«واشنطن بوست»: استقالات جماعية في وزارة العدل بسبب «أجندة ترامب»
«واشنطن بوست»: استقالات جماعية في وزارة العدل بسبب «أجندة ترامب»
أعادت مديرة قسم الحقوق المدنية الجديدة بوزارة العدل الأمريكية، هارميت ك. دهيلون، توجيه أنشطة القسم بشكل جذري منذ أدائها اليمين الدستورية مطلع الشهر الحالي، في تغييرات وُصفت بأنها الأوسع منذ تأسيس القسم.
وفقًا لتقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست"، الثلاثاء، وجهت دهيلون طاقم المحامين للتركيز على ملفات جديدة، من بينها مكافحة معاداة السامية، والتصدي لما عدته "التحيز ضد المسيحيين"، فضلًا عن معارضة مشاركة المتحولات جنسيًا في الرياضات النسائية، ورفض ما تطلق عليه "أيديولوجية اليقظة" المرتبطة بسياسات التنوع والتعددية التي تبنتها إدارات سابقة.
وأعادت دهيلون كتابة بيانات المهام في معظم أقسام المكتب، لتقلص التركيز على قضايا التمييز العرقي، وتوسّع التدقيق في مبادرات التنوع، وأدت هذه التحولات إلى إعادة تعيين أكثر من 12 موظفًا قانونيًا، بينهم رؤساء أقسام مختصون بملفات حساسة كعنف الشرطة، وحقوق ذوي الإعاقة، وحقوق التصويت، وذلك في مناصب بعيدة عن اختصاصاتهم.
إجراءات دفعت للاستقالة
وأكدت مصادر مطلعة أن هذه الإجراءات دفعت عددًا كبيرًا من المحامين إلى الاستقالة، خاصةً مع اقتراب موعد انتهاء عرض قدّمه البيت الأبيض يسمح للموظفين الفيدراليين بالاستقالة مع الحفاظ على رواتبهم حتى سبتمبر.
وصرّحت دهيلون خلال مقابلة إذاعية مع المذيع المحافظ غلين بيك أن أكثر من 100 محامٍ بالقسم قرروا مغادرة مناصبهم بسبب رفضهم لتوجه الإدارة الجديدة.
وقالت دهيلون: "هذا جيد.. لا نريد موظفين يرون أن مهمتهم الأساسية هي استهداف أقسام الشرطة استنادًا إلى بيانات إحصائية، أو ملاحقة المصلين أمام عيادات الإجهاض بدلًا من التركيز على القوانين الفيدرالية للحقوق المدنية".
وفقًا لمصادر من داخل الوزارة، فإن القسم كان يضم نحو 380 محاميًا قبل تنصيب ترامب لولاية ثانية، وقد غادر نصفهم تقريبًا أو أعلنوا نيتهم المغادرة.
تأسيس القسم وتغير أولوياته
أسس الكونغرس قسم الحقوق المدنية عام 1957 بموجب قانون الحقوق المدنية، واضطلع بمهمة التصدي للتمييز العنصري وتعزيز الحقوق الدستورية لجميع المواطنين، لا سيما الفئات المستضعفة.
يتضمن القسم 11 وحدة متخصصة في مجالات مثل التعليم، والسكن، والعمل، والتصويت، وغيرها من المجالات التي تمس حياة المواطنين مباشرة، أعرب العديد من المدافعين عن الحقوق المدنية عن قلقهم من أن هذه التحولات تُجرد القسم من مهمته الأساسية.
وحذّرت المحامية السابقة بالوزارة، ستايسي يونغ، المؤسسة لمنظمة "جاستس كونيكشن"، من أن هذه التغييرات تقوّض إرثًا قانونيًا امتد سبعة عقود، وقالت: "طول 70 عامًا، التزم القسم بتطبيق القوانين التي أقرها الكونغرس لتعزيز المساواة والكرامة لجميع الأمريكيين.. والآن، تعرقل وزارة العدل هذا الدور بإقصاء الغالبية العظمى من المحامين".
تغييرات في التوجهات الأيديولوجية
اعتاد القسم على تغييرات في التوجهات الأيديولوجية بين الإدارات الجمهورية والديمقراطية، لكن عدة مسؤولين سابقين وصفوا التحول الحالي بأنه الأكثر تطرفًا منذ عقود.
وأشار أحد هؤلاء إلى أن القسم، خلال ولاية ترامب الأولى، لم يتخذ خطوات صارمة ضد الشرطة، لكنه واصل العمل على قضايا الكراهية وحقوق ذوي الإعاقة، وهي مهام لم تُلغَ بالكامل حينها.
وأكدت مصادر مطلعة لـ"فايننشيال تايمز"، أن معظم وحدات القسم خضعت لتعديلات هيكلية خلال الأسابيع الماضية، ما جعل وحدة حقوق العمال والمهاجرين تركز الآن على منع تفضيل العمال الأجانب على الأمريكيين في التوظيف، بدلًا عن حماية العمال المهاجرين من التمييز.
وأعيد توجيه محامين مختصين بقضايا التمييز ضد الأقليات في التعليم للعمل على التحقق من عدم وجود مشاعر معادية للسامية في المؤسسات التعليمية.
قسم واحد بقي على حاله
استثني القسم الجنائي من هذه التغييرات الواسعة، وهو الجهة المعنية بملاحقة جرائم الكراهية والاتجار بالبشر، وبحسب المصادر، فإن هذا القسم لم يشهد موجة استقالات كتلك التي شهدتها باقي الوحدات.
وأعادت دهيلون صياغة بيانات المهام في مكاتب القسم بما يتماشى مع أوامر تنفيذية للرئيس ترامب، تحت عناوين مثل "إنهاء التلقين المتطرف في المدارس"، و"حماية الرياضات النسائية"، و"التصدي للتمييز ضد المسيحيين".
وقالت خلال بودكاست إذاعي: "رسالتي إلى المحامين واضحة: هذه أولويات الرئيس، وهذا هو اتجاه العمل.. التزموا بها أو غادروا".
وصرّحت فانيتا جوبتا، التي شغلت سابقًا منصب المدعي العام المساعد خلال إدارة بايدن ومديرة قسم الحقوق المدنية في عهد أوباما، بأن هذه التحولات تمثل انقلابًا على فلسفة القسم بالكامل، وأوضحت: "الأمر لا يتعلق بمجرد تغيير في السياسات، بل باستخدام القسم أداة ضد الفئات التي أنشئ لحمايتها.. نزوح هذا العدد من المحامين غير مسبوق، وهو أمر مبرر في ظل ما يحدث".