تونس.. شروط التغطية الإعلامية للانتخابات الرئاسية تفجّر جدلاً حول الحرية والوصاية
تونس.. شروط التغطية الإعلامية للانتخابات الرئاسية تفجّر جدلاً حول الحرية والوصاية
رفضت الأوساط الإعلامية في تونس سعي هيئة الانتخابات إلى فرض شروطها على التغطية الإعلامية للفترة الانتخابية التي تسبق انتخابات الرئاسة، واعتبرت أن تدخلها في عمل وسائل الإعلام بإرسال التنبيهات هو نوع من الوصاية، بينما تؤكد الهيئة أنها لا تتدخل في الخط التحريري للمؤسسات الإعلامية.
وساد القلق في الأوساط الإعلامية المحلية العمومية والخاصة إزاء تعاطي هيئة الانتخابات مع المضامين الإعلامية المتعلقة بالمسار الانتخابي وذلك قبل حوالي شهرين من موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في تونس في السادس من أكتوبر المقبل وفقا لـ"إندبندنت عربية".
وضاعف هذا القلق التنبيهات التي وجهتها هيئة الانتخابات أخيراً لعدد من وسائل الإعلام الخاصة على خلفية ما اعتبرته "تعمداً للإساءة والاستهزاء بالهيئة والمسار الانتخابي، وخرقاً لقواعد وضوابط الفترة الانتخابية، وخاصة واجب الحياد والموضوعية والتوازن، في تغطية الشأن الانتخابي بالبرامج الحوارية والسياسية، علاوة على غياب الرأي المخالف" بحسب تقدير هيئة الانتخابات.
وتسببت تنبيهات الهيئة في إثارة الجدل في الوسط الإعلامي حول العلاقة بين هيئة مختصة بتنظيم الانتخابات وقطاع الإعلام، خصوصاً أن الهيئة تقول إن لها "الولاية الكاملة" على الانتخابات بما فيها المضامين الإعلامية المتعلقة بها.
في غياب الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري التي فقدت صلاحياتها في غياب الإرادة السياسية لتفعيلها، دخلت هيئة الانتخابات في تجاذبات مع الهياكل الإعلامية التي ترفض تدخلها في قطاع يفترض أن يكون مستقلاً.
ضغوط على الصحفيين
وعبرت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين في بيان لها عن "رفضها رقابة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على المضامين الصحفية مما يتعارض مع صلاحياتها ويتناقض مع أحكام الدستور والمعايير الدولية في مجال حرية الصحافة والتعبير"، داعية عموم الصحفيين إلى "مواصلة عملهم وفق المبادئ الأخلاقية والمعايير المهنية، وعدم الخضوع لأية صورة من صور الضغوط والتهديدات أياً كان مصدرها".
وأكدت عضو النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين أميرة محمد أن "هيئة الانتخابات تستند إلى ما تسميه الولاية الكاملة على الانتخابات، وخاصة بعدما استولت على صلاحيات الهيئة العليا المستقلة للإعلام والاتصال (الهايكا)، وباتت تعتبر الإعلام ومؤسساته تابعاً لها، وعليه الانضباط وفق قواعدها التي لا تمت للمهنية والحرفية بصلة، لأن أعضاءها ليست لهم معرفة أو خبرة في مجال الإعلام والتعاطي المهني مع الانتخابات في السياق الديمقراطي".
وأضافت أن هيئة الانتخابات ابتدعت مفاهيم جديدة مثل "الفترة الانتخابية"، التي تبدأ قبل موعد الحملة الانتخابية بأشهر من أجل إحكام سيطرتها على القطاع الإعلامي"، حسب تعبيرها.
وذكرت عضو النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، أن "وسائل الإعلام تواجه اليوم ضغوطاً من هيئة الانتخابات، علاوة على التهديد بالإحالة إلى القضاء وفق مقتضيات المرسوم (54) على خلفية ممارستهم لمهماتهم الصحفية ذات العلاقة بالمسار الانتخابي وبأداء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات"، مشددة على أن "هيئة الانتخابات تريد ممارسة دور الوصاية على وسائل الإعلام لعدم درايتها بمهنة الصحافة والإعلام". ومشيرة إلى أن "أهل المهنة لهم من الخبرة ما يؤهلهم لتغطية هذه الانتخابات بمهنية عالية نظراً إلى ما راكموه من تجارب من المحطات الانتخابية السابقة".
تلويح بمقاطعة التغطية
وحذرت أميرة محمد من أن تدفع الضغوط التي تمارسها هيئة الانتخابات على وسائل الإعلام والصحفيين، النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين لاتخاذ قرار بمقاطعة تغطية الانتخابات الرئاسية المقبلة، وهو ما سيضر بصورة تونس وهيئة الانتخابات"، مضيفة أن "الهيئة تعمل على تجريد الإعلام من دوره النقدي وجعله بوق دعاية لها".
يشار إلى أن المحطات الانتخابية السابقة تولت فيها الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري مراقبة أداء وسائل الإعلام في التعاطي مع الشأن الانتخابي، ودأبت على إصدار القرار المشترك مع هيئة الانتخابات الذي ينظم التغطية الإعلامية للانتخابات في إطار القواعد الأساسية للمهنة الصحفية.