رمضان في أفغانستان.. ملايين الأسر تعيش على الخبز والماء
رمضان في أفغانستان.. ملايين الأسر تعيش على الخبز والماء
عرف شهر رمضان المبارك في الإسلام بأنه وقت للاحتفال والرحمة والوحدة، ولكن مع اقتراب اقتصاد البلاد من الانهيار في أفغانستان، أصبح عدد العاطلين عن العمل في تزايد مستمر، وأضحت الكثير من الأسر معدومة الدخل وتلجأ إلى تدابير يائسة لإطعام أطفالها، الذين باتوا يعيشون فقط على الخبز والماء، فبعضهم أرسل أطفاله للعمل، وأضرم آخر النار في نفسه بسبب الضغوط الاقتصادية.
أجبرت التكلفة المتزايدة للطعام والدخل المفقود منذ وفاة زوجها مؤخرًا، "أمارا" على إرسال أطفالها للعمل في الشوارع، بعد العمل طوال النهار في شهر رمضان الكريم يكسب ابنها 0.72 دولار أمريكي في اليوم من حمل حقائب الأشخاص.
جمعت "أمارا"، 44 سنة، حصيلة عمل أطفالها وذهبت للتسوق، تقول: "صُدمت من أسعار الطعام، وشعرت بالإحباط، فأنا لا أستطيع إعالة الأطفال الثمانية، أو حتى إطعامهم، خاصة خلال شهر رمضان.
تقول "أمارا": "في معظم الأوقات ينام الأطفال وهم جوعى بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وفي شهر رمضان أصبحت التكاليف باهظة وغالبًا لا يكون لدينا ما نفطر به".
تتذكر "أمارا": "العام الماضي، كان شهر رمضان أفضل لأن زوجي كان يعمل وكان يوفر المال لشراء الطعام، كنا نأكل اللحوم والفاصوليا والعدس والأرز.. هذا رمضان صعب للغاية ومن الصعب العثور على طعام مغذٍ، تمر العشر ساعات بعد الصيام دون تناول أي طعام جيد".
وتضيف: "نحن مرضى وقلقون بشأن كيفية دعمنا لأنفسنا، لم أكن على استعداد لإجبار أطفالي على العمل، ولكن عندما يزداد الوضع سوءًا، وعندما لا يتوفر لدينا المال وليس لدينا ما نأكله، لا حل لدي سوى إرسالهم للعمل".
تقول "أمارة" باكية: "لقد سئمت من هذا الوضع.. لماذا أرسل ابنتي لبيع الأشياء في الشوارع؟ إنها تمزق قلبي، إنه صعب جدا، كنت أتمنى أن أرسلهم إلى المدرسة، ولكن من أين يأكلون".
وتشاطرها المعاناة "مريم"، 32 عامًا، التي انخفض دخل أسرتها بشكل كبير منذ أغسطس الماضي، ولم يعد بإمكانهم دفع إيجار البيت، حيث يذهب دخلهم بالكامل لشراء الطعام، الذي لا يكفي ولا يفيد.
تقول "مريم" قبل الانهيار، كان زوجي يعود إلى المنزل كل ليلة بأكياس بلاستيكية مليئة بالفواكه والخضروات الطازجة، لكن الآن، يعود إلى المنزل "خالي الوفاض".
"يشعر أطفالي أن طعامهم قد أُخذ منهم"، وتقول منهارة "لا أتمنى لأي شخص آخر مثل هذه الأيام التي نعيشها في رمضان هذا العام، آمل ألا يتكرر رمضان بهذا الوضع مرة أخرى".
تقول منظمة "إنقاذ الطفولة" إن ارتفاع أسعار المواد الغذائية في أفغانستان، والذي شهد تضاعف أسعار بعض المواد الغذائية تقريبًا منذ يونيو من العام الماضي، يعني أن العديد من العائلات وأطفالها يعيشون فقط على الخبز والماء في رمضان هذا العام.
ومنذ استيلاء طالبان على السلطة في أغسطس الماضي، ارتفعت تكاليف المعيشة وأسعار المواد الغذائية بشكل كبير، حيث ارتفع سعر كيلوغرام القمح بنسبة 45% تقريبًا مقارنة بشهر يونيو 2021.
ويقول البنك الدولي إنه من المرجح أن يكون الدخل قد انخفض بنحو الثلث في الأشهر الأخيرة من عام 2021.
وذكرت وسائل الإعلام المحلية هذا الأسبوع أن رجلاً عاطلا أضرم النار في نفسه في ساحة دهمزانغ في كابول بسبب ضغوط الضغوط الاقتصادية.
وتواجه أفغانستان واحدة من أسوأ الأزمات الغذائية في التاريخ، ومن المتوقع أن يواجه نصف السكان -23 مليون شخص، بينهم 14 مليون طفل- الجوع هذا العام، وهي زيادة مقلقة بحسب كافة منظمات العمل الإنساني.
وتؤكد التقارير، أن الأطفال هم الأكثر ضعفا خلال أزمة الجوع، فبدون ما يكفي من الغذاء والتغذية السليمة، يمكن أن يصابوا بسوء التغذية الذي يمكن أن يؤدي إلى المرض والالتهابات والتقزم وحتى الموت.
يقول المدير القطري لمنظمة إنقاذ الطفولة في أفغانستان، كريس نياماندي: "رمضان يختلف اختلافًا جذريًا بالنسبة للعديد من العائلات في أفغانستان هذا العام، في نهاية يوم الصيام، عادة ما تأكل العائلات وجبة معًا تسمى الإفطار، حيث تتم مشاركة العديد من الأطباق، ومع ذلك، يخبرنا الآباء أنهم في حالة ذهول لأنهم لا يستطيعون تقديم وجبة الإفطار المعتادة لأطفالهم وأنهم في بعض الأحيان يأكلون الخبز فقط بعد الصيام لأكثر من 12 ساعة".
ويضيف: "حتى قبل رمضان، كافحت العديد من العائلات لتوفير 3 وجبات في اليوم لأطفالها واضطرت إلى تخطي وجبات الطعام وتقليل أحجام الحصص أو إزالة الأطعمة المغذية مثل الفاكهة والخضروات من نظامهم الغذائي".
ويقول نياماندي "من الصعب للغاية فهم كيف يمكن للعالم أن يقف متفرجًا ويشاهد إحدى أسوأ أزمات الجوع تتكشف، تمتلئ عياداتنا كل يوم بالأطفال الذين لا يتمتعون سوى بجلد وعظام، ويقضي أطباؤنا ليال بلا نوم في محاولة لمعرفة كيفية إنقاذهم.. الحلول موجودة ويجب على العالم أن يتحرك الآن".
“يجب على الحكومات الدولية تقديم تمويل إنساني عاجل، والإفراج عن الأصول المجمدة في الاقتصاد الأفغاني والعمل على استقرار الركائز الأساسية للنظام المالي”.