دراسة أمريكية: التردد في الإنجاب بين النساء قد يُسرّع انهيار السكان
دراسة أمريكية: التردد في الإنجاب بين النساء قد يُسرّع انهيار السكان
أكدت دراسة أمريكية حديثة المخاوف التي عبّر عنها الملياردير الأميركي إيلون ماسك مرارًا بشأن ما وصفه بـ"الانهيار السكاني"، معتبرًا إياه التهديد الأكبر الذي يواجه الحضارة البشرية في القرن الحالي، وليس تغيّر المناخ كما يعتقد كثيرون.
حلّلت الدراسة، التي نُشرت نتائجها في صحيفة "ديلي ميل"، اليوم الثلاثاء، بيانات أكثر من 41 ألف امرأة أميركية تراوح أعمارهن بين 15 و44 عامًا، وخلصت إلى أن نصف النساء المشاركات أعربن عن عدم يقينهن برغبتهن في الإنجاب مستقبلًا، على الرغم من أن عددًا كبيرًا منهن أبدين رغبة عامة في خوض تجربة الأمومة.
وعزت الدراسة هذا التردّد المتزايد إلى عوامل اقتصادية ونفسية واجتماعية، في مقدّمتها ارتفاع تكاليف المعيشة، وتراجع الثقة في الاستقرار المهني والأسري، وانخفاض مستوى الرضا عن جودة الحياة الشخصية، ولا سيما بين الشابات دون سن الثلاثين.
فجوة بين الأجيال
أوضحت البيانات أن النساء في الفئة العمرية من 30 إلى 44 عامًا أبدين استقرارًا نسبيًا في موقفهن من مسألة الإنجاب، إذ ظلّت نسبة الراغبات في تكوين أسر مرتفعة مقارنة بالفئات الأصغر سنًا.
وكشف التحليل عن تراجع حاد في درجة اليقين لدى النساء الشابات حول قرار الإنجاب، ما يُعزّز المخاوف من استمرار انخفاض معدلات الخصوبة في الولايات المتحدة، وهي ظاهرة باتت واضحة خلال العقدين الأخيرين.
وسجّلت النساء ذوات الدخل المرتفع والمستوى التعليمي الجامعي معدلات أعلى في خطط الإنجاب، إلا أن التغيّر الأبرز تمثل في انخفاض نسبة النساء اللاتي أعربن عن "يقين تام" بالرغبة في الإنجاب من 65% في عام 2014 إلى 54% فقط في عام 2018 ضمن هذه الفئة.
تراجع الخصوبة يثير القلق
انخفض معدل الخصوبة في الولايات المتحدة بنسبة 21% خلال الفترة الممتدة من عام 2007 حتى عام 2024، ما يُشكّل مصدر قلق متصاعد للجهات الحكومية والمجتمعية، خاصة في ظل بقاء هذا المؤشر تحت مستوى الإحلال السكاني المطلوب لضمان استدامة نمو السكان.
وحذّر خبراء من أن هذا التراجع الديموغرافي قد يُلحق أضرارًا جسيمة بالاقتصاد الأميركي، إذ يرتبط الانخفاض في معدلات المواليد بزيادة العبء على أنظمة الرعاية الصحية والمعاشات، وتراجع أعداد الأيدي العاملة الشابة، ما قد يؤدي إلى تباطؤ في الإنتاجية والابتكار.
ودعا مختصون في السياسات الاجتماعية إلى مراجعة شاملة للسياسات الحكومية التي تمس قضايا الأسرة والعمل والتعليم، لتشجيع الأجيال الشابة على تبني قرارات أكثر ثقة تجاه تكوين الأسر والإنجاب، في ظل بيئة اقتصادية ومجتمعية أكثر دعمًا واستقرارًا.
دعوات للتدخل العاجل
طالب مراقبون بضرورة توفير سياسات عامة تعالج الأسباب العميقة لهذا العزوف، مثل تطوير برامج دعم الأمومة، وتسهيل سبل التوفيق بين العمل والحياة الأسرية، وتخفيض تكاليف رعاية الأطفال والتعليم، إضافة إلى تحسين جودة الحياة النفسية والاجتماعية للنساء.
وأكّد فريق البحث أن الوقوف عند هذه المؤشرات كأرقام فقط، يُعدّ إغفالًا لجوهر الأزمة، وهو التحوّل العميق في الثقافة المجتمعية، حيث بات قرار الإنجاب لدى كثير من النساء يرتبط بالضغوط النفسية والاقتصادية لا بالأمن الأسري وحده.
وخلُصت الدراسة إلى أن الانهيار السكاني لم يعد مجرّد هاجس نظري، بل أصبح واقعًا تدريجيًا تدعمه البيانات، الأمر الذي يتطلب تحرّكًا سريعًا لتفادي أزمة مستقبلية في البنية الاجتماعية والاقتصادية للولايات المتحدة والعالم.