السعودية.. مبادرات خضراء رائدة لمواجهة خسائر التغيرات المناخية

السعودية.. مبادرات خضراء رائدة لمواجهة خسائر التغيرات المناخية

لم تنجُ الكثير من الدول العربية من الآثار المتطرفة لظاهرة التغيرات المناخية، إذ ظهرت آثار الاحترار العالمي جلية في الأعوام الأخيرة، وضربت الفيضانات وموجات الحرارة والجفاف جميع أنحاء المنطقة العربية.

ومطلع العام الجاري، شهدت السعودية هطول سيول عارمة في وادي الرمّة -أطول وأكبر الأودية النهرية حيث يمتد بطول 600 كيلومترا- والذي شهد خلال السنوات الـ14 الماضية جفافاً شديداً وزحفت إلى شعابه وجيوبه الكثبان الرملية.

في يناير الماضي، دخلت المدينة المنورة وجدة ومكة بالسعودية قائمة ضحايا تغير المناخ، بعد أن ضربتها فيضانات واسعة أدت لخسائر كبيرة، ما دفع مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي لإطلاق هاشتاغ باسم "السعودية تغرق".

وتسببت تلك الفيضانات في تراكم المياه في الطرق وغرق السيارات وسقوط كميات أمطار العام كله في يوم واحد، الأمر الذي دفع هيئة الأرصاد الجوية إلى إطلاق الإنذارات الجوية، وقوات الدفاع المدني إلى مناشدة المواطنين بعدم مغادرة المنازل.

وتكرر هطول الأمطار والسيول بكثافة على بعض المناطق جنوب غربي المملكة خلال شهر إبريل الماضي، ما أسفر عن وفاة عدة أشخاص وحجم الدمار طال عددا كبيرا من السيارات التي غطتها مياه الأمطار، فيما جرفت مياه السيول عددا آخر في الأحياء السكنية.

ورغم أن مناخ السعودية يتسم بطقس شبه جاف إلى صحراوي جاف، وانخفاض شديد في هطول الأمطار السنوية باستثناء منطقة عسير في الأجزاء الجنوبية الغربية من المملكة التي تستقبل متوسط هطول حوالي 300 ملم سنويا، فإن التغيرات المناخية لعبت دورا كبيرا في تغيير حالة الطقس في البلد الخليجي.

ويصف خبراء الأرصاد الجوية التغيرات المناخية بالسعودية بـ"الجامحة وغير المتوقعة"، خاصة بعدما تعرضت للسيول والفيضانات وتحول لون الصحراء إلى الأخضر بعدما استقبلت كميات كبيرة من الأمطار.

مساعٍ حثيثة

وفي مارس عام 2021، أطلقت المملكة مبادرة رائدة باسم "السعودية الخضراء"، لدعم العمل لمكافحة تغير المناخ، وتسهيل التعاون بين جميع فئات المجتمع والقطاع العام والخاص للإسراع في توسيع نطاق العمل لتخفيف آثار تغير المناخ.

وتهدف المبادرة لإطلاق حزمة أولية تزيد على 60 برنامجًا ومشروعًا، من شأنها المساهمة في تحقيق الأهداف الشاملة لمبادرة السعودية الخضراء، باستثمارات تتجاوز 700 مليار ريال سعودي، ما يساهم في نمو الاقتصاد الأخضر.

وقالت السعودية آنذاك إنها تلتزم بصفتها إحدى أهم الدول المنتجة للطاقة، بالمساهمة بشكل فعال في الجهود العالمية لمكافحة التغير المناخي. 

وتعهدت بخفض كبير لانبعاثات الكربون يشكل أكثر من 4 بالمئة من المساهمة العالمية، إلى جانب التمكين لخفض البصمة الكربونية لاستهلاك الطاقة.

ومنذ إطلاق رؤية 2030، أحرزت المملكة تقدمًا كبيرًا في مواجهة التحديات الصعبة في مجال حماية البيئة، لكن لا يزال هناك حاجة إلى بذل مزيد من الجهود.

أرقام ودلالات

واستثمرت السعودية نحو 5 مليارات دولار في محطة الهيدروجين الأخضر بمشروع نيوم (شمال غرب)، وذلك لإنتاج كميات كافية من الهيدروجين لتزويد 20 ألف حافلة بالوقود يوميا.

وأعلنت برنامج "الرياض الخضراء" لتشجير حوالي 541 كيلو متر بهدف زراعة 7.5 مليون شجرة في مدينة الرياض، لتقليل 200 مليون طن من الانبعاثات الكربونية في البلاد.

واستثمرت استراتيجية استدامة الرياض 346 مليار دولار، بهدف خفض الانبعاثات الكربونية ورفع نسبة المركبات الكهربائية في المدينة إلى 30 بالمئة بحلول عام 2030. 

واستثمر مخطط العلا الجديد 15 مليار دولار لإقامة أكبر واحة في العالم، وتضمن خططا لإقامة مساحات طبيعية خضراء تصل إلى 10 ملايين متر مربع.

وخصصت السعودية 82.700 كيلو متر من الأراضي لحماية الحياة البرية، كما نفذت برنامجا فعالا لإعادة التوطين بهدف إعادة قطعان الغزلان والمها والحيوانات البرية الأخرى إلى موطنها الأصلي.

صداقة للبيئة

بدوره، قال الكاتب السعودي المتخصص في مجال البيئة والطاقة والمناخ محمد الضبعي، إن بلاده تبادر من مسؤوليتها كأحد أهم مصادر الطاقة في العالم، لجعلها أكثر صداقة للبيئة.

وأوضح الضبعي أن السعودية قامت بإعادة هيكلة المنظومة البيئية، وأنشأت مراكز بيئية جديدة، وحدثت الأنظمة والقوانين، وأسست القوات الخاصة للأمن البيئي والتابعة لوزارة الداخلية.

وأضاف أن الحفاظ على استدامة البيئة أصبحت ركيزة أساسية في توجهات المملكة، مؤكداً أن تقليل الانبعاثات بنسبة 4 بالمئة من خلال الطاقة المتجددة، و2.5 بالمئة عبر التشجير، و10 بالمئة من خلال تخفيض الانبعاثات الناتجة عن صناعة النفط، سيحقق خفضاً تاريخياً في انبعاثات الكربون يصل إلى 16 بالمئة في البلاد.

وتابع الضبعي أن المملكة عانت في العقود الأخيرة من انحسار الغطاء النباتي والتصحر ومن ثم زيادة معدلات العواصف الترابية، ما دفعها إلى استثمار ملايين الدولارات في الاقتصاد الأخضر.

وأكد أن مبادرات المملكة تستهدف جذب الاستثمارات الأجنبية الداعمة للاقتصاد الأخضر لتطوير المحميات الطبيعية والحد من التصحر وحماية التنوع البيولوجي وخفض الانبعاثات الكربونية والحفاظ على البيئة.

وتوقع أن تعمل تلك المبادرة السعودية الرائدة كذلك على خفض الانبعاثات الكربونية بأكثر من 4 بالمئة من المساهمات العالمية، الأمر الذي يترتب عليه جذب الشركات العالمية المتخصصة في المجال البيئي، وجلب التقنيات الحديثة للمملكة.
 
 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية