تقارير صحفية: معتقل "سدي تيمان" جنوب إسرائيل "جحيم" المعتقلين الفلسطينيين

تقارير صحفية: معتقل "سدي تيمان" جنوب إسرائيل "جحيم" المعتقلين الفلسطينيين

نشرت مؤخرا تقارير متعددة حول مراكز المعتقلات الإسرائيلية "المستحدثة" التي يقبع بها المعتقلون الفلسطينيون من قطاع غزة، والظروف القاسية التي يتعرضون لها هناك من انتهاكات وتعذيب وحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية.

من تلك التقارير ما نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية حول قاعدة "سدي تيمان" العسكرية جنوب إسرائيل (بين النقب وقطاع غزة)، والتي تحوي أحد تلك المراكز، حيث تمكن مراسل الصحيفة باتريك كينغسلي من الدخول إليها وإجراء مقابلات هناك مع مسؤولين وقادة عسكريين حول ظروف اعتقال الفلسطينيين وأساليب التعامل معهم.

تحدث التقرير الذي استغرق إعداده قرابة ثلاثة أشهر عن قرابة أربعة آلاف فلسطيني اعتقلوا في تلك القاعدة. 

وقال معد التقرير إنه شاهد رجالا يجلسون في صفوف وهم مكبلو الأيدي ومعصوبو الأعين، فيما الجنود الإسرائيليون يراقبونهم من الجانب الآخر من السياج، ويمنعوهم من التحدث بصوت عال أو الوقوف أو النوم إلا إذا أذنوا لهم بذلك.

ووفقا للمعلومات التي حصل عليها كينغسلي من قادة عسكريين إسرائيليين، أُحيل نحو 70% من المعتقلين في القاعدة إلى سجون أخرى تم إنشاؤها خصيصا لهذا الغرض حيث يتعرضون للمزيد من التحقيق.

ممنوعون من التواصل 

وكان معتقلون سابقون وصفوا في مقابلات أجريت معهم ما تعرضوا له من ضرب واعتداءات وانتهاكات في "سدي تيمان"، من بينهم محمد الكردي (38 عاما)، الذي كان محتجزا في القاعدة أواخر العام الماضي، قال إن زملاءه لم يكونوا يعرفون إذا ما كان على قيد الحياة أو ميتا، مضيفا أنه قبع في السجن لمدة 32 يوما مرت عليه كأنها 32 عاما، وفق تعبيره.

كما كشف ثمانية محتجزين سابقين أنهم تعرضوا للكم والركل والضرب بالهراوات وأعقاب البنادق... وقال سبعة منهم إنهم أُجبروا على ارتداء "حفاضات" فقط أثناء استجوابهم، كما ذكر ثلاثة أنهم تلقوا صدمات كهربائية أثناء استجوابهم، فيما كسرت أضلاع اثنين.

وذكر التحقيق، بناء على معطيات من معتقلين سابقين وضباط وأطباء وجنود إسرائيليين خدموا في القاعدة وعلى الزيارة الميدانية، وبيانات عن المعتقلين المفرج عنهم قدمها الجيش، أن هؤلاء المدنيين الفلسطينيين الذين بقوا في "سدي تيمان" عاشوا ظروفا مهينة دون القدرة على الترافع أمام قاضٍ لمدة تصل إلى 75 يوما.. كما منعوا من الاتصال بمحامين وحجب مكان احتجازهم عن المنظمات الحقوقية واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وهو ما يعد انتهاكا للقانون الدولي.

تقرير الصحيفة الأمريكية نقل شهادة لجندي إسرائيلي خدم في القاعدة، قال فيها إن زملاءه كانوا يتفاخرون بضرب المحتجزين، حتى لو أدى ذلك لإلحاق أذى بالغ بهم. وقال الجندي، الذي اشترط عدم الكشف عن هويته، إن أحد المحتجزين عانى من كسور في العظام نقل للعلاج في مستشفى ميداني مؤقت أثناء احتجازه، بينما نقل آخر لفترة وجيزة بعيدا عن الأنظار وعاد وهو ينزف من قفصه الصدري.

ومن بين المعتقلين الأربعة آلاف "سدي تيمان" منذ أكتوبر، توفي 35 منهم إما في الموقع أو بعد نقلهم إلى المستشفيات المدنية القريبة، وفقا لضباط في القاعدة تحدثوا إلى نيويورك تايمز.

