رؤوس حليقة ووشوم تغطي الأجساد.. المشهد العام داخل أكبر وأكثر السجون سرية في السلفادور

رؤوس حليقة ووشوم تغطي الأجساد.. المشهد العام داخل أكبر وأكثر السجون سرية في السلفادور

 

داخل أكبر وأكثر السجون سرية في السلفادور، داخل هذا السجن مشدد الحراسة، الذي بني قبل أعوام قليلة في ولاية الرئيس المنتخب حديثا لدورة ثانية نجيب بوكيلة، ليضم السجناء الخطرين، الذين ينتمون للعصابات الكبرى في البلاد، تجد النزلاء رؤوسهم حليقة ويرتدون الثياب البيضاء وبكثرة تغطي الوشوم أجسادهم.

بني سجن سيكوت الضخم في منطقة خالية من السكان ليعكس سياسة بوكيلة الأمنية المثيرة للجدل، ووصفه معارضوه بأنه "الثقب الأسود لحقوق الإنسان" والمكان الذي بُني "للتخلص من الناس دون الحاجة لإصدار أحكام بالإعدام" حسب وصف العضو السابق للجنة الأمم المتحدة لمنع التعذيب ميغيل ساري، وفق شبكة بي بي سي.

سجن السلفادور السري الكبير

في الوقت نفسه تبقى السياسة الأمنية المتشددة واحدة من أسباب شعبية بوكيلة بين مواطني السلفادور، البلد الذي استهلكت موارده من قبل العصابات الخطيرة مثل مارا سالفاتروتشا، وشارع 18، والثوار، وأبناء الجنوب.

يقول دليل الجولة داخل السجن، والذي طلب عدم ذكر اسمه "هنا نزج بالسجناء المصابين بازدواج الشخصية، والقتلة والإرهابيين، الذين جعلوا بلدنا حزينا"، ويضيف بلهجة تحذيرية "لا تنظروا إلى أعينهم".

تشير الساعة إلى منتصف الليل، لكن الأمر غير مهم، فالأنوار لا تنطفئ أبدا، بينما تعمل أجهزة التكييف المركزية على ضخ الهواء في المبنى بأسره، ورغم ذلك قد تصل درجة الحرارة في بعض الزنازين إلى 35 درجة مئوية.

ويسمي البعض السجن باسم "ألكاتراز أمريكا الوسطى" لكنه يبدو جديدا ولامعا فكل شيء تم طلاؤه حديثا.

وفي الوقت نفسه الحراسة مشددة، وبعض القناصة يتمركزون دوما فوق الأسطح مرتدين الأقنعة.

وفي الزنازين ينام السجناء في أسرة من 4 طوابق، مصنوعة من المعدن، ولا توفر إدارة السجن أي شيء آخر على الأسرة، فالسجناء ينامون فوق السطح المعدني للأسرة مباشرة دون حتى ملاءات أو أغطية، ويأكلون الأرز أو المكرونة مع البيض المسلوق، بأيديهم دون أي ملاعق أو أدوات أخرى.

ويقول الدليل "أي أداة معدنية قد يتم تحويلها هنا إلى سلاح".

وداخل الزنازين لا يوجد أي شيء آخر باستثناء حوضين لغسل الأيدي، ومرحاضين مكشوفين للجميع، دون أي ساتر.

ولا يسمح للسجناء بمغادرة الزنزانة إلا لنصف ساعة يوميا، لممارسة الرياضة، دون أي أدوات.

ويتكون السجن من 7 مجمعات للزنازين، مثل الذي نتجول فيه الآن، وتتسع مساحته لنحو 7 ملاعب لكرة القدم، وتحيط به أسلاك مكهربة، ثم جداران منفصلان من الإسمنت، بني فوقها 19 برجا للمراقبة.

وليس من الواضح كم عدد السجناء هنا، لكن حسب الحكومة يمكن أن يتسع السجن لنحو 40 ألف سجين.

لقد تم اعتقال أكثر من 70 ألف شخص بموجب القوانين الاستثنائية المؤقتة وهو أعلى معدل اعتقال في العالم بأسره.

ويقول نشطاء حقوق الإنسان في البلاد إن الآلاف من المعتقلين لم تكن لهم أي صلة بعمليات العنف أو العصابات، والبعض كانوا مجبرين على التعاون مع العصابات، بحيث يخبؤون لهم مخدرات أو أسلحة بشكل قسري بعد تهديدهم بقتل أسرهم.

ووثقت منظمة كريوتسال، المنظمة الرئيسية لحقوق الإنسان في أمريكا الوسطى، حالات تعذيب أسفرت عن مقتل أكثر من 150 شخصا في سجون السلفادور "الدولة الاستثنائية".

وفي تقريرها نهاية العام الماضي، انتقدت منظمة العفو الدولية "الاستبدال التدريجي لعنف العصابات بعنف الدولة" في السلفادور.

ورغم أن مدير السجن أكد أنه لم تزر أي مؤسسة غير حكومية أو منظمة خارجية السجن، فإنه حاول طمأنتنا بأنهم يلتزمون بجميع المعايير الدولية للسجون.

عنف العصابات

وخلال الجولة اختار السجانون خمسة من السجناء لعرضهم، وبعد وضع الأصفاد في أيديهم جاؤوا بهم، ولم يكن مسموحا لهم بالكلام.

وبدأ مدير السجن في إلقاء الأوامر "تعال هنا لف من فضلك، انزع قميصك" هكذا تحدث مع أول سجين يدعى ميغيل أنطونيو دياز، وهو قاتل محترف في عصابة مارا سلفاتورشا، كما قال المدير.

وصدر ضده حكم بالسجن 269 عاما قبل عامين فقط، بسبب جرائم اختطاف وتعذيب وقتل ضد عناصر الأمن عام 2016.

ورأينا أيضا ماريو برادا، المدان بقتل تلميذة عام 2012، والذي أمره مدير السجن بكشف ظهره لنشاهد الوشم الضخم المرسوم عليه.

وقال مصور محلي "أتذكر كيف عثروا على جثة التلميذة بعد تقطيع بعض أعضائها في قناة مائية في سان فيسينتي".

وأضاف لاحقا ونحن في طريق العودة "لقد دخلت إلى غرفة التشريح ورأيت كيف كان العاملون يضعون أعضاءها على المنضدة".

وبعد ذلك بدأ الحديث عن الفواجع التي ارتكبها أعضاء العصابات ومنها حرق حافلة وقتل 17 شخصا داخلها عام 2010.

وواصل القول "لقد قضيت أعواما دون التمكن من زيارة عمي، الذي كان يعيش في نفس الحي"، بسبب وجود منزله في منطقة سيطرة عصابة مختلفة، مردفا "لو دخلت هناك فلن يكون بإمكانك العودة".

مؤخرا أعلن الرئيس بوكيلة فوزه بولاية رئاسية جديدة مهنئا نفسه بإنجازاته الأمنية، خلال ولايته الأولى، وهاجم معارضيه خلال خطابه أمام المواطنين من شرفة القصر الرئاسي.

وقال "لقد تحولنا من أخطر دول العالم إلى أكثر الدول أمنا في النصف الغربي من الكرة الأرضية، وفي كلا القارتين الأمريكيتين، وماذا قالوا عن ذلك؟ اعتبروه انتهاكا لحقوق الإنسان".

وأضاف "أي إنسان يتحدثون عن حقوقه؟ الأشخاص الذين لا يتمتعون بالأمانة، ربما نولي الأمناء أولوية الحفاظ على حقوقهم أكثر من المجرمين، هذا كل ما فعلنا".

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية