هذه السياسات يعزز الفجوة الطبقية ويؤدي إلى صراعات اجتماعية، إذ يتم تمويل الهيئات ذات الطابع الأمني والدعائي على حساب تحسين مستوى المعيشة للفئات الأكثر تضررًا.