وفي السياق، أعلنت منظمة العفو الدولية (أمنستي) أن لديها "شهادات وأدلة بالفيديو على تعذيب وسوء معاملة لمعتقلين فلسطينيين يتعرضون للضرب وللإذلال، كأن يطلب منهم ألا يرفعوا رؤوسهم، وأن يركعوا على الأرض وأن ينشدوا أناشيد إسرائيلية وسط ظروف اعتقال رهيبة".

وتشير "أمنستي" الى أشرطة فيديو يتمّ التداول بها على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر فيها "جنود إسرائيليون يضربون ويهينون فلسطينيين معتقلين، معصوبي العينين، وعارين، ومقيّدي المعصمين".

ضرب وصعق بالكهرباء ومهاجمة كلاب

ونقلت "نيويورك تايمز" شهادات لمعتقلين آخرين وصفوا خلالها تفاصيل تعرضهم لاعتداءات جنسية مؤلمة في مركز التعذيب، تسببت في مضاعفات صحية خطرة لعدد منهم فيما لقي أحدهم مصرعه بسببها.

وكانت جمعيات حقوقية إسرائيلية قد تقدمت بالتماس للمحكمة العليا الإسرائيلية للمطالبة بإغلاق فوري لمعسكر الاعتقال، بسبب ما يتعرض له الأسرى من "تعذيب وحشي ممنهج"، حيث أفادت في تقاريرها بأن المعتقلين يتعرضون "للصعق الكهربائي والتهديد بالكلاب والضرب وتقييد الأطراف بصورة دائمة ومتواصلة والحرمان من قضاء الحاجة".

كما أفادت الجمعيات بأن هناك "أدلة بشأن إجراء عمليات جراحية في المعتقل من دون تخدير، واحتجاز المعتقلين لأيام في أوضاع قاسية وتكبيل أطرافهم بصورة أدت إلى بتر الأعضاء".

ونقل أحد تقارير الجمعيات الحقوقية شهادات لفلسطينيين ممن كانوا في المعتقل، أحدهم قال إنه أدخل وهو مقيد اليدين والرجلين ومعصوب العينين إلى مكان فيه وعاء مائي، إذ شعر بملامسة الماء لقدميه من الأسفل، حيث مكث خمس دقائق قبل أن يشعر بالكهرباء الشديدة تجري في أنحاء جسده إلى أن فقد الوعي.

كما تحدث عن مقتل أحد المعتقلين، كان يعاني مرضا في القلب، بعدما هاجمته الكلاب.

الحرب على قطاع غزة                 

عقب عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها "حماس" في 7 أكتوبر الماضي قصف الجيش الإسرائيلي قطاع غزة ووسع غاراته على كل المحاور في القطاع، وتم قصف المدارس والمستشفيات والمساجد باستخدام مئات آلاف الأطنان من القنابل الكبيرة والمحرمة دوليا والأسلحة الفتاكة مسببة خسائر مادية تقدر بمليارات الدولارات كما تصاعدت وتيرة العنف في الضفة الغربية.

وأسفر القصف عن مقتل أكثر من 36 ألف مواطن فيما بلغ عدد الجرحى أكثر من 82 ألف جريح، إضافة إلى نحو 10 آلاف شخص في عداد المفقودين، في حصيلة غير نهائية وفق أحدث بيانات وزارة الصحة في غزة.

ونزح نحو مليوني شخص هربا من القصف العنيف، وبعد إنذار إسرائيلي بإخلاء شمال قطاع غزة.

وعلى الجانب الإسرائيلي قتل نحو 1140 شخصا بينهم أكثر من 600 من الضباط والجنود منهم 225 منذ بداية الهجوم البري في قطاع غزة، فيما بلغ عدد الجرحى أكثر من 6 آلاف جندي بالإضافة إلى نحو 240 أسيرا تحتجزهم "حماس"، تم الإفراج عن بعضهم خلال هدنة مؤقتة. 

وتواصل إسرائيل عملياتها العسكرية رغم الأزمة الإنسانية الحادة ورغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار، وكذلك رغم مثولها للمرة الأولى أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية".

ولا يزال الجيش الإسرائيلي مستمرا في قصفه على مناطق مختلفة في القطاع منذ السابع من أكتوبر، مخلفا دمارا هائلا وخسائر بشرية كبيرة ومجاعة أودت بحياة العديد من الأطفال والمسنين، وفق بيانات فلسطينية وأممية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية