أزمة مالي على طاولة مجلس الأمن الدولي.. كيف ترى المملكة المتحدة الأزمة؟!
أزمة مالي على طاولة مجلس الأمن الدولي.. كيف ترى المملكة المتحدة الأزمة؟!
كتب - باسم ثروت
شهدت مالي ثاني انقلاب خلال تسعة أشهر من سابقه، حيث قاد العقيد أسيمي غويتا الانقلاب مرة أخرى واستولى على السلطة معللاً بأن الرئيس باه نداو ورئيس الوزراء مختار عوين فشلا في أداء مهامهما، وكانا يريدان تخريب عملية التحول في البلاد.
ومنذ ذلك الوقت، تعيش مالي في حالة من عدم الاستقرار الأمني والسياسي، عطفاً على الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان، كما أظهرت بعض التقارير اتجاه العقيد غويتا إلى التعاون مع شركة فاجنر الروسية لإرسال مرتزقة إلى مالي، الأمر الذي أثار حفيظة الدول الأوروبية وخاصة فرنسا، ما دفع العلاقات الفرنسية مع مالي للتأزم وعبرت باريس عن قلقها حول احتمالية وصول مرتزقة فاجنر الروس إلى مالي.
ونتيجة لذلك، ونظراً لوجود إرهاصات واضحة لتأجيل الانتخابات، التي من المفترض أن تنهي المرحلة الانتقالية والذهاب إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية في فبراير 2022، لذلك قرر مجلس الأمن عقد جلسة طارئة للمرة الثانية في 11 يناير 2022، لبحث الأوضاع في مالي وبخاصة الأوضاع الحقوقية.
وفي بيان ألقاه أمام مجلس الأمن، عبر السفير البريطاني جيمس كاريوكي حول الوضع في مالي، بأن المملكة المتحدة تشعر بقلق بالغ إزاء التطورات الأخيرة في مالي، وعن حزن المملكة الشديد لمقتل ثمانية من حفظة السلام نتيجة أعمال عدائية، منذ أن اجتمع المجلس آخر مرة لمناقشة الحالة في أكتوبر.
كما أن تواتر هذه الهجمات المؤسفة يشير إلى خطورة التحديات الأمنية التي تواجه مالي، مع عواقب وخيمة على المدنيين وقوات حفظ السلام على حد سواء وشدد على الحاجة إلى تضافر جهود السلطات المالية والشركاء الدوليين لتحقيق الاستقرار في البلاد.
وأشار السفير البريطاني على وجوبية أن تقود هذه الجهود نحو حكومة شرعية تركز على تلبية احتياجات شعبها بدلاً من الحكومة الانتقالية التي تركز على تمديد فترة عملها، كما أشار إلى أن اقتراح مالي لتأجيل الانتخابات لما يصل إلى خمس سنوات مخيب للآمال للغاية.
كما تحوم العديد من الشكوك حول التزام السلطة الانتقالية بالديمقراطية وسيادة القانون، على الرغم من التأكيدات التي أعطيت لأعضاء هذا المجلس خلال زيارتنا إلى باماكو في أكتوبر الماضي.
ويجب أن نواصل دعم جهود الوساطة التي تبذلها الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، وندعو السلطة الانتقالية للتحضير للانتخابات دون تأخير حتى يمكن استعادة النظام الدستوري في أسرع وقت ممكن.
وعبر السفير البريطاني بأن أي إصلاحات طويلة الأمد يجب أن تقدم للحكومة المقبلة المنتخبة ديمقراطياً، كما شجع السلطات الانتقالية على مواصلة التواصل مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا بحسن نية، حتى يمكن الاتفاق على جدول زمني انتخابي موثوق.
وكما ذكرنا في الأعلى فإن وجود مجموعة فاغنر الروسية في مالي يثير قلق الأوروبيين فقد تطرق السفير أثناء بيانه إلى هذا الشأن قائلاُ: إن تصاعد النزاع في مالي وانتشاره جنوباً، وضع المدنيين في أمس الحاجة إلى الحماية والمساعدة الإنسانية أكثر من أي وقت مضى.
كما أن الوجود المؤكد لمجموعة فاغنر في مالي يهدد بمزيد من زعزعة الاستقرار في البلاد، فقد أوضحت المملكة المتحدة فيما سبق عن مخاوفها في هذا الشأن في البيان المشترك الذي وقعته مع شركاء دوليين آخرين في 23 ديسمبر.
ولقد رأينا كيف انتهكت حقوق المدنيين، وكيف تم تعريض قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة للخطر، من خلال وجود قوات فاغنر غير الخاضعة للمساءلة في جمهورية إفريقيا الوسطى فلن يؤدي نشر المرتزقة في مالي، إلا إلى زيادة التحديات التي تواجهها، لذلك نحث السلطات المالية على إعادة التفكير في قرارها.
وشدد السفير التزام المملكة المتحدة تجاه الشعب المالي والمساعدة في بناء الاستقرار والتنمية على المدى الطويل، من خلال انتشار قواتها في مينوسما، التي تقدم مساهمة ملموسة في أهداف البعثة الدولية لحفظ السلام في مالي، بما في ذلك حماية المدنيين في المناطق التي يصعب الوصول إليها.
كما تساعد القوات البريطانية فرق حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في التحقيق في الانتهاكات، ففي نوفمبر الماضي، زارت سفيرة المملكة المتحدة العالمية لحقوق الإنسان، ريتا فرينش، مالي وسمعت عن تراجع مساحة الجهات الفاعلة في مجال حقوق الإنسان في البلاد والعوائق المستمرة أمام مشاركة المرأة في العمليات السياسية وبناء السلام.
وأشار إلى تطلع المملكة إلى الانتخابات وبدء عملية إعادة السلام، كما حث السلطات الانتقالية والجماعات المسلحة وجميع أصحاب المصلحة على مضاعفة جهودهم لإدراج النساء والشباب في قوائم الانتخاب.
بناء على ذلك، ستواصل المملكة المتحدة مراقبة الوضع في مالي عن كثب،كما أن مجلس الأمن يجب أن يفعل الشيء نفسه، مع إبقاء جميع الخيارات مفتوحة بهدف ضمان العودة في الوقت المناسب إلى الحكم الدستوري وحماية حقوق الإنسان.
إجمالا، يتضح من بيان السفير أن ما يثير حفيظتهم في أزمة مالي ليس تردي الأوضاع هناك أو انتهاكات حقوق الإنسان الصارخة، إنما الوجود الروسي في مالي المتمثل في شركة فاجنر الروسية، حيث يتضح من حديث السفير أن أكبر قلقهم هو استمرار حكومة العقيد غويتا الانتقالية التي تميل إلى التعاون مع روسيا، كما اتضحت نية المملكة المتحدة في دعم هذه السلطة الانتقالية في حال تراجعت عن قرارها التعاون مع روسيا وطرد مرتزقة فاجنر، لكن إن لم تتراجع فستواصل المملكة وحلفاؤها مراقبة الأوضاع والعب ببطاقة انتهاكات حقوق الإنسان حتي تتمكن من حد تمدد النفوذ الروسي هناك.