قطع الإنترنت في إيران يُشعل أزمة.. هل هو "حلقة جديدة من الحصار"؟
قطع الإنترنت في إيران يُشعل أزمة.. هل هو "حلقة جديدة من الحصار"؟
وجّهت خمس هيئات نقابية متخصصة في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في إيران، تحذيرًا رسميًا إلى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، من تداعيات تقييد الإنترنت على الأمن القومي، والاقتصاد الرقمي، والتكامل العالمي لإيران.
وانتقدت النقابات، في رسالة مشتركة، استمرار قطع الإنترنت، قائلةً إنه لا يُعزز الأمن السيبراني كما تزعم السلطات، بل يُكمل "الحصار الشامل" المفروض على البلاد منذ سنوات نتيجة العقوبات الدولية، بحسب ما ذكرت شبكة “إيران إنترناشيونال” اليوم الاثنين.
وحذّرت النقابات الموقعة على الرسالة -ومن أبرزها منظمة النظام المهني للحوسبة واتحاد الأعمال الرقمية الوطنية- من أن القيود على الإنترنت تؤدي إلى فصل إيران عن التفاعلات الاقتصادية والعلمية والاجتماعية العالمية.
ورأت النقابات أن هذا الانفصال لا يهدد فقط الابتكار المحلي، بل يجعل البلاد أكثر عرضة للهجمات الخارجية، حيث تفقد الشركات والدول الأجنبية مصالحها داخل إيران، ما يسهل على "الأعداء" مهاجمتها، على حد تعبير البيان.
ووصفت الرسالة قطع الإنترنت بأنه "حالة طوارئ غير معلنة" في الفضاء السيبراني، تُشبه -من حيث التأثير- إعلانًا للحرب الرقمية.
تعزيز الأمن السيبراني
دعت الهيئات النقابية إلى إعادة فتح قنوات الاتصال الدولية، مؤكدين أن تعزيز الأمن السيبراني لا يتم عبر العزلة، بل من خلال التحديثات البرمجية المستمرة، والتعاون مع مراكز الإنذار المبكر العالمية، والبقاء على اتصال مع المجتمع التكنولوجي الدولي.
وحذرت الرسالة من "تعطيل كارثي" قد يصيب أنظمة البنى التحتية الحساسة في البلاد، بسبب الانقطاع المستمر عن مصادر المعرفة والابتكار العالمية.
وقد وقّع على الرسالة ممثلون عن جمعية التجارة الإلكترونية بطهران، ولجنة تكنولوجيا المعلومات في غرفة التجارة، ولجنة الابتكار والإنتاجية في غرفة طهران، إلى جانب منظمات مهنية أخرى.
20 ألف هجوم سيبراني
سُجّل التصعيد في تحذيرات النقابات بعد الحرب الإلكترونية التي اندلعت بالتزامن مع النزاع العسكري بين إيران وإسرائيل في يونيو الماضي.
واعترفت وزارة الاتصالات الإيرانية، يوم 22 يوليو الجاري، بتعرض البنية التحتية الإيرانية لأكثر من 20 ألف هجوم سيبراني خلال فترة الحرب التي استمرت 12 يومًا.
وشملت الهجمات قطاعات مالية ومصرفية، وأنظمة اتصالات حساسة، في حين بادرت الحكومة منذ اليوم الخامس من النزاع إلى تقييد خدمات الإنترنت ثم قطعها بالكامل في عموم البلاد.
تراجع اقتصادي حاد
كشف وزير الاتصالات الإيراني عن تراجع بنسبة 30٪ في معدلات التوظيف بقطاع الاقتصاد الرقمي، فيما أعلنت جمعية الأعمال الإلكترونية، في 2 يوليو، أن أكثر من 400 ألف مشروع تجاري صغير ومتوسط بات مهددًا بالإغلاق.
وقدّر مراقبون محليون أن ملايين الإيرانيين معرضون لفقدان مصادر دخلهم بسبب الشلل الذي أصاب التجارة الإلكترونية والمنصات الرقمية، في ظل تواصل القيود على الإنترنت.
ووصفت الجمعيات المهنية هذه الخسائر بأنها "أثر جانبي قاتل" لقرارات أمنية لم تُدرس عواقبها الاقتصادية والاجتماعية.
الحكومة تبرر الانقطاع
برّرت السلطات الإيرانية القيود المشددة على الإنترنت بأنها ضرورية لمنع استخدام إسرائيل للطائرات المسيّرة عبر شرائح الاتصال الإيرانية، والحد من اختراق التطبيقات الأجنبية مثل "واتساب" و"تلغرام"، إلا أن خبراء عسكريين وتقنيين نفوا صحة هذه الادعاءات، مشيرين إلى غياب الأدلة التقنية، واستحالة تعطيل هجمات سيبرانية أو طائرات مسيّرة بقطع الإنترنت عن المستخدمين المدنيين.
وأكد محللون أن الإجراءات المتخذة لا تتوافق والمعايير الفنية للأمن السيبراني، بل تشير إلى ضعف في البنية الدفاعية ومحاولة لتقليل الضرر عبر العزلة بدلاً من المواجهة التقنية.
هل تنفصل إيران عن الشبكة العالمية؟
شهدت السنوات الأخيرة تصاعدًا في التوجه الإيراني نحو "الإنترنت الوطني"، وهو مشروع تديره الدولة يهدف إلى استبدال الإنترنت العالمي بمنصة داخلية خاضعة للرقابة.
لكن خبراء حذروا من أن هذا التوجه يفاقم عزلة إيران ويحدّ من قدرتها على الابتكار التكنولوجي والدفاع الرقمي، خاصة في مواجهة الهجمات الإلكترونية المعقدة العابرة للحدود.
وأثارت هذه التوجهات انتقادات متزايدة من رجال أعمال وطلاب جامعات ومطوري برمجيات يرون أن "الانفصال الرقمي" يضرّ بمستقبل البلاد أكثر مما يحميها.